الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

شاحنات الزفت "الانتخابية" مقطوعة... والفانوس بيد فنيانوس!

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
شاحنات الزفت "الانتخابية" مقطوعة... والفانوس بيد فنيانوس!
شاحنات الزفت "الانتخابية" مقطوعة... والفانوس بيد فنيانوس!
A+ A-

حتى عام 2005، كان يحق للنواب إبداء رأيهم وطلب المباشرة في عمليات التزفيت في مناطقهم الانتخابية، بناءً على عقد مع وزارة الأشغال. وكانت صلاحية النواب تقدّر مادياً بنحو 100 مليون ليرة. فيما غابت مخصصات الإسفلت التي يمتاز بها النواب منذ سنة 2005 في ظلّ غياب الموازنات. وبات وزير الأشغال يمتلك زِمام الامر، ويعين الطرق التي يرى ضرورة في تعبيدها. وباتت الطريقة الوحيدة المتاحة أمام النواب لتأمين الاسفلت لتعبيد الطرق في مناطقهم إجراء وساطة مع وزير الأشغال.

السؤال: هل كان النواب يستخدمون السقف المالي المتاح لهم في كليته؟ "بشكل عام نعم"، يجيب رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل النائب محمد قباني، "وذلك لدعم مناطقهم الانتخابية". وفي السنوات الأخيرة التي سبقت الغاء المخصصات، "بات في إمكان النواب استخدام صلاحياتهم على نطاق أوسع من حدود منطقتهم. وهذا ما دفع نواب محافظة بيروت بقيادة الرئيس سعد الحريري الى تجيير 50% من مخصصات المدينة سنة 2005 لمصلحة محافظة عكار، فضلاً عن المخصصات التي حظي بها نواب عكار أيضاً".

لم يطرأ أي طارئ بعد سنة 2005. وفي سنة 2010 قرر النواب تخصيص مبلغ 300 مليون ليرة بدلاً من 100 مليون عن 3 سنوات، تعويضاً من تلك التي انقضت، كما يروي قباني. ويقول انه وفي سنة 2010، "قررنا تخصيص مبلغ 300 مليون ليرة في لجنة المال والموازنة النيابية للغاية نفسها. لكن الموازنة لم تصدر".

وحتى اليوم، لا تزال الحاجة ملحّة الى تعبيد عدد كبير من الطرق في ظلّ غياب مخصصات النواب. ويقول قباني، في هذا الصدد، إن "الصيانة شبه معدومة. هذا ما جعلنا نصدر قراراً يحتّم على المتعهد مسؤولية صيانة مشاريع الأشغال لمدة تراوح ما بين 3 و5 سنوات. وقد طبّق هذا القرار جزئياً في بعض المشاريع وليس في كليتها".

ورغم غياب مخصصات النواب، الا أن الإسفلت لا يزال يعتبر عاملاً انتخابياً ايجابياً. لكن المساعي اختلفت. وباتت صيغة تزفيت الطرق تترجم من خلال "وساطة وزارة الأشغال، في حال ارتأى فنيانوس حاجتها الى الاسفلت. فهو يصدر القرار بنفسه".

وبرأيك، هل يمكن أن يؤثر الاسفلت في العملية الانتخابية في عام 2018؟ يجيب قباني: "نوعاً ما يؤثر. ولكن في المقابل هناك العصبيات الحزبية التي هي أقوى من الاسفلت. وفي حال لم ينتمِ النائب إلى الفريق السياسي الذي يؤيده الناخب، سيعمد بكل بساطة الى الافادة منه والتصويت لخصمه. وهي مسألة رائجة في لبنان".

وعلى رغم ان التنسيق مع النواب موجود، الا ان "القرار الأول والأخير لوزير الأشغال الذي يعتبر وزيراً سياسياً ويمكن ان ينعكس رأيه السياسي لمصلحة هذه الكتلة النيابية او تلك. وهي ظواهر متعارف عليها في لبنان ولم يخترعها وزير الأشغال"، على قول قباني.

وعن الخدمات العامة التي يطلبها المواطن اليوم الى جانب الاسفلت، ويمكن تأمينها بوساطة وزارة الأشغال، يعدّد قباني: "الماء والنفايات قضيتان تهمان المواطن في هذه الأيام، ناهيك بقضية الكهرباء التي تحوّلت سياسية وأضحى كلّ نائب يعمل لمصلحته".

وعن إمكان استعادة النواب المخصصات التي تمتعوا بها في السابق، يقول قباني: "عندما تعرض موازنة جديدة، يجوز لهم ان يفوزوا بمخصصات خصوصاً انهم راغبون في ذلك".


النواب والوزير

تتفاوت آراء النواب بأداء الوزير فنيانوس. فمنهم من يتفهمون القدرة المحدودة لوزارة الأشغال التي تقدّم الخدمات وفق ما تملكه من امكانات، على حدّ وصفهم. فيما ينظر بعضٌ من النواب الى فنيانوس بعين حمراء. وهم يرون في أدائه الوزاري انحيازاً واضحاً لمصلحة فريقه الحزبي خصوصاً ومعارفه الخاصة عامة. وقد تناولت ملاحظاتهم لأداء وزارة الأشغال مفترقين. الأول يتمثّل في ما يعتبرونه تمييزاً ديموغرافياً لمصلحة المناطق التي يشكّل فيها مناصرو المردة ثقلاً، والثاني يكمن في اعتبار ان مقرّبين من فنيانوس وتياره السياسي يستفيدون الخدمات المقدمة لمناطقه على حساب النواب الذين يشكّلون التمثيل الحقيقي للقرى التي اختارتهم ممثلين عنهم في البرلمان، على ما يعتبرون.

بدءاً من الشمال العكاري، اذ يتهم النائب خالد الضاهر وزير الأشغال يوسف فنيانوس بـ"افادة المناطق التي تخصه انتخابيا، فيما لم تنل عكار 10% من حاجتها". ويشير الى ان "الاسفلت يقدم الى فريق 8 آذار وأقارب رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية رغم انعدام تمثيلهم النيابي في المنطقة". ويقول الضاهر إن "التقصير فاضح في وزارة الأشغال في ظل انعدام الرضى على أدائها والأداء السياسي غير السليم". وفي رأيه، فإن "فنيانوس يتعاطى وكأنه وزير يعمل لمصلحة فريقه السياسي وبعض المؤيدين وليس للجميع. حتى ان بعض المناطق شهدت تعبيدا لطرقها مرة جديدة رغم انتفاء الحاجة اليها".

من جهته، يقول نائب الجنوب ميشال موسى ان "العمل الانتخابي ليس موسميا بل دائماً. والمطالب لم ترتفع وتيرتها في هذه المرحلة مقارنةً بمواسم أخرى". ذلك ان "الجهد الذي يضعه النائب في فترة النيابة يخفف من الضغط الموسمي في فترة الانتخابات". وعن التواصل مع وزارة الأشغال تأميناً للخدمات الانمائية، يشير الى ان "المواطن يحتاج الى كثير من الخدمات الانمائية الخاصة بالطرق. والتواصل موجود مع وزارة الأشغال طوال الفترة الماضية، لكن التجاوب متوافر ضمن حدود الممكن. والوزارة بطبيعة الحال لا يمكنها انجاز كل ما هو مطلوب منها. ويبقى الكثير من المطالب المعلقة في ظلّ عدم توافر الامكانات".

بدوره، يتحدث النائب البقاعي عاصم عراجي لـ "النهار" بنبرة غير الراضي عن اداء وزارة الأشغال، قائلاً: "الوزارة تعمل استنسابياً". وفيما تستضيف برّ الياس مئة ألف نازح سوري اضافةً الى عدد سكانها البالغ 35 ألف نسمة، الا ان "وزير الأشغال اتخذ قراراً بحجب الاسفلت عنها فيما قدّمه لبعضٍ من أصدقائه. ويصف عراجي أداء فنيانوس بـ"المتعالي وغير الصحي والمزاجي وقد تجادلت معه أكثر من مرة من دون الوصول الى نتيجة". ويعتبر انه "يتغاضى عمّا يمثّل النواب من شرائح وفئات مجتمعية". ومن الأمثلة الحية على ذلك، "برّ الياس التي تعتبر أكبر بلدة بعد مدينة زحلة مساحةً في البقاع الأوسط".

رغم الاختلاف حول أداء وزارة الأشغال، ما يمكن الجميع الاتفاق عليه، المسار الطبيعي لتقديم الخدمات في زمن الانتخاب، على عكس السائد سابقاً. وهذا من شأنه تقليل مظاهر الرشوة الانتخابية. ولكن، السؤال الذي يطرح نفسه أيضاً: هل يستفيد المواطن بشكلٍ صحيح من قطاع الأشغال؟ قباني يجيب: "بل بشكل محدود".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم