السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

الأخبار الزائفة دفعت فايسبوك الى تغيير سياساته... لكن الجدل لم ينتهِ

المصدر: "النهار
هديل كرنيب
هديل كرنيب
الأخبار الزائفة دفعت فايسبوك الى تغيير سياساته... لكن الجدل لم ينتهِ
الأخبار الزائفة دفعت فايسبوك الى تغيير سياساته... لكن الجدل لم ينتهِ
A+ A-

يعجُ العالم اليوم بالكثير من الأحداث والمعلومات الخاطئة، التي تهدف الى استقطاب العدد الأكبر من القراء والمتابعين، وقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دوراً بارزاً في نشر المعلومات بسرعة أكثر من أي وقت مضى سواء كانت هذه المعلومات صحيحة أم زائفة.

ويواجه موقع التواصل الاجتماعي الأشهر في العالم "فايسبوك" في الآونة الأخيرة أزمة حقيقية بشأن طبيعة الأخبار التي يعرضها على صفحات مستخدميه، خصوصاً بعد اتهامه بعرض الأخبار من دون حسيب أو رقيب، وعدم معرفة الناس الأخبار الموثوقة من تلك الزائفة.

وكشف بحث حديث عن تراجع ملحوظ في مستوى الثقة التي يوليها الناس لوسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً فايسبوك وتويتر، حسبما أوردت صحيفة "تايمس" البريطانية. وأظهر "مؤشر إلدمان" للثقة لعام 2018، أن أقل من ربع الناس يثقون في التكنولوجيا ومواقع النشر العملاقة.

ويأتي تراجع الثقة في مواقع التواصل الاجتماعي مع تنامي الإدراك لدورها في نشر الأخبار الزائفة وتأثيرها السلبي على الصحة العقلية. كما أشارت الدراسة إلى أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يشتكون بشكل متزايد من القصص الإخبارية التي تتوالى على صفحاتهم، فأكثر من نصفهم يشعرون بالقلق إزاء تعرضهم لأخبار زائفة على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما يقول 40 في المئة منهم إنهم يقرأون العناوين فقط من دون النقر على الروابط.

دفع الصراع حول هذه القضية الشركة إلى الإعلان عن منح الأولوية لمصادر الأخبار التي تحظى بثقة كبيرة في خاصية الصفحة الرئيسية- Newsfeed، موضحة أن مستخدمي الموقع سيحددون المصادر الموثوقة، من خلال استطلاع للرأي، في محاولة للتغلب على مشكلة انتشار الأخبار الزائفة.

وقال مؤسس فايسبوك، مارك زوكربيرغ، إن المحتوى الإخباري سيشكل قريبا نحو 4 في المئة فقط مما يظهر على صفحات تغذية الأخبار، بعد أن كانت تغطي الأخبار 5 في المئة من محتوى المنشورات التي يراها المستخدم. وتأتي الخطوة الا محاولة أخيرة للشركة للتغلب على مشكلة انتشار ما يسمى بالأخبار الكاذبة ونشر الأكاذيب على الشبكة الاجتماعية، وفق مصادر الشركة. وهي وجهة نظر لا يتفق عليها جميع المراقبين.

ولكن السؤال المطروح هو لماذا وصلت الأمور الى ما هي عليه اليوم؟ وكيف ساهم فايسبوك في انتشار الأخبار الزائفة وما السبب وراء اتخاذ هذه الإجراءات اليوم؟!

لعب فايسبوك دوراً اساسياً في حرية التعبير عند الناس، في مختلف أصقاع الأرض، فبات بإمكان اي شخص كتابة ما يريد والتعبير عما يدور في ذهنه، وبات كل شخص مراسلاً ينقل مجريات الأحداث من المكان الذي يتواجد فيه. 

في الواقع، يواجه فايسبوك اليوم أزمة وجودية، لا سيما بعد الاتهامات التي طاولته بأدائه دوراً في نتائج الإنتخابات الأميركية، ولو عن غير قصد، وانتشار الأخبار الزائفة على صفحاته في العام 2016 خلال تلك الانتخابات.

ويعرف فايسبوك جيّداً مشكلته مع هذه الأخبار، لذلك فهو يسعى منذ نحو عامين لإدارة حوار مع المؤسسات الإعلامية حول هذا الموضوع. وكشف في البداية انهم حاولوا تطوير وإدراج رمز مخصص يتم توفيره للمستخدمين لتأشير وتنبيه مسؤولي فايسبوك إلى أنّ هذا الموقع أو الصفحة تبث أخبارًا كاذبةً أو غير موثوقة، ولكن لاحقًا تم الاستغناء عن هذه الفكرة، لأنّ شركة فايسبوك تخوفت من أن يتم استخدام هذه الميزة بشكل غير احترافي، ما يؤدي إلى غضب وسائل الإعلام الكبيرة ذات التوجهات المعينة، إذا ما تم استخدام هذه الميزة ضدها لتأشير أخبارها بأنّها أخبار كاذبة، في حين أن العكس يقول غير ذلك. 

 بعد ذلك فكروا بالاستعانة بالخبراء، ليضعوا القرار بين أيديهم، لكن أيضًا في الوقت نفسه، هناك إدراك بأن ذلك "لن يحل ذلك مشكلة الموضوعية"، كما ان ذلك قد يؤدي الى تراجع نسبة المتابعين الذين قد يريدون قراءة خبر من على وسيلة معينة، قد لا يعتبرها هؤلاء الخبراء موثوقة.

من هنا فكروا في العودة إلى مجتمع فايسبوك نفسه، وهو الأمر الذي حصل بالفعل، وادى إلى ترك فايسبوك الخيار للناس بتحديد الوسيلة الإعلامية التي يثقون بأخبارها، وهو ما يُعدّ "طوق النجاة الأخير" لفايسبوك في طريقة تعديله لعرض الأخبار.

إلا أن التحديثات الجديدة التي يجريها فايسبوك في تمكين المستخدمين من اختيار مصدر الأخبار الموثوق، قد يكون لها عواقب غير متوقعة وعكسية، حيث يمكن للمستخدمين اختيار مصادر الأخبار التابعة للاتجاه الذي يفضلونه، والصحف التي تعكس أفكارهم ومعتقداتهم بدلاً من اختيار المصدر الجدير بالثقة.

وفي هذا الإطار قال نيكو ميلي، مدير مركز Shorenstein في جامعة هارفارد، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن الاعتماد على المستخدمين للحكم على جودة الأخبار يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية، وقد ينتهي الأمر بشكل سيئ للغاية وربما لانخفاض أكبر في عدد القراء.

تصنيفات أو أسئلة


في الأيام المقبلة سنشهد على صفحات "فايسبوك" مجموعة من التصنيفات أو الأسئلة التي سيسألها لك "فايسبوك": هل تثق بموقع معين! أو قناة معيّنة! وبالتالي حسب إجاباتك سيعرض لك "فايسبوك" الأخبار التي ستكون موثوقة بنظرك، ويُشكّل الأمر محفز مصداقية لمواقع معينة أو أخبار معينة، وبالتالي، رفع فايسبوك يده اليوم من عملية تصنيف المعلومات وترك الخيار للمستخدمين.

ويتوقع أن تكون المؤسسات الإعلامية التقليدية التي لها تاريخ طويل وحضور إعلامي قوي وقديم، مثل "نيويورك تايمس" أو "BBC" من بين الرابحين من تلك التعديلات، إذ ان الناس تثق بوسائل الإعلام التي تتحرى عن الخبر ومصادره قبل نشره، والتي يهمها الحفاظ على مصداقيتها أمام قارئيها وليس فقط عدد زائري مواقعها.

 ولكن هناك مشكلة كبيرة سوف يقع فيها العديد من أصحاب الشركات الصغيرة والشركات الإعلامية الناشئة، حيث ستقلّ نسبة مشاهدة منشوراتهم على فايسبوك. وسوف يفقد العديد من الناس متابعيهم على فايسبوك. وقد اعترف آدم موسيري، نائب رئيس إدارة المنتجات في فايسبوك، المسؤول عن إدارة الأخبار، بأن "هناك قلقاً" من الشركاء والناشرين الذين كثيراً ما يشتكون من التغييرات المستمرة في ما سيظهر عبر فايسبوك.

ولكن في المقابل، يبدو أن التحديث الجديد سوف يصبّ في مصلحة فايسبوك "أقله من الناحية المادية" لأن أصحاب الشركات سوف يقومون بإنشاء اعلانات مموّلة أكثر من أي وقت آخر من أجل إيصال العدد الأكبر من منشوراتهم إلى الآخرين.

إذاً، اليوم لم تعد لعبة المواقع الإخبارية لعبة "ترافيك وعدد زوار". فنحن امام مرحلة جديدة ستعيد أمجاد الدقة والعمق في نشر المعلومات وإعادة الثقة مع القارئ، وهو ما يسعى فايسبوك لتحقيقه قدر الإمكان، من خلال موقعه كشبكة لتبادل الأخبار والمعلومات وتواصل الناس مع بعضهم البعض.





الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم