لا يمكنني أن أكون متفائلاً للإجابة عن سؤال كيف نصنع وطناً. وانا أعيش في لبنان.
وطني الحالي مليء بكل التناقضات.. فضلاً عن السيئات للأسف وما أكثرها.. حلمت في صغري أن أحيا وأشبّ وأشيب على حب هذا البلد الصغير بحجمه والكبير بأحداثه. عاصرت الحرب الأهلية البغيضة طفلاً، ويافعاً كنت في وقت السلم "المقنّع".. أحداثاً كثيرة تابعتها وحروباً همجية شاهدتها.. وصراعاتٍ عبثية ولااستقرار سياسياً وأمنياً واقتصادياً وتدهور الحال المعيشية عاينتها.
حلمت بالتغيير، والنضال من أجل ثورة أطيح فيها كل ما عرفته وأبدأ من جديد.. الإحباط تملكني.. شعب يسير كالقطيع نحو الهاوية، يؤلّه زعيمه ويكفر بكل شيء غيره، هجرت الى الملاعب التي أعشقها، فكانت انعكاساً طبق الأصل لهذا الوطن: فساد، طائفية، مؤامرات، شغب، فقر، جوع، عوز، فازداد إحباطي، إنما ليس في يدي حيلة، فلا أستطيع أن أبعد جبلاً بمفرد..
راهناً، الوطن الذي أبحث عنه صعب المنال، إن لم يكن ضرباً من الخيال، بات علي ان أجد وطنا جديداً قد لا يكون مثالياً، لكن لا أضطرّ فيه الى مد يدي لأحد، أو أموت على باب مستشفى، أو أُحرم من حقي في التعليم والمأكل والمشرب وكل ضرورات الحياة، وتكون الملاعب التي أحب متنفساً أو ملتقى للمنافسات الرياضية بروحها العالية مع تقبل الخسارة قبل الفوز أو مساحات للتلاقي بين كافة الفئات.
لا يمكن العيش من دون وطن، فالشريد لا يستطيع الدخول في قتال مع الحياة، فمسقط رؤوسنا يبقى الأشد تأثيراً فينا حتى أجلنا المحتوم.