الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الأغاني الوطنيّة تلك الصديقة التي "تفنّنت" في عشقها للبنان

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
الأغاني الوطنيّة تلك الصديقة التي "تفنّنت" في عشقها للبنان
الأغاني الوطنيّة تلك الصديقة التي "تفنّنت" في عشقها للبنان
A+ A-

لم يُحاولوا إخفاء جنونهم الإبداعيّ عندما حان الوقت ليُعبّروا عن العشق الكبير الذي جاور الهوس تجاه هذه الخليلة التي اتخذت شَكل الوطن. "إنغَمسوا" في رواق الإبتهاج العامِر، "تهوّروا" فنيّاً وبِقدر ما سَمحت لهم جُرأتهم، وخرجوا عن الإطار المُحدّد سلفاً للنَغمة، كتبوا الكلمات الملوكيّة في وصفها والقادِرة على "إغواء" روح الثورة المُتربّصة خلف ثوب التحفّظ المدروس، و"تمادوا" في تلوين الأنغام المهيبة في إنسيابها داخل المُخيّلة، ورقصوا على أنغام أحلامهم المُستحيلة.

كانت المسألة بسيطة وواضحة في أذهانهم عندما "وظّفوا" عبقريتهم أو تلك الشعطة التي يتعذّر إلغاء "كيانها" داخل شرايين الروح، ليحتفوا بأرض الوطن وإستقلاله. قالوا بحَزم: هذا ليس الوقت المُناسب للتعقّل، فلحظة الإفتتان هذه ليست عابِرة ما دام لبنان هو نَبض القلب وإيقاعها.

يَهتف الناقد السياسيّ والموسيقيّ الكبير الياس سحّاب ما أن نستهل "دردشتنا" الصباحيّة حول الموسيقى التي ألّفها الكبار للإحتفاء بالإستقلال والوطن، "خطرت في بالي فكرة مساء أمس أردتُ ان أتشاطرها معك، وهي التالية: العلاقة، برأيي، بين الأغنية اللبنانيّة والإستقلال السياسيّ أعمق بكثير من مُجرّد إستعراض ينطوي على الغناء للوطن، وأعني بذلك تحديداً الجانب الشكليّ للموضوع. والجانب الأبرز في هذا الموضوع ينطوي على كون شخصيّة الأغنية اللبنانيّة لم تتكوّن فعليّاً قبل الإستقلال. ففي النصف الأول من القرن الـ20، قبل الإستقلال، جرت العادة أن يكتب الملحّن والموسيقي الأعمال باللهجة المصريّة".



وكان لرئيس الوزراء اللبناني الراحِل رياض الصلح الدور المحوريّ في فرض تشكيل لجنة في الإذاعة اللبنانيّة "للإشراف على نصوص الأغاني لتُكتب باللبناني. وتألّفت اللجنة من الكبار: عمر الزعنّي، وعبد الجليل وهبي، وأسعد سابا، وأسعد السبعلي".

يُعلّق سحّاب قائلاً، "هذه المعلومات نقلها إليّ عازف البزق الكبير أحمد علوان في الثمانينات عندما أجريت معه مقابلة مطوّلة لمجلة "المصباح" التي كنت أصدرها". وبعد هذه الفترة صارت شخصيّة الأغنية اللبنانيّة أكثر عراقةً. "ومن المُلحّنين الأوائل الذين تألّقوا بعد الإستقلال، هو الراحل خالد أبو النصر الذي أعطى السيدة فيروز أغنية : - وطن النجوم أنا هنا- من شعر إيليا أبو ماضي، كما أعطى لزكية حمدان أغنية -أنا من لبنان- وألّف لنجاح سلام -الله يا لبنان ما أجملك- المأخوذة من شعر أمين تقي الدين".

وعبر السنين حضر حُب الأرض والوطن في أعمال أهم الموسيقيين وأكثرهم تألقاً في الساحة الموسيقيّة اللبنانيّة، وكانت للجنوب حصّة كبيرة في الذخيرة الموسيقيّة. فالسيّدة فيروز تألّقت بأغنية: "أسوارة العروس" من ألحان فيلمون وهبي وكتابة جوزف حرب. والراحل الكبير وديع الصافي غنّى للجنوب أيضاً ولمعت أغنيته: "الله معك يا بيت صامد بالجنوب"، وهي من أشهر أعماله الوطنيّة.

وأصرّ الراحل الكبير زكي ناصيف على إلقاء التحيّة على وجه التحديد للجيش اللبناني، "ومن أجمل هذه الأعمال : - تسلم يا عسكر لبنان - التي كتبها ناصيف للأسطورة صباح وعزفت الفرقة الموسيقيّة التي شاركت في وداع الصبّوحة هذه الأغنية وتفاعل كل من عشق الراحلة مع رقي هذه الأغنية وفرحها الثائر".

الكبير زكي ناصيف، "عمل كثيراً على موضوع الأرض وتعلّق الإنسان فيها، وأذكر تلحينه لمسرحيّة: حكاية لبنان في العام 1959 ومسرحيّة: أرضنا إلى الأبد التي شاركت في العام 1964 في مهرجانات بعلبك - والعملين لفرقة الأنوار".




ويؤكّد سحّاب أن "ميزة الأغنية اللبنانيّة الوطنيّة تكمن في كون الكبار إقتحموا عوالمها. ويجب أن نذكر أن الأخوين فليفل خلال فترة ما قبل الإستقلال كانا يأخذان قصائد وطنيّة لشُعراء كبار ويزوّدانها بالألحان. وأسس الأخوين فليفل لحن النشيد، وبرزت في هذا الأسلوب أغنية - موطني موطني- للشاعر الفلسطيني إبرهيم طوقان. الأغنية تُحاكي كل الأوطان ومن هنا قدرتها على تجسيد الحب الكبير للبنان. ولا ننسى أن أشهر الألحان الوطنيّة ما قبل الإستقلال هو بكل تأكيد النشيد الوطني الذي وضع كلماته الشاعر الزجلي الكبير رشيد نخلة ولحّنه وديع صبرا".

وبكل تأكيد فإنذ "الأخوين رحباني خصّصا مسرحيّات - طويلة عريضة - للوطن. ولم يتجسّد عشقهما للوطن من خلال الأغاني فحسب، بل ألّفا مسرحيّات كاملة تُناجي الوطن، وأذكر منها مسرحية - فخر الدين".

ويُشدّد سحّاب على إبداع الموسيقي الكبير زياد الرحباني في الأغنية الوطنيّة، "واعتبر أن من أرقى ما لحّن زياد لوالدته فيروز في ما يتعلّق بالشقّ الوطنيّ هي أغنية: من أول ما تكوّن يا وطني الموج، وهي من كلمات جوزف حرب. وتوزيع زياد في هذه الأغنية من العناصر البارزة والمحوريّة، والتوزيع مُركّب وصعب جداً".

                                         [email protected]





حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم