ترامب الرئيس المفصلي بعد سنة في البيت الأبيض

هؤلاء فسروا سلوكه الفظ وأسلوب الارض المحروقة الذي استخدمه خلال حملته الانتخابية، على انه اسلوب يعكس كون ترامب ليس ابن المؤسسة السياسية التقليدية، بل آت من خارجها ليغير من مساوماتها وطقوسها الآسنة وحتى ليقلبها رأسا على عقب، وانه جاء ليعرقل أو ليخرب قبل أن يفكر بالبناء، لانه كما يكرر دوما يريد أن "يجفف المستنقع" السياسي في واشنطن. المفارقة الكبيرة التي يتجاهلها هؤلاء هي: كيف يمكن لمقاول ثري معروف بعدم تسديد ما يدين به للمتعاقدين معه، وكان يلتف على القوانين لتفادي دفع الضرائب، واعلن افلاس شركاته اربع مرات، وكان يتبرع ماليا للمرشحين الديموقراطيين والجمهوريين لكي يساعدوه في اعماله، كيف يمكن لشخصية من هذا النوع أن تدعي انها اصلاحية أو آتية لتخلص البلاد من نفوذ طبقة سياسية آسنة أو مساومةلدرجة الفساد، تعامل معهاواستفاد منها تراب لعقود من الزمن؟  رئيس مفصليبعد سنة من وجوده في البيت الابيض، يمكن وصف ترامب بانه رئيس "مفصلي" أو "تحويلي"Transformativeبمعنى نقل البلاد من مرحلة إلى اخرى أو تحويل سياسة البلاد عبر اسلوبه القيادي المختلف أو بفعل شخصيته، وهي في حالة ترامب نرجسية بامتياز، حيث يشخصن كل شيء. أن نقول إن ترامب رئيس مفصلي، أو تحويلي لا يعني أبدا أو بالضرورة أن الوصف ايجابي. في الواقع، انطلاقا من سجل وشخصية ترامب وممارساته حتى الان، فهو رئيس مفصلي بالمعنى الحرفي للكلمة، وإن كان الرأي السائد في اوساطالمحللين المحايدين هو أن ترامب مفصلي بالمعنى الانقلابي، أي بالمعنى السلبي. ما يمكن أن يقال عن ترامب ايضا هو انه شخصية زئبقية تتصرف باعتباطية وردها الاولي حتى على ابسط انواع النقد هو الرد النابي. بعد انتخابه اصبح ترامب قائدا للحزب الجمهوري، ولكنه قضى معظم حياته السابقة للمرحلة السياسية خارج هذا الحزب. مواقف وسلوك ترامب شخصانية بالدرجة الاولى وغير ايديولوجية بالضرورة، وان كان من غير الصحيح القول أن ترامب انتهازي بامتياز- مع انه يمارس الانتهازية بين وقت وآخر- أو انه لا يؤمن بأي "مباديْ". وعلى سبيل المثال مواقف ترامب المعادية لاتفاقيات التجارة الحرة، أو التغيير البيئي، أو موقفه السلبي من حلف الناتو، أو تصريحاته السلبية أو العدائية للمسلمين والمهاجرين أو الاقليات الاثنية، هي مواقف قديمة ومعروفة وعبر عنها في مقابلاته وتغريداته.الرئيس الخامس والاربعون للولايات المتحدة يختلف عن جميع اسلافه، وان كان يشارك بعضهم في ميولهم الانعزالية أو مواقفهم وسياساتهم التي كانت تنضح بالتزمت والتمييز والعنصرية. ولكنه الوحيد الذي وصل إلى البيت الابيض من دون أي خبرة سياسية أو خلفية عسكرية. ترامب لم يخدم بلاده في أي منصب تنفيذي خلال 71 سنة من وجوده على هذه الارض. ترامب هو الرئيس الاقل احتراما للتقاليد والاعراف السياسية التي تمثل جوهر المؤسسة السياسية الأميركيية. ترامب الذي يفاخر بأنه لا يقرأ الكتب (الكتب التي نشرها، صاغها كتاب آخرون) يحتل منصباً شغله اسلاف معروفون بثقافتهم الواسعة ومعرفتهم الموسوعية (نصف الرؤساء الأميركييين كانوا يعرفون لغة أو أكثر غير الانجليزية. الرئيس توماس جيفرسون الذي صاغ اعلان الاستقلال وهي وثيقة سياسية فريدة من نوعها، كان ملما باللغات اليونانية واللاتينية والفرنسية والاسبانية، وحاول تعلم العربية. لغة الرئيس ابراهام لينكولن الانجليزية أدبية بامتياز....