الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

بريد السماء الافتراضي يحاور الشاعر الأسوجي توماس ترانسترومر: القصائد طواحين تنتحر كلّما توقفتْ عن الدوران

الكتابة والحوار: أسعد الجبوري
Bookmark
بريد السماء الافتراضي يحاور الشاعر الأسوجي توماس ترانسترومر: القصائد طواحين تنتحر كلّما توقفتْ عن الدوران
بريد السماء الافتراضي يحاور الشاعر الأسوجي توماس ترانسترومر: القصائد طواحين تنتحر كلّما توقفتْ عن الدوران
A+ A-
عندما بعثنا برسالة إلى الشاعر توماس ترانسترومر (1931 - 2015) تتضمن رغبتنا بمقابلته عبر الأيميل. لم يتأخر طويلاً في الرد. أمهلنا ساعة واحدة، بعدها رأيناه ينتظرنا على باب حظيرة الخيول، وهو بالملابس الرياضية، بيده سوط من الجلد الأسود. أخذتنا فكرة أن يكون ضائعاً، ويحاول ترويض أحد الأحصنة لركوبه، والعودة إلى المكان الذي تاه منه. لكن توقعنا لم يكن في محله. فالشاعر كان مالكاً تلك الحظيرة ومربّياً لخيولها في ذلك المكان المطل على هاوية عظمى، لم نرَ لها شبيهاً على كرة الأرض. أخذنا من أيدينا بحنان زائد، وطاف بنا بين أجمل تلك الخيول، وهو يلبس لبوس سلطان، لا تشغل رأسه سوى صفات الفروسية التي عادة ما يتم شراؤها من مجلات وقنوات فضائية وجرود صحف رخيصة، وجدت من أجل تضخيم بروستات السيوف والخيول عند أمثال هؤلاء. قهقه توماس، بمجرد أن قرأ الأفكار التي كانت محشوةً في رؤوسنا. لذنا بالصمت قليلاً ونحن ندقق في وجهه الأبيض المشرق مستفسرين: ■ كيف تصنع زمنك؟- أصنع زمني عبر المحرار الزئبقي المعلق أمامي على الجدار.■ تعني أنك تراقب حركة الزمن بواسطة الحرارة؟- لا يمكن لكل حركة أن تستمر بعيداً من المنشأ الحراري. فالنار لا تصنع العدمَ وحده، بل تعيد تكوين الأشياء. ■ هل تنظر إلى الشعر كساعةٍ خاصة؟- أجل. وبعقارب شبيهة بما يملكه الأخطبوط.■ هل لأنها تلتفّ علينا، وتُطبق على المخلوقات من أجل انتزاع رحيقها الروحي. أتعتقد بذلك؟- نعم. إنها تكتسب المناعة ممن يقعون كالقرابين ضحايا لحركتها. فالقصائد طواحين، متى توقفتْ عن الدوران حول نفسها وحول الكون، انتحرتْ، خارجةً عن السياق الطبيعي للغات التي عادةً ما تتفاعل بين الشعوب الحيّة، لإنتاج غيوم الحواس.■ كيف تنظر إلى حواسّ البشر، أهي غيومٌ كما تراها فعلاً؟!- إنها كذلك. فلا يمكن أن تكون الحواسّ عند كل الناس متساوية الأضلاع والمساحات. قد تجد عندي حواسّ ناقصة، وعند الآخر حواسّ ميتة. كما توجد لدى البعض حواسّ إضافية. لذا فالحواس شبيهة بالغيوم. منها الممتلئة الملبدة بالمطر والبرق والرعد، ومنها الفارغة التي لا تصلح إلا لالتقاط الصور التذكارية لبعض الأشكال الرومنطيقية التي تبهج النظر.■ توماس، هل سبق أن أجلستَ الزمن على كرسيّكَ الذي تجلس عليه؟- البتة. لم أفعل ذلك. لكن الزمن كان عجلاتٍ لذلك الكرسيّ.■ نريد تعليقاً على هذه الفكرة يا سيد توماس: هل الشاعر وحدةُ حاله ليس إلا؟- تماماً. فالشاعر وحيدٌ في مكان، ونصّهُ وحيدٌ في مكان آخر. وهما قد يلتقيان على حافة جرف صخري يطلّ على بحرٍ شديد الوعورة. ■هل تؤثر وحدةُ الشاعر في الآخرين، فتجعلهم وحداتٍ متباعدة، لا رابطَ بينها إلا بخيوط البؤس والعدم؟- لا أظن أن الشعر غابة لوحيد القرن فقط.■ يا لها صورة فاقعة. هل تؤمن بضرورة أن يكون للسوريالية بنك دم، لتزويد أجسام النصوص تلك الفيروسات المضادّة للمنطق المتصحر؟- ما من شاعرٍ عَظُمت نصوصه من دون المرور...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم