الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

صقور وحمائم واشنطن مخطئون.. لماذا أوقف كيم تجاربه الصاروخيّة؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
صقور وحمائم واشنطن مخطئون.. لماذا أوقف كيم تجاربه الصاروخيّة؟
صقور وحمائم واشنطن مخطئون.. لماذا أوقف كيم تجاربه الصاروخيّة؟
A+ A-



إنّ مرور هذه الفترة من دون إجراء أيّ تجربة صاروخيّة لا ينعكس تخفيفاً للتصعيد الكلامي بين كوريا الشماليّة والولايات المتحدة. فقد استنكرت #بيونغ_يانغ أمس إعادة إدراجها على قائمة الدول الراعية للإرهاب يوم الاثنين الماضي واصفة القرار بأنّه "استفزاز خطير وتعدّ عنيف". وبينما سمحت هذه الخطوة بفرض مزيد من العقوبات الأميركيّة، قال متحدّث باسم وزارة الخارجيّة الكوريّة الشماليّة إنّ هذه العقوبات ستدفع دولته إلى التمسّك أكثر بترسانتها النوويّة، متوعّداً ب "محاسبة" #واشنطن على إجراءاتها. 


"مجرم قبيح" و "جبان"

حين طرح ترامب عبر موقعه على "تويتر" سؤال: "لماذا وجّه كيم جونغ أون إهانة لي بوصفي عجوزاً، في الوقت الذي لن أصفه يوماً بأنّه قصير وسمين؟" ردّت صحيفة "رودينغ سينمون" الناطقة باسم الحزب الحاكم بأنّ ترامب "يستحقّ عقوبة الإعدام" لأنّه "تجرّأ بخبث على أن يضرّ بكرامة القيادة العليا". ووصفته بال "مجرم القبيح" و "الجبان" لأنّه رفض زيارة الحدود بين الكوريّتين في جولته الآسيويّة الأخيرة وهو تقليد يتبعه المسؤولون الأميركيّون لدى زيارتهم سيول.


خابت التوقّعات

باستثناء الردود الكلاميّة المعتادة إلى حدّ ما، هل يمكن لقرار ترامب الأخير أن يعيد دفع كوريا الشماليّة باتّجاه التصعيد مجدّداً؟ الجواب على هذا السؤال قد يكون شائكاً، إذ يتوجّب معرفة السبب الذي دفعها أوّلاً إلى الهدوء طوال هذه الفترة. في هذا السياق، طرح المراقبون عدداً من الفرضيّات لكنّ أبرزها لم يكن مرتبطاً بالتطوّرات السياسيّة. وهذا يشرحه مثلاً توقّعُ عدد من الباحثين من بينهم ستيف مولمان في مجلّة "كوارتز" الأميركيّة إطلاق كيم صاروخاً بالستيّاً قبيل أو خلال زيارة ترامب الآسيويّة للفت الانتباه. وبذلك يكون الزعيم الكوريّ قد وجّه رسالة قاسية للآسيويّين والأميركيّين خصوصاً أنّ الرئيس الأميركي رغب من مضيفيه زيادة الضغط الاقتصاديّ على كوريا الشماليّة. وتوقّع مولمان أن تشكّل زيارة ترامب الآسيويّة "اللحظة السياسيّة المناسبة" لإطلاق كيم تجربته الصاروخيّة. لكنّ ذلك لم يحدث.


صقور وحمائم واشنطن مخطئون

منذ يومين، تذكّر فان جاكسون من مجلّة "ذي اطلانتيك" الأميركيّة كيف قال نائب مساعد وزير الخارجيّة الأميركيّة للشؤون الكوريّة جوزف يان إنّ فترة 60 يوماً من دون تجربة صاروخيّة كوريّة ستكون مؤشّراً بأنّ بيونغ يانغ مستعدّة للدخول جدّياً في عصر الديبلوماسيّة. لكنّ صقور ترامب الذين يؤكدون أنّ ذلك يعود إلى "الضغط الأميركي الأقصى" و "حمائم الانخراط" الذين يقولون إنّ كيم يبدي مرونة، هم على خطأ. فالمقاربتان مضلّلتان بحسب جاكسون الذي يطرح ثلاث احتمالات لا علاقة لها بالديبلوماسيّة يمكن أن تشرح الهدوء النسبيّ.


"هدوء ما قبل العاصفة"

الأوّل وهو غير مرجّح كثيراً، اعتقاد كوريا الشماليّة بأنّها أنجزت التطور الصاروخي المنشود وبالتالي هي ليست بحاجة ماسّة إلى مزيد من الاستفزازات في هذا المجال. ويشير الاحتمال الثاني إلى أنّ كوريا علّقت تجاربها وفقاً لجدول زمنيّ سنويّ للتقييم العام حيث تعيد دراسة تجاربها السابقة وتقوّمها وفقاً للنتائج فيما يتحضّر الجنود الكوريّون للدخول في تدريبات مكثفة ومناورات مشتركة. ويضيف جاكسون أنّ "هدوء ما قبل العاصفة" الذي يسبق "دورة التدريب الشتويّة" لم يمثّل مطلقاً إيقافاً للبرنامج الصاروخيّ.


فصل الخريف..

يبقى السبب الثالث الذي تحدّث عنه جاكسون وغيره، بما قد يزيد من نسبة الترجيحات التي تصبّ في خانته. وهو كالأسباب السابقة، لا يرتبط أبداً بالمجريات السياسيّة أو الديبلوماسيّة أو حتى العسكريّة: إنّه فصل الخريف، موسم الحصاد. يشير الكاتب إلى أنّ عدّة أقسام من الجيش الكوريّ يؤدّي وظائف خاصّة في هذا الموسم خلال هذا الفصل من هذا السنة. وما لم يشرحه جاكسون في "الأطلانتيك" استفاض به الباحث في معهد ميدلبوري الأميركي للدراسات الدوليّة شي كوتون في مقال له ضمن مجلّة "فوربس" الأميركيّة.


صاروخ أو اثنان حتى شباط المقبل؟

يكتب كوتون أنّ كوريا الشماليّة أجرت تجربة صاروخيّة واحدة كلّ أسبوعين كمعدّل عام بين آذار وأيّار الماضيين. وأضاف أنّ هذا التباطؤ شهدته بيونغ يانغ خلال السنوات الماضية حيث كانت الأرباع الثلاثة الأولى من كلّ سنة تشهد معدّلاً أعلى بكثير من الربع الأخير لناحية التجارب الصاروخيّة. وبمعدّل عام، تنخفض هذه النسبة 80% من الربع الثالث إلى الرابع. ويرجّح أن يكون السبب في ذلك، موسم الحصاد حيث أنّ الوقود الذي يستخدم عادة في العمليّات العسكريّة يحوّل لخزّانات الشاحنات التي تنقل الحصاد الزراعي عبر البلاد. وكتب أيضاً أنّ صور الأقمار الاصطناعيّة تشير إلى أنّ المراكز العسكريّة محاطة بالأراضي الزراعيّة التي يشارك الجنود في حصد منتوجاتها: "في نهاية المطاف، لا تستطيع أن تحصل على برنامج صاروخيّ، إذا كان علماء صواريخك يكادون أن يتضوّروا جوعاً". وتوقّع كوتون أن يطلق النظام صاروخاً أو صاروخين حتى شباط المقبل، لكنّه لن يعود إلى معدّل تجربة كلّ أسبوعين قبل ذلك الحين.


في النهاية، ومع أنّ ما طرح من فرضيّات لا يقبل الجزم بشكل نهائيّ، إلّا أنّ الفرضيّة الأخيرة تستند إلى نمط واضح في التجارب الكوريّة خلال السنوات الأخيرة وخصوصاً بدءاً من سنة 2014. هذا النمط، مقروناً بالوضع الاقتصادي لكوريا الشماليّة وانخراط الجيش في موسم الحصاد، قد يقدّم تفسيراً مقبولاً لتكرار انخفاض التجارب الصاروخيّة في هذه الفترة من العام. فتكرار الظاهرة نفسها في الأشهر نفسها خلال إدارتين أميركيّتين مختلفتين، يكاد يثبت أنّ الأمر لا يرتبط مباشرة بأيٍّ من السياسات الأميركيّة المطروحة في المنطقة، على الأقلّ إذا لم تمتدّ هذه الحالة لما بعد شباط المقبل بحسب توقّعات الباحثين.


















الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم