"أنتَ لستَ محاسباً على ما تقول، أنت أيضاً محاسبٌ على ما لم تقل حيث كان لا بدّ لك ان تقول" وفق مارتن لوثر كينغ. فأحياناً نحتاج الى كلمات تُوقظ فينا روح قول الأشياء كما هي لأن الساكت عن الحق "شيطان أخرس". أَرهَقَنا الوطن باغتيال أحلامنا، أصبحت عصيةً على التحقيق في ظل حرب الطوائف والفساد ونهب أموالنا وبحرنا وبرّنا... وصحتنا.
كيف نبني وطناً؟ أرهقنا السؤال، لطالما بحثنا عن اجابات تشفي غليلنا الوطني وحِسنا الثوري. لن أتحدث في السياسة التي أصبحت مهزلة لن يصدقها أحد. لن أتحدث في الاقتصاد والبيئة وغيرها من القضايا المستهلكة. سأبني اولى حجارة هذا الوطن "صحياً" أقله هذا أغلى ما نملك للبقاء في هذا الوطن وفي هذه الحياة.
نحلم بوطن لا يُفرّق الاستشفاء فيه بين غني وفقير، بين مديون ومدّين، بين ابن زعيم وابن فلاح... نحلم بوطنٍ لا يموت فيه أحد على باب المستشفيات لأنه لا يملك المال الكافي ليستحق سريراً أو زعيماً يخدمه اليوم مقابل صوته غداً أو لا يعرف إتقان لعبة "تبويس اليدين" لينال شرف الموافقة لقبوله في عالم "الطب رسالة".
نحلم بوطن عادل يُحاكم فيه الطبيب إذا أخطأ لا أن يوضع تحت عباءة رعاية سياسية أو دينية أو مالية... هو أقسم على إنقاذ أرواح الناس فليكن على قدر "قسمه" من دون أن يتلطى خلف دعاوى قضائية مهوّلاً على أقلام كتبت من أجل الحقيقة.
أصنع وطناً بمحاسبة تجار الأدوية المزورة والمبيدات المسرطنة والأطعمة الفاسدة الذين أدخلوا جشعهم في أجسامنا دون عِلمنا وإرادتنا وقتلونا "ع البطيء". أموالهم التي جنوها من "صحتنا" عليهم ان يُعيدوها الينا لأننا اصبحنا مجرد عينات غير مطابقة للمواصفات.
أصنع وطناً بالمساواة فيه بين المستشفيات الحكومية والخاصة من دون أن أتاجر بها سياسياً ودينياً لأن "أرواح الناس مش لعبة". يحق لنا أن ننعم برعاية صحية من دون أن يتاجر أحد بنا ومن دون ان يستنزفوا كل نقطة دم فينا لأننا مدرجون في خانة "الضمان" و"شركات التأمين".
كيف أحلم بوطنِ "متوعّك صحياً"، يُحتضر ببطء ولا يعرف من سيتاجر بأعضائه لجني بعض الدولارات، ويُوهمه أن آلامه نفسية كي يُبرر أفعاله. لن يُشفى وطننا كما أحلامنا إلا اذا استأصلنا سرطان الفساد من جذوره وأعدنا الأمل في شفاء هذا الوطن وشفاؤنا جميعاً "لأنو صحتنا بالدني"!