السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

تحية إلى "شاعرة الصوت" عشية عيد ميلادها \r\nبيروت وفيروز حِرفة اختراع الذات

أكرم الريس
Bookmark
تحية إلى "شاعرة الصوت" عشية عيد ميلادها \r\nبيروت وفيروز حِرفة اختراع الذات
تحية إلى "شاعرة الصوت" عشية عيد ميلادها \r\nبيروت وفيروز حِرفة اختراع الذات
A+ A-
تعرض هذه المقالة التي ننشرها عشية عيد ميلاد فيروز (يوم الاستقلال)، ارتباط مسيرتها ببيروت في عملية الابداع الفني وكمركز ثقافي تقاطعت فيه التيارات الثقافية المشرقية والغربية وتفاعلت في ما بينها، وذلك عبر ثلاث نقاط انطلاق رئيسية: مرحلة الاذاعات (1950-1956)، مسرح البيكاديللي (1967-1978) ولقاؤها الفني مع زياد الرحباني الذي انطلق بشكل مستقل عام 1979. ترعرعت نهاد حداد في أسرة من الطبقة الفقيرة في حي زقاق البلاط. كان والدها وديع حداد عاملاً في مطبعة، وكانت هي البكر فساعدت والدتها ليزا البستاني في تدبير شؤون البيت والعناية بأخيها جوزف وأختيها هدى وامال. في كورال المدرسة سمع محمد فليفل (1899 – 1985) غناء تلك الفتاة الخجول. استحوذه صوتها، فرعى موهبتها ودرّبها على أسس الغناء والتجويد القرآني. كما حصل لها على منحة لتدرس الموسيقى في الكونسرفتوار الذي كان يديره وديع صبرا (1876 – 1952). كانت بيروت في الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي تعزز دورها الثقافي والاقتصادي والسياحي خلال مرحلة اتسمت بمخاض من الازمات والحروب المحلية والاقليمية والدولية. وقد تعددت مكوّناتها الاجتماعية والديموغرافية نتيجة حركات النزوح المتعاقبة من الأرياف المحلية والمدن العربية فبرزت شبكة جديدة من النخب الاجتماعية ذات توجهات حداثية، تقاطعت المصالح الاقتصادية لبعض منها مع سياسات الانتداب الفرنسي التي كانت محورها المدن. كما طورت سلطات الانتداب البنى التحتية والمؤسسات ومنها في الاعلام "راديو الشرق" (1938) وقد أصبحت الإذاعة الرسميّة بعد ثلاثة أعوام من استقلال لبنان. وتشكلت فيها "اللجنة الفنّيّة الأدبيّة" التي كان من مهماتها "تنمية الروح القومية في نفوس الشعب، لأن الغناء والتمثيل هما من أقوى الوسائل تأثيراً على ذهنية الناس وميولهم، ولا يجوز بأي حال أن تُترك هذه الوسائل تعمل فساداً في الأذواق والنفوس") فايق الخوري، 1966). ودارت النقاشات حول هوية الأغنية اللبنانية وكيفية الارتقاء بها نصّاً، ولحناً، وغناء. وصدرت القرارات التنظيميّة في الاذاعة اللبنانية في منتصف الاربعينات لرفدها بالإنتاج الغنائيّ المبني على "الزجل باللغة اللبنانية الدارجة". في هذا المشهد الثقافيّ والفنيّ المتوقد، تمكن محمد فليفل من إقناع والد نهاد حداد بالسماح لها بالمشاركة في حفلات جوقته الاسبوعية في الإذاعة اللبنانية. وما لبث ان قدّمها سكرتير برامج الاذاعة حافظ تقي الدين الى الملحّن حليم الرومي (1917-1983) الذي تولى ادارة القسم الموسيقي فيها مع بداية العام 1950. بعد فترة عمل قصيرة في كورس الاذاعة منح حليم الرومي نهاد اسمها الفني وأغنيتها الاولى تانغو "تركت قلبي وطاوعت حبك" التي تم اطلاقها في شباط 1950 تلتها مجموعة من الاعمال مع ملحّني الاذاعة. كانت الاذاعة اللبنانية أيضاً منصة الحدث الأهم في مسيرة فيروز الفنية، الا وهو لقاؤها بعاصي الرحباني (1923-1986) وقد تكلل بالزواج في مستهل العام 1955. نضج صوتها بعد عبوره مع الاخوين رحباني في طريق شاق من التدريبات الصوتية مبنية على رؤية حداثية تجمع مناهل غنائية مشرقية وأنماطا أوروبية متعددة. كانت جهود الاخوين رحباني ترمي في تلك المرحلة نحو تأسيس عالم جمالي بدأت تظهر معالمه وتتبلور تدريجياً لتأخذ ما تحقق في السنوات السابقة في الحركة الفنية الناشئة الى آفاق جديدة. وما لبث ان توثّق التعاون الفني في ما بينهم وترسخ تدريجياً ليشكلوا ثالوثاً فنياً فريداً جذب دعم كل من أحمد عسه (1915-2005) مدير الاذاعة السورية وصبري الشريف (1922 – 1999) المدير الفني في "اذاعة الشرق الادنى" ورعايتهما. وسرعان ما انتشرت أعمال هذا الثالوث عبر أثير الاذاعات انطلاقاً من أغنية "عتاب" رغم معارضة بعض المحافظين من أعلام الفن وجمهوره وندرة ظهورها على المسارح. وبلغ حد اعجاب البعض في سوريا ولبنان الى تأسيس "حزب الفيروزيين" الذي تزعمه مؤسس "دار الصياد" سعيد فريحة معتبراً انها "ثروة وطنية" (مجلة الصياد، 25/8/1955). ودعتهم الاذاعة المصرية...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم