الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

سباق إسرائيلي- إيراني على كسب تأييد الغرب\r\n

المصدر: "النهار"
رندة حيدر
A+ A-

تراقب إسرائيل بكثير من القلق والحذر الاستقبال الدولي للرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني في الأمم المتحدة. وتتخوف من أن ينجح الرئيس الإيراني الجديد في ظهوره الدولي الاول في تغيير الموقف الدولي ازاء إيران عبر اعلانه استعداد بلاده لحل ديبلوماسي لمشكلة المشروع النووي الإيراني، واعادة الحرارة الى العلاقات الإيرانية- الأميركية، واقناعه المجتمع الدولي بتخفيف العقوبات الاقتصادية الصارمة المفروضة على بلاده التي يدفع ثمنها المواطن الإيراني غالياً.


وفي الواقع فان احتمال نجاح روحاني في كسب ود الغرب تمهيداً لمفاوضات بناءة تتيح المجال للتوصل الى صفقة دولية لحل مشكلة المشروع النووي الإيراني بوسائل سياسية، يشكل تحدياً أساسياً لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي عكف طوال العامين العامين المنصرمين على تضخيم خطر حصول إيران على السلاح النووي، واعتباره خطراً وجودياً على إسرائيل يشبه خطر المحرقة النازية. وخلال تلك الفترة سعى نتنياهو بشتى الوسائل الى الضغط على إدارة أوباما، من بينها التلويح بامكانية القيام بضربة عسكرية إسرائيلية منفردة ضد المنشآت النووية الإيرانية، من أجل دفع الإدارة الأميركية على الالتزام علناً بعدم السماح لإيران بالحصول على السلاح النووي حتى لو تطلب ذلك اللجوء الى الخيار العسكري، وهذا ما حدث فعلاً اثناء الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما بعد فوزه بالرئاسة لإسرائيل.


تهافت "الخط الأحمر" الذي وضعه نتنياهو


في العام الماضي في مثل هذا التاريخ ألقى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حدد فيه "الخط الأحمر" الذي على الإيرانيين عدم تجاوزه في عمليات تخصيب اليوارنيوم. واستند هذا الخط الى ركنين أساسيين: الاول الا تتجاوز كميات اليورانيوم المخصب بنسبة 20% حجم 250 كيلوغراماً، وإغلاق منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم. اليوم يبدو ان هذا الخط الأحمر فقد اهميته ولم يعد ذا قيمة وذلك للأسباب التالية:


- نجاح إيران في الالتفاف على مشكلة كميات اليوارنيوم المخصب بنسبة 20%، من خلال تركيب مراكز طرد مركزي متطورة تستطيع بسرعة كبيرة رفع تخصيب اليورانيوم من نسبة 3.5% إلى 90% بحيث يصبح في امكان طهران حينما تشاء صنع قنبلة نووية خلال مدة زمنية قصيرة جداً تترواح ما بين ستة إلى عشرة أسابيع وفقاً للمصادر الإسرائيلية.


- اعراب الرئيس الجديد حسن روحاني عبر تسريبات الى مجلة "دير شبيغل" عن استعداد بلاده لاغلاق منشأة فوردو الموجودة تحت الأرض، إذ لم تعد إيران اليوم بحاجة اليها مع وجود 17 الف مركز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم.
- الخطاب السياسي الجديد الذي ينتهجه الرئيس الإيراني حسن روحاني المنفتح على الغرب والمختلف تماماً عن الخطاب المتطرف للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الذي لطالما استغله نتنياهو لتحريض الغرب على إيران. فروحاني على عكس نجاد لا ينكر حدوث المحرقة، وهو لم يتأخر عن ارسال تهنئته بالسنة العبرية الجديدة عبر موقع تويتر. ويبدو خبيراً في عقلية الغرب وقادراً على التحاور معه الامر الذي يجعل نتنياهو محشوراً في الزاوية، ومضطراً الى البحث عن لغة جديدة لاقناع الغرب بخطورة التساهل مع إيران ومشروعها النووي وضرورة الاستمرار في فرض العقوبات الاقتصادية عليها.


صفقة على حساب إسرائيل


يجد نتنياهو نفسه اليوم امام واقع سياسي مختلف تماماً عما كان عليه الوضع العام الماضي. ولم يعد بامكانه مثلما فعل العام الماضي التهويل على المجتمع الدولي، الذي منذ بداية ازمة المشروع النووي بدا غير متحمس بتاتاً لعمل عسكري ضد المنشآت النووي الإيرانية يمكن ان يشعل المنطقة ويؤدي الى ارتفاع اسعار النفط في وقت تعاني يشهد الاقتصاد الأوروبي أزمة حادة.
ورغم التبدل الواضح في الخطاب السياسي الإيراني مع زعامته الجديدة، ما يزال نتنياهو متمسكاً بسياسة التهديد والتهويل، ولا يبدو انه مقتنع قيد أنملة بالتوجهات التصالحية للرئيس الجديد وبالمرونة التي يبديها. ومما لا شك فيه أنه سيراقب بدقة ردود الفعل الدولية على خطاب روحاني امام الجمعية العامة للأمم المتحدة ليوظفه في الخطاب الذي سيلقيه يوم الثلاثاء المقبل.


واستناداً الى مصادر مقربة من نتنياهو فهو سيشدد في خطابه المقبل على أربعة شروط تبدو تعجيزية لحل مشكلة المشروع النووي الإيراني هي: وقف تخصيب اليورانيوم على مختلف انواعه واغلاق منشأة فوردو؛ تفكيك مراكز الطرد الحديثة التي ركبت؛ اخراج جميع اليوارنيوم المخصب من إيران؛ واغلاق مفاعل المياه الثقيلة في أراك الذي يشتبه بأنه يعمل على انتاج سلاح نووي من البلوتونيوم.


عندما كان يحكم إيران زعيم متشدد ومتطرف كاره للغرب مثل أحمد نجاد ، لم يكن صعباً على بنيامين نتنياهو كسب ود الدول الغربية والتهويل عليهم. لكن الوضع اليوم اختلف، والزعامة الجديدة التي يمثلها حسن روحاني وفريق عمله في الخارجية الإيرانية يشكلان تحدياً حقيقياً لنتنياهو رغم خبرته الخطابية على المنابر الدولية، فمن الصعب اليوم على نتنياهو ان يقنع المجتمع الدولي بان مرونة روحاني هي مجرد خداع هدفها كسب الوقت، وان على هذا المجتمع الا تبهره اللهجة المعتدلة لروحاني.


طول الفترة الماضية استخدم نتنياهو التهويل بهجوم عسكري ضد المنشآت النووي الإيرانية سلاحاً فعالاً للضغط على الغرب لحل هذه المشكلة. واليوم يعلم الجميع داخل إسرائيل وخارجها ان الخيار العسكري ضد إيران بات مستبعداً، والاهم ان إسرائيل لا يمكنها القيام بذلك لوحدها من دون دعم الولايات المتحدة التي تبدو اليوم انها على وشك ان تفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع النظام الإيراني الجديد.


مع تصاعد الاصوات داخل الولايات المتحدة الداعية الى الانفتاح على الرئيس الإيراني الجديد يبدو ان الخيار الوحيد المتبقي أمام نتنياهو التمسك بسياسة التهويل والتشكيك بصدقية الرئيس روحاني. ويبدو ان هذا الامر سيتحول الى اختبار شاق لكل من مكانة نتنياهو وإسرائيل على الصعيد الدولي.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم