الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

المواجهة الاسرائيلية-الايرانية الاخيرة قد لا تكون "إلّا البداية"

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
المواجهة الاسرائيلية-الايرانية الاخيرة قد لا تكون "إلّا البداية"
المواجهة الاسرائيلية-الايرانية الاخيرة قد لا تكون "إلّا البداية"
A+ A-

قائد القيادة الشماليّة في الجيش الإسرائيليّ اللواء يوئيل ستريك أوضح أمس الأحد أنّ "إيران تريد إقامة قاعدة عملانيّة متقدّمة هدفها مهاجمة إسرائيل. لن نسمح بذلك ... لن نسمح لإيران بتهديد استقرار المنطقة برمّتها". لكنّه مثل كونريكوس تفادى استخدام أسلوب أكثر حدّة يمكن أن ينبئ بحرب شاملة: "لسنا منحازين باتّجاه التصعيد، لكن لدينا قدرات على مستويات عليا ولن نتردّد في استخدامها". وفي هذين التصريحين ما يؤشّر إلى وجود جوّ لدى الجيش الإسرائيليّ يحبّذ عدم التصعيد خوفاً من حرب إقليميّة شاملة.


قواعد الاشتباك.. تغيّرت لم تتغيّر

تحدّث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن توجيه "ضربة قويّة إلى جيوش #إيران و #سوريا" مشيراً إلى "أنّنا سنستمرّ بالردّ على أي محاولة لإيذائنا". وفي اجتماع وزاريّ الأحد قال إنّ "قواعد الاشتباك لم تتغيّر بأيّ طريقة كانت ... هذه كانت سياستنا وستبقى سياستنا". وقال إنّ إسرائيل لم تُسقط الدرون مباشرة وتضرب مركز القيادة التي أطلِقت منها وحسب بل هاجمت بقوّة أهدافاً إيرانيّة وسوريّة أخرى. وبالرغم من ذلك، كان الأخير قد أعلن مساء السبت أنّ "إسرائيل تريد السلام" قبل أن يعود ويرفع سقف التهديد ضدّ الإيرانيّين.



في المقابل، تبدو إسرائيل كأنّها باتت تواجه معضلتين بدلاً من واحدة في سوريا بعد أحداث يوم السبت. ففي حين كانت تراقب تمدّد المقاتلين الموالين لإيران على حدودها الشماليّة، بدا أنّ إسقاط الدفاعات السوريّة لمقاتلة "أف-16" هو حدث يغيّر قواعد الاشتباك ولهذا السبب بادر نتنياهو إلى التشديد على أنّ هذا الأمر لم يتبدّل. فهذه القواعد هي التي تحدّد آليّة انخراط الطيران الإسرائيليّ في ضرب القواعد الإيرانيّة داخل سوريا ضمن الاستراتيجيّة التي رسمتها الحكومة الإسرائيليّة في هذا الإطار. لذلك، إن تغيّرت قواعد اللعبة، فستضطر إسرائيل على الأرجح تعديل استراتيجيّتها بما يتناسب مع الواقع الجديد، وهذا ما لا يمكنها أن تتحمّله.


"حالة رعب"

من هنا أيضاً، عبّر المراسل السابق لصحيفة "هآرتس" دانيال سوبلمان عن هذا التخوّف كاتباً أنّ إسرائيل لا تريد أن يتحوّل حادث السبت إلى "مكسب على مستوى صياغة قواعد الاشتباك". وفي السياق نفسه، علت أصوات إسرائيليّة متفرّقة ضدّ التصعيد العسكريّ والكلاميّ الذي أعقب إسقاط الأف-16، من بينها صوت القائد الأسبق للمنطقة الشماليّة الجنرال عميرام ليفين. فالأخير أعلن أنّه "كان يجب الاكتفاء بإسقاط الدرون التي دخلت مجالنا الجوّيّ. ليس على بلد واثق بنفسه أن يثبّت علناً خطوطاً حمراء لأنّ هذا يعكس (حالة) رعب". بناء على هذا الأساس، قد يكون المراقبون الذين يتوقّعون عدم احتواء أحداث السبت محقّين، إذا كانت إسرائيل تريد منع الإيرانيّين من صياغة قواعد جديدة للّعبة على المدى الطويل. وحتى مع توقّف التصعيد العسكريّ بين الطرفين في اليوم نفسه، يمكن لتداعيات إسقاط المقاتلة أن تعيد إشعال فتيل التوتّر في مرحلة لاحقة.


المقاتلات الإسرائيليّة "ليست منيعة"

يرى دايفد مالبفينغر في صحيفة "نيويورك تايمس" الأميركيّة أنّ ما جرى السبت "لم ينتهِ. إنّه فقط البداية". فإيران تريد قاعدة مستمرّة في #سوريا تريد من خلالها تهديد الإسرائيليّين وهو أمر تصمّم إسرائيل على تلافيه، كما يشرح الصحافيّ. وينقل عن الباحث في "مجموعة الأزمات الدوليّة" أوفر زالزبيرغ إشارته إلى "أنّنا نرى إعادة تفاوض حول قواعد اللعبة على مستوى نوع النشاط العسكريّ الذي يتساهل كلّ طرف بوجوده لدى (الطرف) الآخر". وأضاف أنّ العالم سيشهد المزيد من الاحتكاكات طالما أنّ هنالك شعوراً متزايداً بأنّ للرئيس السوريّ "اليد العليا" ضدّ الثوّار السوريّين. وأضاف مالبفينغر أنّ الطيّار الإسرائيليّ السابق عاموس يلدين كتب في "يديعوت أحرونوت" عن وجود "غياب يقين، مفاجآت وأخطاء في كلّ حرب" ليخفّف من وقع إسقاط الأف-16. لكن بالرغم من ذلك، يشدّد الصحافيّ في "نيويورك تايمس" على أنّ المقاتلات الإسرائيليّة "ليست منيعة".



وكان تقرير صادر عن "مجموعة الأزمات الدوليّة" في الثامن من الشهر الحاليّ، أي قبل يومين على المواجهة، قد لفت النظر إلى أنّ قواعد الاشتباك التي احتوت الصدامات بين حزب الله وإسرائيل لأكثر من عقد قد "تآكلت". وهو على أيّ حال تطوّر اعترفت به صحيفة "جيروزاليم بوست" وأشار إليه حزب الله في بيان أصدره يوم السبت: "تطوّرات اليوم تعني بشكل قاطع سقوط المعادلات القديمة". وإذا كانت إسرائيل مصرّة على رفض إدخال تعديلات إلى قواعد الاشتباك، فإنّ #إيران أيضاً لن تتساهل في قضيّة تحويل جزء من مكاسبها داخل سوريا لإعادة فرض شروط جديدة في ربط النزاع الإقليميّ. وهذا الاتّجاه لا يرتبط فقط بالأهداف الإيرانيّة البعيدة المدى وحسب بل أيضاً بالأثمان التي دفعتها #طهران في النزاع السوريّ. يقول بروفسور التاريخ في جامعة ترينيتي – تكساس دايفد ليش: "بحسب كلّ ما أعرفه وكلّ ما قرأته وما أخبرني إيّاه أشخاص على الأرض، لدى إيران الآلاف من العسكريّين في سوريا. لقد ساهم (المسؤولون الإيرانيّون) ماليّاً لتعويم النظام السوريّ اقتصاديّاً". وأضاف ليش في حديثه إلى "إذاعة صوت أميركا" أنّ إيران هي أكثر من انخرط في سوريا لدعم النظام حتى بالمقارنة مع روسيا، وهي أكثر من سيخسر في حال سقط الرئيس السوريّ من الحكم.

مع تصميم الطرفين على تحقيق أهدافهما، يمكن توقّع المزيد من التصعيد في المرحلة المقبلة. لكن يبقى السؤال الجوهريّ عن وجود ضوابط للمواجهة المحتملة في ظلّ التحوّلات السريعة التي يمكن أن تخرج عن سيطرة صنّاع القرار الأساسيّين أنفسهم داخل الميدان السوريّ.









الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم