الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

بيروت على موعدٍ مع "محرقة" نفايات... آتية من الجنة أم من جهنّم؟

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
بيروت على موعدٍ مع "محرقة" نفايات... آتية من الجنة أم من جهنّم؟
بيروت على موعدٍ مع "محرقة" نفايات... آتية من الجنة أم من جهنّم؟
A+ A-

الاعتراض على التسمية كان لافتاً في حديث عيتاني الذي قاطعنا ليقول، رداً على سؤال: "انها ليست محارق. بل مصنع لتحويل #النفايات الى طاقة. منهجية عملهما مختلفة كلياً. المحارق تحرق النفايات، أما مصنع التحويل فيتيح الافادة من القمامة العضوية في توليد الطاقة. كما أنه يحض المواطن على الفرز من المصدر".  

ولكن كيف للبناني أن يعتاد الفرز من المنزل بهذه السهولة. ولو انه سيعتاد قريباً، أما كان حرياً به أن اعتاد في الأمس؟ الأسئلة كثيرة لعيتاني الذي يجيب بهدوءٍ وراحة. يتلقّف الأسئلة من منطلق الرجل المطلع على ما يقوله. يسأل عن البديل، الذي لم يلمسه على شفاه الذين اعترضوا. هم أيضا لديهم ما يقولونه.

لماذا هو الحل الأفضل، دون سواه؟ الإجابة يختصرها عيتاني في 3 مفاتيح: "المحافظة على البيئة، الكلفة والتنفيذ". ويشرح كيف أن بلدية #بيروت توجّهت الى دراسة كل الحلول الممكنة للتخلص من النفايات. يقول: "كان مجلس الوزراء قد كلّف استشارياً لمتابعة المسألة فضلاً عن دور برنامج الأمم المتحدة الانمائي المساعد. وتم دراسة كافة الحلول المتبعة في دول العالم للتخلص من النفايات"، يعقّب رئيس البلدية.

مساحة مدينة بيروت المحدودة منعت القيمين من الاحتكام الى خيار المطامر الصحية. هكذا يقول عيتاني معتبراً "انها باتت أقل اعتماداً في العالم، وبهت لونها كفكرة. ولئن الدراسات التي فعلّت أثبتت توجهاً عالمياً نحو تحويل النفايات الى طاقة للتفكك الحراري في غضون الأربعين سنة الماضية، تقدّم المشروع في بورصة الحلول المطروحة. وبعد دراسة كامل الخيارات، تبين أن الطريقة المثلى التي اتبعتها القارة الاوروبية هي التفكك الحراري. الدول الاوروبية وضعت ضوابط تحد من الانبعاثات من خلال تحكّم كامل بمفاصل المصانع".

طرحت بلدية بيروت مشروع مصنع توليد الطاقة واعلمت مجلس الوزراء بسيرها في هذا الطريق. حضّرت دفاتر شروط غايةً منها في انتقاء المقاولين المخولين الاستثمار. وأهّلت أربع شركات عالمية من أصل 8 تقدّمت. والبلدية اليوم في صدد تحضير دفتر الشروط لطرح المناقصة في الربع الأول من السنة المقبلة 2018.

وسيبدأ العمل بالمشروع في ربيع 2018. وهو يحتاج الى 3 سنوات من العمل قبل ان يبصر النور. لذلك اتخذت الحكومة قراراً يقضي بتوسيع مطمري الكوستابرافا وبرج حمود ليستوعب نفايات بيروت الكبرى وبيروت الإدارية طوال المدة الزمنية التي يستغرقها تنفيذ المشروع. والمصنع المرتقب سيعالج نفايات بيروت الادارية فقط، والتصميم ينجز على هذا الأساس. فيما صيغة حلّ مشابهة ستعتمدها وزارة البيئة لبيروت الكبرى بعدما تم تجهيز دفتر الشروط.

وهل ستخلف مصانع توليد الطاقة عوادم؟ يجيب عيتاني انها "تشكل نوعين من العوادم منها رواسب يعاد استعمالها لبناء الطرقات، وتشكل 15% من حجم النفايات التي تدخل الى المصنع". وعن الصيغة التنفيذية لجمع النفايات وتحويلها، يقول ان "جزءا من النفايات سيتحول الى طاقة لا كلها. تفرز القمامة من المصدر ومن ثم تفرز داخل المصنع ثم تعالج ثم يحول ما تبقى منها إلى طاقة. ما يعني ان قرابة 65% من النفايات المجموعة تتحول الى طاقة، وهي مواد عضوية تعالج لزيادة القوة الحرارية والافادة منها في الطاقة".

وماذا ان لم يمتثل اللبناني للسياسة الفرز من المصدر، اذ ان تجاربه السابقة غير مشجعة في هذا المضمار؟ يجيب "في حال عدم امتثال اللبناني للفرز تذهب الكمية كلّها لتفرز من المصنع. ونحن لا نتوقع ان يعتاد المواطن الفرز من اليوم الأول بل انها تتحول الى ثقافة مع الوقت. لكنها لا تشكل عائقا أمام المشروع. مع العلم ان بلدية بيروت تعتزم القيام بحملات توعوية للمواطن حول كيفية جمع النفايات وتدويرها". 

وفي رسالة يوجهها الى المعارضين الذين يلوحون بورقة الضرر البيئي الذي سيخلّفه المشروع، يقول عيتاني: "اقول للمعارضين ان الشروط التي نضعها في دفاترنا لتنفيذ مشروع كهذا هي شروط قاسية جدا تحت رقابة استشاري رائد في هذا المجال، اضافة الى استشاري للمراقبة. واقترحت تشكيل لجنة مستقلة من اساتذة جامعيين بيئيين ليتولوا ادارة المختبرات التي تفحص الانبعاثات وتعلن عن نتائجها فورا. وستتولى وزارة البيئة عملية الرقابة الى جانب بلدية بيروت. واذا كان اللبنانيون قد شاركوا في ارسال صاروخ الى المريخ، فلماذا الاستخفاف بقدراتهم الأخرى. المقاول سيستثمر ويدير المشروع ونحن نراقبه ونراقب الانبعاثات ونحاسب على اساسها. لا ضرر صحياً، بل انه أفضل بكثير من أي حلول موجودة حالياً خصوصاً لبيروت. ولا حلول أخرى تلوح في الأفق".

واذا كان عيتاني قد استطرد في الشرح، فإن ردّ المعارضين أتى على غير المتوقّع مختصراً. فيما الأيام تثبت أو تدحض، اذا ما كان المختصر مفيداً أم لم يكن. يقول المهندس البيئي زياد أبو شاكر في هذا الصدد أن "مجموعة الخبراء المعارضين مشروع المحارق يلتزمون الصمت الى ما بعد 29 كانون الأول الحالي". ويعلن عبر "النهار" الخطوات المرتقبة تاركاً الحكم الى عيون اللبنانيين (سيشاهدون بالعين المجرّدة كما يقول). الأنظار ستتجه الى سينما متروبوليس. هناك يعتزم المعارضون عرض فيلم وثائقي كانوا قد صوّروه بعد رحلةٍ خاصة قاموا بها الى الدانمارك، وكان أبي شاكر في طليعتهم. "سيعرض بشكل علني في 29 كانون الأول الجاري"، يذكّر أبي شاكر. ويضيف: "الرأي العالم سيشاهد من وجهة نظر علمية بحتة ما شاهدناه في الدانمارك. ذهبنا الى "النبع" وصورنا هناك".

ولكن لعيتاني حديثاً آخر: "المصنع بعيد 700 متر عن منزل أمير موناكو وهناك 500 مصنع في #اوروبا و126 مصنعاً في فرنسا وحدها. نحن نستخدم تكنولوجيا مثبة علمياً وموافقاً عليها".

أبي شاكر سيبقى ملتزماً الصمت بعدما أخذ على عاتقه أن يترك الحديث للوقائع المصوّرة. "من بعد 29 الشهر منلتقي ومنعمل السردية الكاملة. ما بدنا نرد أو نعطي اي اتجاه قبل عرض الفيديو"، يقول بلهجةٍ عامية وبنبرةٍ فيها كثير من التحدي. المواجهة، إذاً، مفتوحة، ومؤجلة الى العام المقبل. فمن سينتصر: أصحاب فرضية المحرقة أم أصحاب فرضية مصنع توليد الطاقة عبر النفايات؟ وبعبارةٍ مبسطة أكثر يمكن ان نسأل: هل المنتصر محرقة أم مصنع لتوليد الطاقة عبر النفايات؟


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم