الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

قتلوا عروبة وابنتها في تركيا... معارضة سورية لم تخف منذ 35 عاماً

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
قتلوا عروبة وابنتها في تركيا... معارضة سورية لم تخف منذ 35 عاماً
قتلوا عروبة وابنتها في تركيا... معارضة سورية لم تخف منذ 35 عاماً
A+ A-

ضجَّت مواقع التواصل الاجتماعي بمقتل الناشطة السورية المعارضة عروبة بركات (60 عاماً) وابنتها الصحافية هالة بركات (22 عاماً) في منزلهما في منطقة أوسكودار في اسطنبول الآسيوية. وشكَّلت هذه الحادثة سخطاً في أوساط المعارضين. وقالت الشرطة التركية إن القتلة طعنوا الأم وابنتها ثمَّ استخدموا منظفات لمنع انبعاث رائحة الجثث. فيما أفاد مقربون من الأسرة أن النظام السوري سبق أن هدَّد الضحيتين مؤخراً. فيما قالت امرأة تسكن بجوار شقتهما في الحي: "إنهم أشخاص طيبون، ولم يؤذوا أحداً". 


انتقاد النظام والمعارضة

تنقلت عروبة بين بلدانٍ عدَّة قبل استقرارها في تركيا، إذ سافرت إلى بريطانيا، من ثمَّ عاشت فترة من الوقت في الإمارات العربية المتحدة إلى أن اختارت اسطنبول. ومن المعروف أنَّ عروبة أجرت مقابلات مهمة جداً مع المعارضين الذين تعرضوا للتعذيب في السجون السورية، ونشرت العديد من الأفلام الوثائقية والمقابلات حول ما وصفته بـ "مذابح الأسد" باللغتين الإنجليزية والعربية. وفيما علت الأصوات التي تتهم النظام السوري باغتيالها بدت مواقف عروبة واضحة أيضاً لناحية انتقاد أداء المعارضة السورية وعدم توحد القوى الثورية، واعتبار أنَّ الائتلاف لم يعد يمثل طموح الشعب السوري ولا أهداف الثورة. وقد كتبت في صفحتها بفايسبوك: "من يمتلك ذرة واحدة من ضمير ووطنية في الائتلاف أو في هيئة المفاوضات عليه أن يستقيل ولا يشرعن الاحتلال والوصاية الأجنبية على سوريا. سوريا لا تحتاج أمعات ويكفيها الأسد الذي باع كل شيء. استنفد الجميع فرصه في اثبات أنه غير قادر على فعل شيء حقيقي لإنقاذ الشعب السوري. وفشل الجميع بدون أي استثناء في أن يمثل الثورة ويتمسك بمبادئها. كفى لعباً بمصير شعب بطل. ارفعوا أيديكم عنا واتركونا لمصيرنا". واعتبرت أنَّ "مذكرة الذل والعار وقِّعت في أستانة". بالنسبة إليها النظام والمعارضة لم يكونا على قدر تطلعات الشعب السوري، إذ إنَ الفصائل السورية لم تتوحد على الرغم من الذل والمعاناة اللذين تعرضت لهما عائلات من نساء وأطفال. 


قتلوها ليخيفوا العالم

أما حلا بركات ابنة عروبة، فهي ابنة وحيدة، ليس لها أشقاء أو شقيقات. وهي خريجة العلوم السياسية من جامعة اسطنبول، وقد تخرجت في شهر أيار المنصرم. وسبق أن عملت كمحررة في صحيفة "الهافينغتون بوست" العربية، وقناة "تي آر تي" التركية، وفي مؤسسة "أورينت" السورية المعارضة. الإعلامية السورية المقيمة في تركيا نور حداد التقت حلا قبل أيام من الحادثة، تخبر "النهار": "التقينا لتصوير فيلم قصير لمنتدى الشرق، حلا فتاة مرحة وطيبة، تضحك دوماً، امتلكت طموحاً كبيراً في أن تصبح إعلامية معروفة لتعمل لقضيتها. في المرة الأخيرة التي التقيتها كانت تضع أسوارة علم الثورة في يدها، على الرغم من أنَّ أحداً لم يعُد يضعها في يده. وخلعتها فقط أثناء تصوير الفيلم. حلا فتاة لا يمكنها أذية أحد، ولا خوف منها. قتلوها ليخيفوا العالم". نسألها إذا أخبرتها حلا عن تعرضها لتهديدات، تنفي نور ذلك. وتضيف: "القتل لم يكن بهدف السرقة، لو أرادوا ذلك لدخلوا البيت في وقتٍ تكونان فيهما خارجه. من دخلوا جهزوا أنفسهم بسكاكين للقتل ومواد تخفي الرائحة. لا أحد يقتل بهذه الطريقة البشعة بهدف السرقة. ولا أحد يدخل شقة متخذاً احتياطاته لما بعد فعل القتل". 


قتلوا الحلا والعروبة 

من جهته، يقول أحد الناشطين السوريين قصي الحسين في حديث لـ "النهار" إنَّ "الدكتورة عروبة من الناس الرائعين جداً، وقد ساعدت أناساً مصابين وجرحى ونازحين ممن توجهوا إلى تركيا، لم تكن تعرفهم بل شكلت لهم دليلاً ومعيلاً. استشهادها سبب حزناً شديداً ومفاجأة لكل الناس الذين عرفوها، موتها بهذه الطريقة وحشي وفظيع". نسأله لمَ الاعتقاد بأنَّ ما حدث هو عملية اغتيال لا حادثاً عادياً متعلقاً بسرقة أو ما شابه؟ يجيب: "الدكتورة تلقت منذ فترة تهديدات من نظام الأسد، في الأساس هي معارضة قديمة من عام 1982 واستبعد جداً السرقة. من يسعى للسرقة لا يقتل ذبحاً بالسكين إلا إذا كان الدافع انتقامياً. منذ فترة ونظام الأسد يهددهما. والدكتورة كشفت الكثير من جرائم النظام خصوصاً تلك في السجون وعملت على أفلام وثائقية عنها".


والملفت للانتباه ما تداوله البعض من أنَّ الدكتورة عروبة هي عمَّة الشاب ضياء بركات الذي قتل هو وزوجته وأختها في تشابل هيل في ولاية كارولينا الشمالية الأميركية منذ عامين. ويومها اعتبر والد ضياء السيد نامي بركات هذه الحادثة بجريمة "ضد العرب المسلمين"، ما يطرح المزيد من الإشكاليات والتساؤلات حول القاتل الحقيقي وهدفه. وأثَّر مقتل عروبة وابنتها حلا في رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين عبروا عن حزنهم وسخطهم، وكثرت التساؤلات عمن يحمي اللاجئين؟ ومما جاء في التغريدات: 




وإليكم أبرز المقابلات والفيديوات المنتشرة في "فايسبوك" لعروبة وحلا: 

عروبة بركات تتحدث عن اللاجئين السوريين في تركيا



موقف عروبة بركات من استقلال الأكراد 



عروبة بركات تستنجد بعروبة العرب عام 2012



الناشطة السورية حلا بركات



وتشهد تركيا أحداثاً أمنية عديدة، إذ تكشف الأخبار اليومية عن عمليات خطف وقتل واغتصاب بين اللاجئين، مما شكل امتعاضاً في الشارع التركي حيث اعتبر البعض منهم أنَّ هذه الأحداث باتت تؤرق راحتهم وتفقدهم الشعور بالأمان في بلدهم. وهذه الحادثة ليست الأولى من نوعها إذ اغتيل في عام 2015 المعارض ناجي الجرف في مدينة غازي عنتاب في جنوب شرق تركيا بمسدس كاتم للصوت. وكذلك الناشط الإعلامي السوري زاهر الشرقاط في 12 نيسان من العام 2016 بطلق ناري في رأسه في مدينة غازي عنتاب التركية. فبين خسارة الوطن وخسارة الحياة، يدفع كثرٌ ثمن مواقفهم. 

[email protected]

Twitter: @salwabouchacra

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم