السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

حتى لا يكون "التفاهم" تفاهماً على إلغاء الدولة

المصدر: "النهار"
Bookmark
حتى لا يكون "التفاهم" تفاهماً على إلغاء الدولة
حتى لا يكون "التفاهم" تفاهماً على إلغاء الدولة
A+ A-
شغلت مبادرة الرئيس بري القوى السياسية، وأحصى هو شخصيا ردود فعل عليها، محلية وعربية ودولية. بما أنه لا يمكن ولا يجوز الوقوف ضدها، إذن هي مبادرة إيجابية. هذا استنتاج مقلوب، يبدأ من الآخر إلى الأول. أما الاستنتاج الطبيعي، فينبغي أن يكون كالتالي: بما أنها إيجابية، إذن لا يمكن الوقوف ضدها.على كل حال، مهما كانت وجهة السير في المعادلة المنطقية، فإن الإيجابي يكمن في ما تتضمنه من دعوة إلى التلاقي والحوار والتوافق. إنها إيجابية لأنها مع التوافق، وهذا هو بالضبط مصدر استحالة الوقوف ضدها.ونحن، من جهتنا، بالرغم من كل ما سنقوله عنها، نتمنى لها ولصاحبها النجاح.لكنها مبادرة رديئة! عذرا من الذين تمنوا لها، مثلي، التوفيق. إنها رديئة لأنها ضد الدولة. كيف؟!إيجابية لأنها تقدم صورة مختلفة، بل مناقضة لصورة المعارضة في مخيمها الكشفي. إنها تعطي أملا للبنانيين، فيما المخيم سد أبواب الأمل، وأبواب الرزق أمام الكثيرين؛ ومناقضة لصورة المعارضة في الحكومة، لأن المعارضة في المبادرة تبدو حريصة على التواصل، فيما هي في الحكومة مصرة على القطيعة، الخ، الخ...وقد يجد المرء وجوها أخرى إيجابية، لكنها إيجابية في الظاهر فحسب.أما أنها رديئة فللأسباب التالية:أولا: هي ليست مبادرة، لأنها لا تقترح حلولا، اللهم إلا اقتراح الحوار. غير أن الحوار الذي بدأ، يوم بدأ، وقد يستأنف، إنما هو حوار استبعد مؤسسات الدولة وانتظم خارجها، إذن على حسابها. الحوار الأول بدأ بين قوى سياسية ممثلة كلها في مجلس النواب، وبين ممثلين لهذه القوى موجودين جميعا في مجلس النواب، إلا الأمين العام لـ"حزب الله". كأنما كان استحداث ذاك الإطار لتكريس عدم شرعية مجلس النواب وسواه من المؤسسات، كالحكومة التي كان جميع أطراف الحوار ممثلين فيها، ما عدا تيار العماد عون وحلفاءه المسيحيين.كأن إطار الحوار استحدث ليضم السيد حسن شخصيا، وهذا مبرر، أو كأن الحوار لا يستقيم إلا بوجوده شخصيا، وهذا غير مبرر لا حزبيا ولا وطنيا. وفي جميع الأحوال ربما يكون قد بقي راسخا في ذهن "حزب الله"، أن الأمور لا تستقيم إلا بوجود الحزب، ما شجعه على الاعتقاد مثلا بأن وجوده في الحكومة هو وحده الذي يمنحها الشرعية، وأن خروجه منها سيؤدي إلى سقوطها، فضلا عما ترسخ في تقاليد السياسة اللبنانية الحديثة جدا من استخفاف بمؤسسات الدولة، انطلاقا من الاستخفاف بها في مجال الحوار، فانتقل الحوار إلى الشارع ووسائل الإعلام والمنابر والمآذن ومكبرات الصوت، وأقفل المنبر الذي كان ينبغي أن يكون الوحيد الصالح للتفاعل بين القوى السياسية، أي مجلس النواب.الاستخفاف بمؤسسات...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم