الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هل قلتم موازنة لـ2017؟

المصدر: "النهار"
سابين عويس
سابين عويس
هل قلتم موازنة لـ2017؟
هل قلتم موازنة لـ2017؟
A+ A-

مع بدء ثلاثية مناقشة مشروع موازنة 2017 في المجلس النيابي في جلسات متلفزة تتيح للنواب إجراء إستعراضات إنتخابية على ابواب بدء الموسم الانتخابي، كما تشكل مناسبة جيدة للمواطنين- الناخبين لإستكشاف قدرات ممثليهم في البرلمان في مساءلة ومراقبة الحكومة في أدائها المالي، ولو أن هذا الامر متعذر نظرا إلى كون الحكومة نواة مصغرة للكتل النيابية الممثلة في المجلس، تتسلح الحكومة بإنجاز يتيم تبني على أساسه رصيدها في الشأن المالي. فرغم التأخر لأكثر من عشرة أشهر في بدء مناقشة مشروع الموازنة، وعدم احترام المهل الدستورية لذلك، فإن هذا الانجاز يتمثل في نجاح القوى السياسية في تجاوز عقدة المالية العامة التي عطلت صدور موازنات لـ12 عاما، والتوجه إلى البرلمان، مسلحين بمضامين التسوية، لإقرار مشروع سيكون الاول بعد إنقطاع 12 عاما وغياب تام للإنتظام المالي، مقابل تفلت غير مسبوق في الانفاق العشوائي الخارج عن رقابة السلطة التشريعية وفق أبسط قواعد الممارسة الديموقراطية.  

لا يتجاوز الانجاز هذه الحدود، الا إذا إقترن بمصادقة المجلس على المادة القانونية التي احالتها الحكومة والمتعلقة بقطع الحساب، بحيث تنجز التسوية البند ما قبل الاخير من بنودها (بما ان البند الاخير يتصل بالإستحقاق الانتخابي). فيكون عقد التسوية المالية قد إكتمل، وتعذر فتح المجال امام الطعن في موضوع قطع الحساب، وهي مبادرة ذكية من الحكومة الا تلجأ الى طلب إقرار المادة المحالة بمشروع قانون منفصل عن مشروع الموازنة، لأنها كانت ستكون لقمة سائغة للطعن في دستوريتها، كونها تخالف المادة 87 من الدستور.

اما الكلام عن نقاش في الموازنة فهو في غير موقعه، لأن المشروع المحال لا يتضمن أي رؤية او أي توقعات أو أي إستراتيجية، بل يأتي ليقونن إنفاقا محققا ولم يعد يجدي فيه النقاش!

وهذه هي حال الوفر الذي تحدث عنه تقرير لجنة المال والموازنة، والبالغ 100 مليار ليرة، وطال مبالغ الاحتياط بقيمة 600 مليار ليرة، علما ان الحسم من الاحتياط لا يشكل وفرا.

والواقع أن المشروع المطروح امام المجلس النيابي، لا يحتمل أي تعديل أو تغيير لأن ما تم قد تم. وكان الاجدى أن يكون النقاش قائما اليوم على مشروع موازنة 2018 التي يفترض أن تشكل نقلة نوعيدة إذا صدقت النيات حيال إطلاق الورشة الاصلاحية في المالية العامة.

والواقع ان المشروع الذي بلغت ارقامه 23,7 الف مليار ليرة يزيد عن الانفاق المحقق في 2016 والذي بلغ 22,6 الف مليارا. وتشكل الرواتب والأجور وملحقاتها 32 في المئة من إجمالي الأنفاق ( قبل اقرار السلسلة) وخدمة الدين العام 30 في المئة، والتحويلات إلى مؤسسة كهرباء لبنان 9 في المئة اي ما يشكل 72 في المئة من إجمالي الإنفاق، فيما لا يشكل الانفاق الاستثماري اكثر من 11 في المئة ( 2553 مليار ليرة). وهذا ما يسقط اي إمكانات للحكومة للقيام بأي إصلاح إجتماعي او إقتصادي.

- موازنة 2017 تناقش قبل شهر ونصف من إنتهاء السنة، وبعد شهر على إنقضاء المهلة الدستورية لتقديم مشروع موازنة 2018 ( مطلع ايلول وفق المادة 17 من قانون المحاسبة العمومية)

- العجز في الموازنة العامة مرتفع ويثير القلق اذ يقدَر بنحو 7 الاف مليار ليرة ونسبته 8.76 في المئة من الناتج المحلي مقابل 9,3 في المئة المحقق في العام 2016.

- اما الدين العام فقد بلغ 77,3 مليار دولار في الاشهر الثمانية الاولى من السنة، ويقدَر أن يتجاوز 80 مليار دولار بنهايته7 ونسبته 146 في المئة من الناتج المحلي وهي نسبة مرتفعة تعيد البلاد الى الحلقة المفرغة لتنامي الدين.

- لم يعط مشروع الموازنة اي إلتزامات جدية وعملانية حول نية إصلاحية يمكن أن تعتمد في 2018 . وهذا مؤشر خطير ايضا خصوصا وأن كل الكلام الذي رافق إقرار الاجراءات الضريبية التي كان يفترض ان تدرج في الموازنة، جاء ليقدم تعهدات بأن جزءا من تلك الاجراءات سيكون مؤقتا لسنة واحدة وسيكون هناك جهدا فعليا لإدخال الاصلاحات المطلوبة على النظام الضريبي.

[email protected]



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم