السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

النبيذ حلال أم حرام؟... هل تُخلخل الفلسفة عرش حرّاس "التراث الإسلامي" في مصر؟

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسر خليل
النبيذ حلال أم حرام؟... هل تُخلخل الفلسفة عرش حرّاس "التراث الإسلامي" في مصر؟
النبيذ حلال أم حرام؟... هل تُخلخل الفلسفة عرش حرّاس "التراث الإسلامي" في مصر؟
A+ A-

أثار الأديب والأستاذ الجامعي المتخصص في #الفلسفة، الدكتور يوسف زيدان، سجالا محموماً، على مدار الأيام الماضية، حول عدد من القضايا التاريخية والدينية الإسلامية، لكن ما حظي بمساحة كبيرة من هذا السجال، هو حديثه عن أن الدين مذاهب واتجاهات، وأن الحلال والحرام غير متفق عليه، بخاصة المثال الذي ضربه حول "النبيذ".  

وجاء ذلك خلال حديثه في فقرة "رحيق الكتب" في برنامج "كل يوم" الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب، والذي يعد ضمن أكثر البرامج التلفزيونية مشاهدة في #مصر. وخلال الحلقة التي أذيعت قبل نحو أسبوع، تحدّث عن أن "الحرام والحلال غير متّفق عليهما"، وضرب زيدان مثلا بشرب النبيذ، وتساءل: هل هو حلال أم حرام؟ وأجاب أنه "لو أنت من الأحناف (أتباع المذهب الحنفي)، يبقى حلالاً، لو أنت من الشافعية (أتباع المذهب الشافعي) يبقى حراماً".

كان هذا القول صادما بالنسبة لكثير من المشاهدين، الذين لم يسمعوا به من قبل، ويستقر في أذهانهم رأي واحد فقط، وهو أن "الخمر محرم عند جميع المذاهب الإسلامية"، وأنه لا خلاف على ذلك، ومبلغ علمهم، هو ما يردده رجال الدين والدعاة الإسلاميون.

النبيذ والخشاف 

سارع علماء أزهريون الى نفي صحة ما قاله زيدان، ومهاجمته. وقال مفتي الجمهورية الأسبق  الدكتور علي جمعة: "إن جميع أنواع الخمر حرام"، واصفاً إياها بأنّها "نجسة"، و"أن كل مسكر حرام، وبعضهم نسب لأبو حنيفة غير ذلك، وهو خاطئ"، مؤكدا أنه "لا وجود لذلك في كتب الحنفية، ولم يقل أبو حنيفة بذلك".

وأكد جمعة أن هناك "تلاعبا بالمصطلحات" وكلمة "النبيذ" المقصود بها عند العرب هو "الخشاف (الفواكه المجففة) عند المصريين"، وأن "ترجمة كلمة نبيذ هي Wine، وهذا خطأ".

ورد أستاذ الفلسفة على المفتي الأسبق عبر صفحته في "فايسبوك"، قائلاً: "حتى أنت يا دكتور علي جمعة... حتى أنت! طيب، ما قولك في البوست الذي سأضعه بعد قليل، من دون تعليق، وهو صفحة من المراجع المعتمدة في الأزهر؟".

ثم شارك زيدان صفحة من كتاب "السنّة" للإمام أحمد بن حنبل (صاحب المذهب الحنبلي)، يشير فيها إلى أنه "سئل أبو حنيفة عن الأشربة فما سئل عن شيء إلا قال لا بأس به، وسئل عن المسكر فقال: حلال".

وكان زيدان ردَّ في تدوينة أخرى على قول مشابه حول النبيذ والخشاف، لأستاذ الشريعة بجامعة الأزهر الدكتور أحمد كريمة، وقال فيه: "يا شيخ... بالعقل والمنطق: إذا كان النبيذ هو حقاً خُشاف #رمضان الذي تسميه أنت (الخُشّاف)، فلماذا هذه المئات من الكتب والمخطوطات التي تحدثت عن اختلاف فقهاء الأحناف، مع بقية فقهاء المذاهب؟ هل فقهاء المذاهب الأخرى، يحرمون خشاف رمضان!".


تأملات ديكارت 

ويبدو من تعليقات، واختيارات نسبة غير قليلة من مستخدمي "فايسبوك"، بخاصة متابعي صفحة زيدان، وصفحة برنامج "كل يوم"، أنّ الفلسفة، ربما بدأت تكتسب مساحات جديدة في ساحة المعركة الفكرية الدائرة في مصر منذ عقود طويلة، والتي خاضها من قبل نصر حامد أبو زيد، وطه حسين، وغيرهما من قادة التنوير.

وبدا أنّ ذلك التقدم يأتي على حساب سدنة كتب التراث الإسلامي، الذين يتجلى بمرور الوقت، أنهم لا يقومون بالدفاع عنها فحسب، بل ينكرون ما جاء بها، غير مدركين أنها باتت متاحة للجميع، مجانا، وبكبسة زر واحدة، في عصر ثورة تكنولوجيا المعلومات، ومواقع التواصل الاجتماعي.

وقال زيدان في تدوينة مثيرة للتأمل، إنه "من بين الكتب الأربعة المطروحة لتصويت المشاهدين، لاختيار أحدها ليكون موضوع لقائنا المقبل (السبت 11 تشرين الثاني): البرهان في علوم القرآن للزركشي، طوق الحمامة لابن حزم، التأملات لديكارت، الإلياذة لهوميروس.. اختارت أغلبية الأصوات، بفارق كبير (التأملات في الفلسفة، لرينيه ديكارت) وسيكون هو موضوع الحلقة احتراماً لاختيار الناس، ولا عزاء للمتربصين... فهذا شعبٌ متدينٌ بطبعه!".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم