السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

حسان شعبان: النجاح، استعداد جيد وفرصة سانحة. مايكل جوردان نموذجا

المصدر: "النهار"
حسان شعبان- باحث في العلوم الادارية
A+ A-

عدم قبوله في تجارب الاداء لفريق كرة السلة في مدرسته لم يردعه عن الاستعداد لمحاولة أخرى، فقرر ان يحسن مهاراته وصار يذهب يومياً إلى المدرسة عند السادسة صباحاً ليتمكن من التدرب الشاق في الملعب لساعتين قبل بدء الحصص. أثمر جهده وانضم إلى الفريق ولكنه أراد التميز فواظب على التمرين المنفرد قبل وبعد المدرسة بمعزلٍ عن حصص تدريب الفريق الجماعية. واستمر على هذا الحال حتى بعد انضمامه إلى جامعة كارولينا بالرغم من انه أصبح من أفضل لاعبيها. دأب بعد انتهاء المباريات مباشرة الذهاب إلى النادي ليعمل على نقاط ضعفه ويتدرب على رمياته الثلاثية وقفزاته. دخل من بعدها الدوري الاميركي للمحترفين كلاعب رئيسي بصفوف فريق شيكاغو بولز وحصد البطولة تلو البطولة وأضحى أحد أفضل اللاعبين في تاريخ كرة السلة العالمية. انه أسطورة كرة السلة مايكل جوردان.

موهبة جوردان لم تكن فريدة من نوعها، فأمثاله كثر ولكن أغلبهم كانوا سيبقون هواة وسيتحولون إلى مشجعين فقط حينما يرفضهم فريق المدرسة ولن يعاودوا الكرة، وفي حال فعلوها فمعظمهم لن يثابروا على تطوير مهاراتهم السلوية بشكل فردي بعد الانضمام إلى الفريق وسيكتفون بتمارين المدرب وإن لعبوا مع فرق النخبة فلن يسعَوا للقيام يتدريب ذاتي اضافي بعيد انتهاء المباريات ليضمنوا التفوق والريادة. تَمَيُّز جوردان لم يكن في موهبته انما في تحضيره الدائم وعزيمته القوية واصراره الصلب.

"بعض الأشخاص يريدون من النجاح أن يتحقق، والبعض الآخر يتمنون لو يتحقق. وآخرون يجعلونه يتحقق." ~ مايكل جوردان.

 لا يمكن التعويل على الموهبة وحسب لضمان النجاح ولا يمكن الركون إلى الحظ للتفوق والريادة انما ما يضمن النجاح هو التحضير الجيد والاستعداد القوي والعمل الدؤوب على تطوير الذات. في كتابه "الاستثنائيون OUTLIERS" يرى مالكولم غلادويل بأن النجاح الباهر يعتمد إلى حد كبير على "قانون الـ10,000 ساعة" أي على من يرغب بتحقيق نجاحٍ استثنائي بعمل ما أو بمهنة ما أن يمارسها ل10000 ساعة ومن بعدها سيصبح متمرساً فيها ليؤديها بشكل مبدع ومتميز يكفل له الريادة.

في المجتمع الوظيفي، الجميع يريد النجاح وينتظر الحظ لينال منصباً رفيعاً ولكن الحظ يحالف من استعد جيداً وطور مهاراته ليتمكن من اقتناص الفرص السانحة. فالموظفون نوعان، نوعٌ ينتمي إليه السواد الأعظم يعملون لثماني ساعات يومياً في مؤسساتهم ويعودون بعدها إلى بيوتهم متعبين فيتناولون طعامهم وينامون قليلاً ثم يقضون الوقت المتبقي بالترفيه عن أنفسهم. والاخرون يرون عملهم في المؤسسة وسيلة آنية لتأمين راتبهم الشهري بهدف ضمان سيرورة حياتهم الحالية ويستعدون لمستقبل باهر بالعمل اليومي على تطوير مهاراتهم وتنمية قدراتهم بعد انتهاء دوام العمل.

"إذا فشلت في الاستعداد فأنت تستعد للفشل." ~بنجامين فرانكلين

 الابداع والتميز لا يأتيان من خلال اداء العمل الوظيفي وفقاً لأطر التوصيفات المهنية الضيقة انما يأتي بالعمل الدؤوب والمستمر على تطوير الذات وصقل المهارات اللازمة في سبيل الارتقاء إلى المراكز العليا أو التأسيس لعملٍ خاص. هل ممكن لطبيب ان يلمع إذا اكتفى بمعالجة مرضاه دون أن يواظب على قراءة الابحاث العلمية الحديثة والاكتشافات الطبية الجديدة في اختصاصه؟! هل ممكن لمحامي أن يبرع في مهنته إذا اعتمد على ما تعلمه في الجامعة ولم يثابر على متابعة التشريعات والاجتهادات القانونية المستجدة؟! وهل ممكن للموظف ان يعول على التزامه بدوام الدخول والخروج وانجازه للأعمال اليومية المطلوبة ليتبوأ منصباً عالياً في مؤسسته؟!.

"عندما تلتقي الفرصة مع الاستعداد يحدث النجاح" ~بوبي انسر

يعتمد النجاح على عنصري الاستعداد والفرصة، فالأخيرة حينما تأتي لشخص غير كفوء لن تستقر وسرعان ما سيفشل لكن تطوير الذات والاستعداد يؤهلا المرء للاستفادة منها. فالناجحون لا ينتظرون الحظ بل يستعدون ويسعون ويبحثون عن كل فرصة لاستغلالها بينما يقوم البسطاء بإلقاء أسباب فشلهم على الحظ والقدر دون أن يدركوا قصورهم المهني ومحدودية مهاراتهم.

تويتر: twitter.com/alshaaban 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم