الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هل تظل السجون المصرية "مفرخة للإرهابيين"؟

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسرخليل
هل تظل السجون المصرية "مفرخة للإرهابيين"؟
هل تظل السجون المصرية "مفرخة للإرهابيين"؟
A+ A-

يأتي ذلك في وقت وافقت فيه الحكومة المصرية على تعديلات للمادة الرقم 20 من قانون العقوبات، وأرسلتها للبرلمان لمناقشتها، الشهر المقبل. وتستهدف التعديلات: "تحقيق استفادة المحكوم عليهم من نظام إبدال العقوبات البدنية بالتشغيل خارج السجن، في إطار التوجه نحو إبدال الأحكام بالعقوبات المقيدة للحرية بأخرى مناسبة تساهم في تقويم سلوك المحكوم عليهم وإعادة دمجهم في المجتمع"، وفقا لما نشرته وسائل إعلام محلية.  

كذلك، توسعت الدولة مؤخراً في بناء السجون. وأوضح مسؤولون رسميون أن الهدف من ذلك هو "راحة السجناء، وتحسين منظومة السجون"، لكن الخطوة واجهت انتقادات وسخرية من قبل قطاع كبير من المواطنين، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبرها البعض دليلا على نية السلطة "التوسع في قمع معارضيها".

تجنيد الشباب

ونشر موقع إذاعة "مونت كارلو الدولية" الفرنسية، الجمعة، شهادة لأحد السجناء السياسيين السابقين، تحت عنوان "كيف أصبحت السجون المصرية (مفرخة) للإرهاب"، يروي خلالها تجربته داخل أحد سجون القاهرة، بقوله إنه كان "في زنزانة مع معتقلين سياسيين، وكان الغالبية العظمى منهم إسلاميين، ومنهم من ينتمي لجماعة (الإخوان المسلمين) ومنهم من يؤيد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)".

وقال "جو كارلوس"، وهو اسم مستعار لكاتب الشهادة التي نشرها موقع الإذاعة الفرنسية بالتعاون مع موقع ORIENT XXI إن الكثير من الشباب الذين دخلوا إلى السجون "لم يكونوا يؤدون حتى الشعائر الأساسية في الإسلام، مثل الصلاة، وقت القبض عليهم، وبعضهم كان يدخن السجائر وربما الحشيش، وبعضهم كانت له صديقات، ثم مع شدة الظلم الذي تعرضوا له والقبض عليهم دون جريمة حقيقية ارتكبوها، ومع التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له في التحقيقات حتى يعترفوا بجرائم لم يرتكبوها، وعلى أشخاص ربما لا يعرفونهم، ثم مع قرارات بالحبس طويلة وممتدة ربما لا يعرفون نهايتها، وربما مع حكم جائر طويل بعد ذلك في القضية الملفقة لهم، يصبحون ناقمين بشكل تام على الدولة التي قمعتهم وأجهزتها، وكارهين لها وهم يرون أن مستقبلهم يضيع وحياتهم تتلاشى".



وأضاف: "أحيانا يقول لهم هؤلاء الجهاديون إنه إذا كانت حياتهم ستنتهي في هذا السجن فالأفضل لهم أن تنتهي بهم إلى الجنة، ويدعونهم إلى الانتظام معهم في العبادات والدروس الدينية التي كثيرا ما تتطرق إلى أمور الدنيا، وربما إلى السياسة حيث يُصَوّر لهم أن الصراع القائم ما هو حرب إلا ضد الإسلام، وأن (الانقلاب العسكري) حدث ضد مرسي لأنه رئيس (إسلامي)، وإن كانوا ينكرون عليه ارتضاءه بالديمقراطية، والانتخابات التي هي شرك بالله وإرضاء للغرب الكافر فاستحق السقوط".

وأشار "كارلوس" في شهادته إلى أن السجناء يبقون معا داخل زنزاناتهم التي تضم أعداداً تتراوح من 10 إلى 30 سجيناً "ما بين 21 ساعة و24 ساعة يومياً، بعد حسم وقت التريض" الذي يستمر 3 ساعات، عدا أيام العطلات.

شهادات عدة

وبينما تتضمن شهادة "كارلوس" الكثير من التفاصيل حول ما يدور داخل أروقة السجون التي تضم نزلاء سياسيين، معظمهم من المتشددين الإسلاميين، وتروي كيف يدور الصراع للسيطرة على الزنزانات بين أعضاء "الإخوان" و"داعش"، وكيف يتنافسون على استقطاب الشباب إلى جماعتيهما، وتقدم بعض المعلومات التي يصعب التأكد من صحتها، ولا يمكن الاعتماد عليها كونها تستند إلى تجربة فردية محدودة المكان والزمان، إلا أنها رغم ذلك، تستكمل الصورة التي رسمتها شهادات وتقارير متفرقة حول السجون المصرية.

وأكد محامون عملوا لصالح متهمين سياسيين، وكذلك روى سجناء سابقون، أن تلك السجون تعد مصنعاً لإنتاج التطرف، مشيرين إلى أن بعض السجناء كانوا ملتزمين دينيا دون تطرف، ولا ينتمون لأي تنظيمات سياسية، والبعض الآخر كان بعيدا عن التدين تماما، ولكنه كان معارضا للنظام الحاكم بغير انضمام لتنظيمات سياسية، وتحول هؤلاء خلال فترة من العيش داخل أسوار السجن، إلى تكفيريين ساخطين على المجتمع، وناقمين على الدولة، ويرغبون في قلب نظام الحكم.

سلب الحرية

وقال قانونيون إن هناك تحذيرات أطلقها علماء متخصصون في مجال العقاب، للحد من العقوبات السالبة للحرية. وثمة اتجاه عالمي نحو الحد من هذه العقوبات، موضحين أنه وفق القانون الحالي، يسمح باستبدال أحكام السجن البسيطة بالعمل خارج السجن، لكن الأحكام المشددة والتي تتجاوز العام، لا تحظى بهذه الميزة.

وأشار هؤلاء أيضاً إلى أن التعديلات المقترحة، سوف تتيح للسجناء أن يعملوا خارج السجون، بما يساهم في اندماجهم في المجتمع بعيدا عن البيئة الإجرامية داخل الزنزانات، ويتيح لهم إفادة وطنهم، ويساهم في تحسين سلوكهم، موضحين أن العمل خارج السجون قد يكون في مؤسسات حكومية أو عامة تحددها السلطات المصرية.

وقال أحمد أبوزيد، مدير "‎مؤسسة الحلول القانونية والقضائية الشاملة‎" لـ"النهار": "إن أحكام قانون العقوبات تسري على جميع السجناء، بغض النظر عن طبيعة جريمتهم. وبصرف النظر عن حالة الفساد المتفشية في كل قطاعات الحياة المصرية، فإن التعديلات المقترحة تعد مفيدة جداً من ناحيتين: الأولى أن السجين سوف يؤدي عملاً يزيد الناتج المحلي، ولو بنسبة ضئيلة، وهو ما يبقيه داخل المجتمع، خلال قضائه فترة العقوبة. الناحية الثانية، أنها سيكون لها انعكاس إيجابي على نفسية السجين، وسيكون بذلك مؤهلا للإصلاح، لأنه يشعر بأنه يؤدي عملا مفيدا، بدلا من الحفر في الصخر دون جدوى، أو البقاء داخل جدران زنزانته، وهو ما يجعله ساخطا على المجتمع والدولة، ومن ثم قد يكون مؤهلا للانخراط في تنظيمات إرهابية أو إجرامية".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم