الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ترامب يهاجم الجميع باستثناء روسيا... أسبوع الفضائح السياسية والجنسية

هشام ملحم
هشام ملحم
ترامب يهاجم الجميع باستثناء روسيا... أسبوع الفضائح السياسية والجنسية
ترامب يهاجم الجميع باستثناء روسيا... أسبوع الفضائح السياسية والجنسية
A+ A-

خلال 24 ساعة، شنّ الرئيس ترامب هجمات لاذعة ضد مكتب التحقيقات الفدرالي، "أف بي آي"، وأنّب بفظاظة مستشاره لشؤون الأمن القومي، الجنرال أيتش آر ماكماستر، ووضع اللوم على الحزب الديموقراطي للتدخل الروسي في انتخابات الرئاسة في 2016 . كما انتقد كبير الديموقراطيين في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف، ولم ينس توجيه إهانة الى هيلاري كلينتون. كما خص ترامب سلفه باراك اوباما بتغريدة غريبة بمضمونها وتوقيتها قائلاً إنه لا يستطيع استيعاب حقيقة أن اوباما بعث لإيران بـ1.7 مليار دولار نقداً واستغرب عدم قيام أي عضو في الكونغرس أو "أف بي آي" أو وزارة العدل بالتحقيق بالامر. (ترامب لا يدرك ان هذا المبلغ هو نتيجة تسوية قانونية لما كانت الولايات المتحدة تدين به لإيران كثمن لصفقة عسكرية دفعتها إيران قبل الثورة الاسلامية في 1979).

وحفلت هذه التهم التي أطلقها ترامب في سلسلة من التغريدات الغاضبة في ساعات متأخرة من مساء السبت والساعات المبكرة صباح الاحد، بالأخطاء الإملائية، وبالعبارات البذيئة. وكالعادة نضحت تغريدات ترامب بادعاءات غير صحيحة وغريبة مثل إصراره انه لم يقل ان التدخل الروسي في الانتخابات هو خدعة، وانه استخدم هذه الكلمة في سياق الحديث عن احتمال تورط حملته بالتدخل الروسي. ويبين سجل ترامب المكتوب والمرئي والمسموع انه استخدم كلمة "خدعة" عشرات المرات وهو يفند اتهامات الديموقراطيين بأن الروس قد تدخلوا في الانتخابات. الغضب الساطع لترامب والآتي من منتجعه في مارا لاغو في ولاية فلوريدا، سببه المباشر قرار المحقق الخاص روبرت مالر يوم الجمعة إحالة 13 مواطناً روسيا و3 كيانات روسية الى المحكمة بسبب تدخلهم السافر في الانتخابات. حدة تغريدات ترامب وخطورتها بأنها نابية حتى بمقاييسه المتدنية.

وبعد الكشف عن لائحة التهم الموجهة للروس، والمؤلفة من 37 صفحة والتي قرأها نائب وزير العدل رود روزنستين سارع ترامب الى اطلاق تغريدته الاولى مبرئاً نفسه من تهمة التواطؤ مع الروس، مشيراً الى ما قاله مالر من أن روسيا بدأت حملتها في الولايات المتحدة في 2014 قبل ان يرشح نفسه للرئاسة، وادعى ان التدخل الروسي لم يؤثر في نتائج الانتخابات، مشدداً على ان "حملة ترامب لم تقم بأي عمل خاطئ. لا تواطؤ".  

وخلال هذه الأيام الصعبة لترامب، طارده ماضيه الشخصي بشكل فضائح جنسية ارتكبها بعد زواجه من زوجته الثالثة ميلانيا، التي لوحظ انها لم تصطحبه في جميع نشاطاته العلنية في الايام الماضية. هذه الفضائح الجنسية ارتبطت بدفع أموال لشراء صمت ممثلة أفلام دعارة وعارضة صورت عارية في مجلة "بلاي بوي". وحتى الان لم يتحدث البلاي بوي السابق الذي يقيم الان في البيت الابيض عن غزواته الجنسية السابقة وما إذا كان هو الذي اشترى بشكل غير مباشر صمت الممثلة والعارضة، وتفسير صمت الزوجة.

الأمر اللافت والسافر في هذه التغريدات ليس فقط رداءتها وفظاظتها وأكاذيبها، بل أيضاً في ما لا تتضمنه: الرئيس الاميركي يطلق نصاله ضد أهداف ومؤسسات اميركية وشخصيات مسؤولة أو منتخبة، ولكنه لم ينتقد روسيا التي اتهمها المحقق مالر بشكل دامغ بالتدخل في الانتخابات، وذلك بعد ايام من تأكيد رؤساء ابرز اجهزة الاستخبارات الاميركية علناً امام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ان روسيا تدخلت في انتخابات 2016، وسوف تتدخل في الانتخابات النصفية في نهاية السنة الجارية. ترامب لم يتجرأ على توجيه كلمة نقد واحدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولا يزال صامتاً حول ما يعتزم أو لا يعتزم القيام به للرد على هذا التدخل الروسي السافر في العملية الديموقراطية الاميركية.

وكان الكونغرس في نهاية السنة الماضية قد فرض عقوبات ضد روسيا بسبب تدخلها في الانتخابات، ولكن الرئيس ترامب الذي وقع مشروع القانون بتردد، لا يزال يرفض تطبيق القانون، الموجه ضد الصناعات العسكرية الروسية من خلال مقاطعة الدول التي تشتري أسلحة روسية. وفي آخر الشهر الماضي أعلمت الخارجية الاميركية الكونغرس انها لن تنفذ العقوبات، لان مجرد اقرار القانون "دفع بالحكومات الاجنبية للتخلي عن خططها لشراء الاسلحة الروسية" وفقاً لما قالته الناطقة باسم الخارجية هيذير ناورت. مواقف ترامب وتغريداته الاخيرة دفعت بالمعلق توماس فريدمان للقول إن ترامب إما يخفي اشياء تهدده مثل حصوله على قروض وأموال من شخصيات أوليغارشية مقربة من بوتين (الأمر المرجح)، أو ان لدى الاستخبارات الروسية اشرطة فيديو لسلوكيات جنسية محرجة التقطت له خلال تنظيمه لمسابقة ملكة جمال الكون في روسيا قبل سنوات، او انه بالفعل يصدق الرئيس بوتين حين ينفي تدخله في الانتخابات، الامر الذي يعتبره فريدمان بمثابة اخفاق اجرامي من ترامب بالقيام بوظيفته كرئيس للبلاد. وينهي فريدمان مقالته في صحيفة "النيويورك تايمس" بالقول: "هذا وضع لا يمكن التسامح معه. هذا أقصى تحذير. الخطر الاكبر على نزاهة ديموقراطيتنا اليوم موجود في المكتب البيضوي"، في اشارة الى الرئيس ترامب.

تغريدات ترامب عكست مدى غضبه وإحباطه وشعوره بالعزلة وبأن الخناق يضيق عليه، وهذا يفسر تبريراته الغريبة لمضاعفات التحقيق في التدخل الروسي بالانتخابات. ترامب، مثلاً، وضع اللوم على حكومة الرئيس أوباما لأنها لم تكشف ان روسيا كانت تعمل على التدخل في الانتخابات عندما كان أوباما في البيت الابيض، وهذا ادعاء غير صحيح، وان كان يمكن لوم إدارة اوباما بانها لم تتحرك بسرعة أكثر ولم تفرض عقوبات أقوى. ولكن هجومه ضد الـ "أف بي آي" كان نافراً بالتحديد. فقد استغل ترامب اخفاق "أف بي آي" بالتحقيق في خلفية الشاب نيكولاس كروز الذي ارتكب جريمة قتل جماعي قبل ايام، حين أطلق النار من بندقية وقتل 17 طالباً وأستاذاً في مدرسة ثانوية في فلوريدا، وادعى أن هذا الاخفاق يعود "لانهم امضوا وقتاً طويلاً لاثبات تواطؤ روسيا مع حملة ترامب. ولكن لا تواطؤ". ولكن استغلال ترامب لهذه الفجيعة عرضه الى انتقادات حتى من الجمهوريين، وقال حاكم ولاية أوهايو الجمهوري جون كاسيتش أن كلام ترامب "سخيف"، بينما قال حاكم ولاية نيوجرسي السابق وصديق ترامب، كريس كريستي، ان ترامب يجب ألا يتدخل في عمليات تطبيق القانون.

خلال وجوده في ميونيخ للمشاركة في مؤتمر سنوي للقضايا الامنية، قال مستشار الامن القومي أيتش آر ماكماستر تعليقاً على لائحة الاتهامات التي اعلن عنها المحقق مالر، ان التحقيقات الشاملة تبين بشكل ملموس ان التدخل الروسي في الانتخابات الاميركية أمر "لا يقبل الجدل". ولم يسلم المستشار ماكماستر من غضب ترامب الذي غرد غاضباً ان "الجنرال ماكماستر نسي أن يقول إن نتائج انتخابات 2016 لم تتأثر بروسيا، وان التواطؤ الوحيد كان بين روسيا وكلينتون غير المستقيمة...".

لائحة الاتهامات التي صاغها المحقق مالر، تطرقت الى بعض الحقائق المعروفة من قبل ولكنها شملت تفاصيل جديدة وكشفت مدى خطورة شبكة التجسس الروسية في الولايات المتحدة، التي سعت بنجاح الى تعميق الاستقطابات السياسية في البلاد، وكان هدفها كما قال احد المتهمين تشجيع الاميركيين على انتخاب ترامب عبر "حرب اعلامية ضد الولايات المتحدة". وبلغت كلفة نشاطات الشبكة الروسية 1.25 مليون دولار شهرياً. هذا المبلغ استخدم لنشاطات انتخابية شملت منظمات وهمية وناشطين بأسماء اميركية لهم حسابات وهمية للتأثير على الجدال في فايسبوك وفي شبكة تويتر، بما في ذلك تنظيم التظاهرات من خلال استخدام فروع وهمية للحزب الجمهوري، وتشكيل منظمات جمهورية تدعي تمثيل المسلمين في الولايات المتحدة وتؤيد هيلاري كلينتون، لإبعاد الناخبين أكثر عن كلينتون.

اتهامات المحقق مالر للروس بالاسم، جاءت في نهاية أسبوع رديء لترامب. البيت الابيض كان يعاني مضاعفات فضيحة جديدة لمساعد ترامب المحامي روب بورتر الذي اتهمته زوجتاه السابقتان باساءة معاملتهما نفسياً وجسدياً. واظهرت التحقيقات انه لهذا السبب لم يحصل بورتر على شهادة او ترخيص من "أف بي آي" حتى بعد سنة من وجود ترامب في البيت الابيض. وكشفت تقارير صحافية لاحقة ان هناك عشرات المسؤولين في ادارة ترامب، من بينهم صهره جاريد كوشنر لم يحصلوا على ترخيص كامل من السلطات الامنية للاطلاع على أسرار الدولة.

فضائح ترامب السياسية هذه، لم تطمس كليا فضائحه الجنسية في السنوات الماضية بعد زواجه من ميلانيا ترامب. وكان محامي ترامب الشخصي مايكا كوهين قد اكد الاسبوع الماضي انه دفع من حسابه الخاص مبلغ 130 الف دولار قبل انتخابات 2016 لممثلة أفلام (البورن) الدعارة ستورمي دانيالز التي ربطتها بترامب علاقة جنسية بعد زواج ترامب من زوجته الثالثة. وقيل إن ستورمي دانيالز كانت تعتزم إعطاء قصتها مع ترامب الى إحدى المطبوعات، وان المبلغ هو لشراء صمتها. وفي الاسبوع الماضي كشفت مجلة "النيوركير" وهي من أبرز وأهم المطبوعات في البلاد عن عارضة صورت عارية في مجلة "بلاي بوي" تدعى كارين ماكدوغال ارتبطت بعلاقة جنسية مع ترامب بعد أشهر من ولادة ابنه بارون قبل 12 سنة. وكشفت المجلة في مقال مطول أن مجلة "ناشيونال انكوارير" الصفراء التي تختص بالفضائح الجنسية والأخبار الغريبة والوهمية دفعت لماكدوغال مبلغ 150 الف دولار لشراء حق نشر قصتها مع ترامب. ولكن المجلة لم تنشر أي شيء عن هذه العلاقة، لأن مدير تحريرها صديق شخصي لترامب. أي إن المجلة الفضائحية عملياً اشترت قصة ماكدوغال لطمسها بعد ضمان صمتها، بما يتناسب مع ما يريده دونالد ترامب. هذا حصاد أسبوع واحد، في بداية السنة الثانية من ولاية دونالد ترامب الرئيس الخامس والاربعين للولايات المتحدة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم