الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

يسوع المسيح إيّاك أن تحضر!

عقل العويط
عقل العويط
يسوع المسيح إيّاك أن تحضر!
يسوع المسيح إيّاك أن تحضر!
A+ A-

قبل ساعات، دعوتُ عبر "موقع النهار الالكتروني" إلى تعميم مقالة أنسي الحاج الشهيرة، "يسوع المسيح احضرْ حالاً"، التي كان "ملحق النهار" نشرها في مثل هذا اليوم بالذات، قبل خمسين عاماً. 

أكتب إلى القارئات والقرّاء أنفسهم، متداركاً ومعتذراً، راجياً منهم أن يقبلوا التدارك والاعتذار.

موجِّهاً في الآن نفسه، إلى المسيح الحقيقي؛

مسيحي الشخصي،

مسيح الشعراء،

مسيح الأطفال،

مسيح الزهور،

مسيح الدموع،

مسيح المشّائين،

مسيح المعذّبين،

مسيح الفقراء،

مسيح الثورات،

مسيح التحرير،

مسيح الحبّ،

مسيح لبنان،

مسيح العرب،

مسيح فلسطين،

رسالةً مضادةً لمضمون رسالة أنسي الحاج، داعياً إياه إلى عدم الحضور.

أتريد حقاً، أيها الشاعر، أن تكتب رسالةً إلى المسيح، مضادة لرسالة أنسي الحاج؟

نعم، أريد.

(معقول؟! شو ها الادعاء، والغلاظة، وقلة الحياء!).

نعم، رسالة مضادة.

نعم، معقول، وألف معقول، أن أكتب رسالةً مضادة.

ونعم: ادعاء وغلاظة وقلة حياء، وعلى راس السطح.

لكنْ، مهلاً.

قبل رشقي بالحجار، أنظروا معي إلى أحوال العالم، هنا، وعلى مقربة.

الكلّ، العالم كلّه، اختار مسيحاً آخر.

الكلّ اختار المسيح السهل، القريب المتناول، الكاذب، المزوَّر، الأونطجي، الزعباري، القاتل، السارق، الحقير، التافه، بائع الأسلحة، غاسل الأموال، قاتل الأطفال، والنساء، والشبان.


الكل اختار "المسيح التايواني"، المسيح الذي يشبه هذا العالم، وحكّامه، ورجال ماله، وصيّادي روحه.

والحال هذه، هل ثمّة حاجةٌ، بعد، إلى المسيح الأصلي؟!

إذا كان الكلّ قد اختار مسيحه، فإلى أين أنتَ ذاهبٌ أيها المسيح؟

أإلى بيت لحم؟

أم إلى القدس؟

أم إلى "أورشليم"؟

أم إلى قانا لبنان؟

أم إلى بكركي؟

أم إلى البلمند؟

أم إلى الربوة؟

أم إلى باب توما في دمشق؟

أم إلى بغداد؟

أم إلى صنعاء؟

أم إلى إيران؟

أم إلى واشنطن؟

... أم إلى فاتيكان الكرادلة؟

تعال. أهلاً وسهلاً.

أتريد أن تزور الكون، وأن تعرف أحواله؟

عال. أحيلكَ على صديقي فرنسيس، أسقف روما، الذي ينادي بكَ على الأشهاد، وحيداً، كيوحنا، صوتاً صارخاً في برية العالم.

لا أسمح لنفسي بالتعميم. ثمة أوادم كثر لا يزالون على ولائهم لكَ في العالم.

لكنهم لا شيء في حساب هذا العالم.

أتريد أن تعرف ماذا يفعل كرادلتكَ؟

وبطاركتكَ؟

وأساقفتكَ؟

وكهنتكَ؟

والحاملون اسمكَ زوراً في الأرض؟

أتريدني أن أسمّي لكَ المسيحيين الذين لا يريدونكَ، بعدما اصطنعوا لهم مسيحاً على وساخة أيديهم وسجايا مراياهم ومعاييرهم؟

أم تريدني أن أسمّي لكَ الفرّيسيين والكتبة والمرائين، الذين احتلّوا الهياكل والمعابد والمساجد والمآذن والكنائس، في كلّ دين، ودولة، فصاروا عسكراً للشرّ والحرب والعنف والموت؟

أيها المسيح الشخصي الحبيب،

أحذّركَ أيها المسيح،

مرةً ومثنى وثلاث مرات.

إيّاك، ثمّ إيّاكَ، أن تحضر، أيها المسيح.

لأن أحداً لن يكون في استقبالكَ.

لكني لا أراكَ مصدِّقاً!!!!

أأنتَ حقاً لا تصدّق ما أقول؟!

أكون خائباً وخائفاً عليك، إذا كنتَ لا تصدّق.

على كل حال، أنا، مثلكَ، لم أكن أصدّق. إلى أن صدّقتُ.

فقد كان ينبغي لي أن أضع يدي على الحقيقة، التي أخبرني بها فرنسيس، فرنسيس بالذات، الذي يكرهه كرادلتكَ وبطاركتكَ ومطارنتكَ والإكليروس، وزعماء الناس الذين يتحدثون زوراً بالانتماء اليكَ.

فرنسيس هذا، يريدكَ أن تكون وحدكَ المسيح.

ولأجل ذلك، هم يعرقلون مسيرته التي تشبه نزول الغيم على الأرض. وصعود الأرض إلى السماء.

أعرف أنكَ لا ترغب في تغيير المصائر والأقدار، بتدخلكَ المباشر في شؤون الأرض، وملوكها، وسارقي فرحها الأصلي.

لكني أعرف أنكَ مصرٌّ على المجيء، وهذه الليلة بالذات.

أنتَ حرٌّ.

اصطفل.

تعال، على مسؤوليتكَ.

علماً أني أناديكَ، وأناديكَ، وسأظلّ أناديكَ إلى منتصف الليل،

راجياً إيّاكَ ألاّ تأتي.

لئلا تموت ثانيةً من الحزن، لا من وجع الصليب!

[email protected]




حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم