الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"الطريق إلى الجنة"... نسخة "إسلامية" من لعبة "محرمة" تثير انتقادات بمصر

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسرخليل
"الطريق إلى الجنة"... نسخة "إسلامية" من لعبة "محرمة" تثير انتقادات بمصر
"الطريق إلى الجنة"... نسخة "إسلامية" من لعبة "محرمة" تثير انتقادات بمصر
A+ A-

لكن مروجي اللعبة المستنسخة من "السلم والثعبان" يعتبرونها تربوية. وعلى الرغم من أن "الطريق إلى الجنة" ظهرت منذ سنوات قليلة بمصر، وكانت تباع على نطاق ضيق للغاية، لا يلفت الأنظار، إلا أن ما أثار الانتقادات الأخيرة هو ظهورها في معرض الكتاب الذي يعد أكبر حدث ثقافي وتنويري في مصر، واقترب عدد زواره منذ انطلاقه في 27 كانون الثاني الماضي من نحو مليوني زائر، ويستمر المعرض حتى 10 شباط الجاري.  

وتعيد هذه الواقعة إلى الأذهان، استغلال بعض التجار لمشاعر المسلمين وحبهم لدينهم، لترويج سلعهم وخدماتهم من خلال إعطائها صبغة إسلامية، حتى وإن كانت تلك الصبغة مجرد اسم لا أكثر. ومن بين ما أثار السخرية إبان حكم جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر في أعقاب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، تزايد العروض التجارية التي تحمل هذه الصبغة، ومن أمثلة ذلك "الغسالة الإسلامية"، و"الثلاجة الإسلامية"، وغيرهما من السلع، وكان بعض المروجين يدعون أن ريعها يذهب لبناء المساجد والدعوة الإسلامية لتحفيز الجمهور على شرائها دون غيرها.

النرد المحرم

يعود تحريم لعبة "السلم والثعبان" الشهيرة في مصر، إلى أنها تستخدم النرد. والنرد هو حجر أبيض سداسي الشكل، على كل وجه من وجوهه الستة، رقم يتراوح ما بين 1 و6، ويلقي به اللاعب بصورة عشوائية، ويعتبر الرقم الذي ظهر أعلى الحجر هو اختياره (العشوائي) الذي يستخدمه في اللعب.



ويؤكد العديد من الفتاوى الدينية أن اللعب بالنرد محرم شرعاً وفقاً لاتفاق جمهور العلماء، وتستند تلك الفتاوى إلى أحاديث نبوية شريفة تذكر النرد باسمه المتعارف عليه، أو باسم "النردشير". ويستبدل مصنعو لعبة "الطريق إلى الجنة" النرد بالبطاقات التي تضم أرقاماً، ويختار اللاعب البطاقات عشوائياً، أو بعجلة يديرها اللاعب وتتوقف عند أحد الأرقام بصورة عشوائية أيضاً، وهذا ما يحدث عند إلقاء النرد ليظهر عليه الرقم بعد توقفه دون ترتيب مسبق.

جذور اللعبة

وتشير بعض المراجع إلى أن اللعبة "نشأت في الهند، وكانت مبنية على الأخلاقيات الاجتماعية، واسمها (برامابادا سوبانام) أي الطريق نحو الخلاص. وانتقلت من الهند إلى انكلترا، ومنها إلى الولايات المتحدة الأميركية بواسطة ميلتون برادلي في عام 1943"، وفقا لموسوعة "ويكيبيديا".

ومن غير المعلوم المصدر الذي اقتبس لعبة "الطريق إلى الجنة"، لكن دور للنشر في بلدان عربية عدة، منها مصر، تقوم بطباعة نسخ من هذه اللعبة التي لم تصل بعض إلى شعبية "السلم والثعبان"، وغالباً ما تقوم هذه الدور بإنتاج مواد تعليمية وألعاب متنوعة، ويستهدف كل منتج شريحة معينة من المستهلكين، ويبرز جانباً يجتذب هذه الشريحة، مثل ألعاب الذكاء، وتبسيط العلوم، وكذلك المنتجات "الدينية".

وتشير التعليمات المكتوبة على اللعبة أن "عدد اللاعبين هو 2 أو 3 أو 4. ويقوم كل لاعب باختيار بطاقة من بطاقات الأرقام بشكل عشوائي. ويتم تحريك الأزرار على حسب الرقم الذي اختير عشوائيا. ويتعرض اللاعب مع تكرار سحب البطاقات واللعب إلى الوقوف فوق السلوكيات المختلفة على لوحة اللعب، ويتم صعوده أو نزوله حسب بداية ونهاية السهم. واللاعب الفائز هو من يصل إلى مربع النهاية قبل باقي اللاعبين".

سرقة باسم الدين

ومن بين من زاروا المعرض وكان له انتقادات على اللعبة المستنسخة بعد أن رآها في يد إحدى الأسر، هو الشاعر والصحافي محمد حمدي، الذي قال لـ"النهار" "إن (الإسلامجية) كالعادة يتعاملون مع موروثات المجتمع التي لا تنبع من المنطلقات التراثية الدينية بمنطق (عينه فيه ويقول إخيه)، حتى لو كان الموروث هذا مجرد لعبة أطفال".

ومن واقع مراقبته للمجتمعات الإسلاموية، يضيف: "استطيع أن أقول إن هذه الطريقة (إخوانية) بامتياز، وليست جديدة عليهم، بدليل إنهم يسرقون ألحان الأغاني العادية، ويركبوا عليها كلمات أخرى، ويقدموها للمتدينين كأناشيد دينية، سواء للأطفال، أو للأعراس، بل إنهم يعالجون بعض الأغاني تقنياً، كي يخفوا صوت الموسيقى على اعتبارها (حراماً شرعاً)، وموقع (يوتيوب) مليء بنماذج لتلك المهزلة الأخلاقية، وأقول مهزلة أخلاقية لأنها في النهاية سرقة باسم الدين".

ويرى أن هذه "الظاهرة ليست مجرد تجارة ساذجة، برغبة المتدينين في تحري أي أمور مرتبطة بكلمة (إسلام)، لكنها تعمق ازدواجية المجتمع ككل، وتزيد انفصال المتدينين الشكليين غير المنتمين لأي جماعة أو تنظيم عن الواقع وعن المحيط الاجتماعي".

وعلق الكاتب محمود حامد ساخرا من اسم اللعبة قائلا: "على أساس أن (السلم والثعبان) الطريق إلى النار".

ويتذكر محمد عبد الناصر قبول الإسلاميين للعبة "صندوق التقوى" في الوقت الذي كانوا يحرمون فيه لعبة "بنك الحظ".

لعبة تربوية

وتروج مي العيسوي، لإحدى نسخ هذه اللعبة، على الانترنت، وتقول: "إنها جميلة جدا، وحجمها كبير، يستطيع الطفل أن يلعب بها على الأرض، ومعها أزرار حجمها كبير، وعجلة يلفها كي يختار الرقم الذي يتحرك من خلاله، هي نفس فكرة السلم والتعبان بالضبط، الفرق هو أنها تساعده على تعلم القيم والأخلاق، إن كلما عمل الطفل عملا جيدا يصعد إلى أعلى، وحين يعمل عملا جيدا يهبط إلى أسفل".

لكن أوصاف اللعبة تؤكد أنها تعتمد على الاختيار العشوائي للأرقام، سواء من خلال البطاقات، أو العجلة الدوارة، تماما كما يحدث مع النرد، وبناء على هذه الأرقام يتحرك الطفل، وقد يصل دون إرادته إلى مربع يتضمن عملا صالحا، أو يحتوي عملا غير صالح، ومن ثم يصعد أو يهبط وفقا للأرقام التي تظهر له عشوائيا.



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم