الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ماذا لو أصبحت الدكتورة "الراقصة" رئيسة مصر؟

د. منى برنس
ماذا لو أصبحت الدكتورة "الراقصة" رئيسة مصر؟
ماذا لو أصبحت الدكتورة "الراقصة" رئيسة مصر؟
A+ A-

تخيّل معي أيها القارئ/ة العزيز/ة كيف ستصبح مصر اذا ترأستها الأستاذة التي اشتهرت اعلاميا بـ"الدكتورة الراقصة". أشد المصريين جهامة سيبتسم اذا ابتسمت في وجهه. قد يرتبك أولا، لكنه سيبتسم في النهاية، وقد تتسع الابتسامة لضحكة قد تجلجل ليصل صدحها عنان السماء. فما بالك إذا صارت رئيسة بلده واحدة من تلك التي تشيع البهجة في النفوس بصخبها ومرحها وحبها للحياة. لا ينقصنا بالطبع المرح وحب الحياة. بل التحرر من الخوف. وهذا لا يبدأ من القرارات الفوقية، بل يبدأ بنا، من داخلنا، ولا اعتقد أن هناك ما يفك عضلات الانسان وأعصابه وتوتره مثل الرقص. 

تخيّل معي كيف ستستعيد المرأة نفسها وجسدها وأناقتها التي اختفت بسبب الوهابية والسلفية الوافدة من خارج مصر، والتي غطّت المصريات بالسواد، كأنهن في حداد لا نهائي. ستستعيد المرأة المدينية زمن الخيّاطة والترزي والتفصيل، وفقا لمجلات الموضة، والمرأة الريفية جلاليبها الملونة والمطرزة التي تتمايز من ريف إلى آخر. ستعود محلات الأقمشة التي اختفت وحلّت مكانها محال "الباديهات الكارينا" والعباءات السوداء المستوردة. ستنشط مصانع الغزل والنسيج، وتعيد الينا بهاء القطن المصري بمختلف أشكاله، ونتخلص من تلك الملابس المولفة صناعيا التي لا تتناسب مع الجو في مصر عموما. ستعود الى المرأة المصرية فرادتها بعد عقود من التنميط.

تخيّل معي كيف سيتستعيد الرجل بهاءه، كي لا يقل اشراقا عن المرأة. الرجل الذي ما ان تعبأت المرأة في عباءة سوداء، أصبح هو الآخر لا يكترث بشكله وجسده. وإذا لم يصح البدن، لم يصح العقل بالضرورة.

منذ ان تسيّدت القيم الاستهلاكية الشكلية الوافدة شرقا وغربا، والتي تلغي بالضرورة التفرد واستعمال العقل، اختفت القيم الثلاث الأولى التي تعلمناها في طفولتنا: الخير، الحق، والجمال. وشاع النهم والاستغلال والكآبة والقبح. كيف يمكن إذن أن نطوّر أنفسنا وإمكاناتنا ومن ثم بلدنا، إذا كنا لا نعيش كأشخاص متفردين، بل ككقطيع جمعي يستهلك الكلام نفسه والأفكار نفسها، والملابس نفسها، حتى فقدنا الاحساس بأنفسنا، وهو الاحساس الأولي الأساسي الذي يجعل من كل كائن كائنا متفردا قائما بذاته.

أن ترقص معناه أن يتمايل جسدك أنت أولا، أن تشعر بنفسك أنت أولا، أن تبتهج أنت أولا، ثم يشاركك الآخرون. وتبدأ الحياة بكل ما تعنيه الكلمة وما ينتج منها.

منذ أن ابتدأ المصري القديم العمل في الزراعة والمباني الطينية والحجرية، ابتدع أيضا الكلمات المقفاة التي يمكن ترديدها على لحن صوتي بسيط كي يقوم بعمله بحماسة وسرور. وحتى يومنا هذا، سنجد العمال والأنفار يغنون أثناء اعمالهم اليدوية المتنوعة، أو يشغلون الأغاني من خلال هواتفهم المحمولة.

هل الرقص يقلل هيبة الرئيس/ة؟ 

شخصيا، لا يعنيني أن أرى الرئيس/ة تصلي في كنيسة او معبد أو جامع. لكنني سأحب وسأسعد قطعا أذا رأيته/ا ترقص وتراقص المواطنين والمواطنات في الشوارع والمزارع والمصانع التي ستتابع عملها من أطراف مصر القصية حتى مركزها. أحب أن أرى انسانا طبيعيا يقوم بعمله ويستمتع أيضا وينشر البهجة حواليه، فيزيد الحماسة وتتجدد الطاقة للعمل. وكلما ارتقى الحاكم بنفسه وسما بجسده وعقله وروحه، ارتقى الشعب أيضا وبالمثل.

فالأصل والأساس هو الانسان. وليس كمثل الرقص من رقي في تناغمه مع الموسيقى وتناسق حركات الجسم وتوحدها مع الروح التي هي من الله. أما الخطط والبرامج، القصيرة المدى أو الطويلة الأجل، فهي ليست وحيا من الله لشخص بعينه، بل نتاج أفكار وجهد انساني يقوم به المتخصصون، كلّ في مجاله/ا، وينجزها هذا الشعب المنهك جسديا وعصبيا، والذي في حاجة ماسة، من دون شك، إلى الرقص ونفض كل ما يعلق بروحه وجسده من سموم، فيستعيد نفسه وهويته وقدرته علي الإبداع.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم