السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

128 مسماراً في النعش الصهيوني

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
128 مسماراً في النعش الصهيوني
128 مسماراً في النعش الصهيوني
A+ A-

يشرّفني كمواطن لبناني عربي، أن تكون الجمعية العامة للأمم المتحدة قد سدّدت في موقفها يوم أمس، على خدّ الصهيونية الأميركية - الإسرائيلية، هذه الصفعة السياسية – الأخلاقية – المعنوية، التي دوّت أصداؤها أمس في أرجاء العالم، وليس فقط في أروقة المبنى الأممي، وكان قوامها 128 دولةً أعلنت رفضها القرار الأميركي الجائر إعلان القدس عاصمة لـ"دولة إسرائيل".

هذا موقفٌ سياسي، لكنْ أيضاً، أخلاقي، تاريخي، يضاف إلى جملة المواقف والتراكمات الأممية النوعية التي تجعل الواحد منا يتعلق بغيوم الأمل الدولي، وإن يكن هذا الأمل محض غيوم.

لكن ثمة كلمة لا بدّ من قولها في هذا السياق، ويجب إيصالها إلى الشعب الأميركي، عبر سفارة بلاده في بلادنا.

يستطيع هذا الشعب الأميركي أن ينتخب مَن يشاء، وساعة يشاء، رئيساً لبلاده.

لكن هذا الشعب العظيم، وأقول "العظيم"، مقتنعاً بالطبع، وبدون تقريع أو سخرية، لا يستطيع إلاّ أن يتحمّل مسؤولية خياراته، ونتائج أعماله، وما يترتّب عليها، ولا سيما عندما يتصل الموضوع بمسألة الحرية والديموقراطية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وهي القيم التي تجسّد أعمق ما ينطوي عليه الدستور الأميركي من معانٍ ودلالات.

لقد ارتضى هذا الشعب الأميركي لنفسه ولبلاده، رئيساً يقود العالم إلى الجنون، متيحاً له أن ينتهك، أولاً بأول، المعايير الأميركية والدولية للحق والقانون والعدل، ومشرّعاً السبل أمام شلاّلات الدم والحقد والكراهية، من خلال إقامة هوّة سحيقة تمنع منعاً إكراهياً تجسيد الحق، ومن خلال تأجيج صراع الحضارات، والغرائز، وتعميق مشاعر سوء التفاهم بين البشر، بحماية القاتل بدل الدفاع عن القتيل.

فليقلع هذا الشعب الأميركي أشواك خياراته بيديه. وليتحمل مغبات أعماله.

"عدس بترابو، كل شي بحسابو".

لكنْ، مهلاً.

لن أفعل ما يفعله في العادة المذمومة، أصحاب الأقلام "الممانعة"، وخصوصاً منها الأقلام "الذمّية"، التي تكيل الشتائم الاستعراضية، وتحرّض على "الثأر الظلامي التكفيري"، أو تدعو إلى "الثأر الديني"، أو "الثأر العنصري"، وتتبارى في الآن نفسه في جعل اللغة العربية مكبّاً لنفايات التعبير، وسقط المتاع الأخلاقي والقيمي.

سأفعل ما يتطلّبه مني الالتزام الشخصي لفلسطين، ممهوراً بالالتزام الوطني اللبناني في هذا الشأن، داعياً لبنان - الدولة إلى "استثمار" هذا الموقف الأممي في اتجاه العمل على جعل فلسطين التاريخية كلها خارج متناول اليد الإسرائيلية القذرة، وحليفتها الولايات المتحدة الأميركية، بما يضمن لهذه البلاد حريتها وسيادتها واستقلالها، ولشعبها الحق والكرامة.

لكنْ، أيضاً بما يضمن في الآن نفسه، وبالتزامن، لتوأم فلسطين، أي لبنان، أن يكون موضعاً لبنانياً، كيانياً بامتياز، وموئلاً كونياً للحقّ والعدل والحرية والديموقراطية والسيادة و... الاستقلال. وذلك برفع أيدي الوصايات عنه. كل الوصايات.

وهذا من شأنه، هنا في لبنان، وعلى مقربة في فلسطين، أن يجعل هذين البلدين السياديين، وأن يجعل كلاًّ منهما على حدة، أرضاً استثنائية للإبداع والكِبَر والأنفة والخلق والتفكير والمساءلة في مشاغل الذات ومصير العالم، ورمزاً للكرامة البشرية، ولرفض الإهانة التي يتعرض لها الشرط البشري. هنا. والآن.

الأمم المتحدة دقّت أمس 128 مسماراً في نعش الصهيونية الأميركية – الإسرائيلية.

فليكن هذا الموقف الرائع، محفّزاً لنا من أجل "الاستثمار" الخلاّق في السياسة الدولية والإقليمية و... المحلية.

[email protected]


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم