الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

المعرض الثقافي عن حياة الشهيد جبران تويني جَمَع لبنان نعيش معه نهاراً ونتذكر لبنانه وأحلامه والأفكار حتى الشهادة

ماريا الهاشم
A+ A-

مرحلةً مرحلة يقلّب المعرض الثقافي عن حياة الشهيد جبران تويني مفاصل حياة الصحافي الشهيد جبران تويني تاريخياً، من المهد إلى اللحد، صوتاً وصورة. فقد افتتح المعرض أمس في فندق "لو غراي" في وسط بيروت، في حضور رسمي حاشد من نواب ووزراء، وشخصيات سياسية وفنية واجتماعية أقبلت تلقي نظرة على ما يحويه المعرض. ويستمر الأخير إلى الاحد 15 الجاري الذي يصادف يوم ميلاد تويني. من عرف الراحل يستطيع العودة إلى الماضي عبر المعرض، أما من لم يعرفه فالفرصة أمامه للتجوّل بين الصور والفيديو، فيجمع من الشذرات هنا وهناك فكرة واضحة عمّا كانه الشهيد جبران تويني. والمبادرة هي لمؤسسة جبران تويني، بغية التمثل بمعارض ومتاحف في الخارج تكرّم رجال الفكر والسياسيين والصحافيين، فيبقى هؤلاء أحياء في عيون الأحياء. وهذا المعرض فريد من نوعه عبر "أرشفة" كاملة متكاملة لحياة صحافي سقط منه القلم، لكن حبره لم ينضب وما زال يقول الكثير الكثير إلى يومنا.


ويرمي المعرض الغياب طيّ النسيان، إذ إنه يستحضر الغائب، إنساناً، زوجاً، أباً، صحافياً، وسياسياً، عبر الصور الفوتوغرافية التي تزيّن الجدران بطريقة فنية. البداية من الطفولة، عبر صور تضم الأبوين غسان وناديا والأولاد جبران ومكرم ونايلة. "ما أصعب الكتابة عنك" كتب جبران مقالة إلى أخيه مكرم بعدما خطفه الموت إلى الأبد. إضافة إلى شعر ناديا لولديها مكرم وجبران، إلى فيلم لناديا من إخراج مارون بغدادي. وفي هذه المرحلة، القدر حاضر بقساوته عبر حصده أفراد العائلة فرداً فرداً، ما اضطر جبران إلى المكابرة على ألمه متحصناً بالإيمان.
مرحلة النهار العربي والدولي حاضرة أيضاً في المعرض. ولا تغيب عن هذه المرحلة معارضة تويني للحلف الثلاثي، ووجوده في الجبهة اللبنانية و"حركة دعم التحرير"، وفي تظاهرة أمام السفارة الأميركية في بيروت... وصولاً إلى التهجير الذي طاول تويني وابتعاده عن لبنان إثر تهديدات كثيرة تلقاها.
في المعرض أيضاً "نهار الشباب" و"نائب ليوم واحد" و"هايدربارك"، إلى مقالات تويني في "نهار الشباب" ثم "النهار". وفي هذه الحقبة كان تأثير جبران جلياً في الشباب عبر تخصيصه صفحات "النهار" لهم، فضلاً عن تأثرهم بمواقفه وكتاباته.
ينقّب المعرض أيضاً في مرحلة "قرنة شهوان" وصولاً إلى الانتخابات النيابية. أما مرحلة 14 آذار فلها نصيبها أيضاً في المعرض. ولعل "تتويج" الشق السياسي في حياة جبران كان إلقاءه قسمه الشهير في ساحة الشهداء.
لا يكتفي المعرض في نبش دقائق حياة تويني السياسية، بل يغوص في الشخصي، عبر عرض بعض أغراضه الخاصة، كقلمه وكتابه المفضل ووشاحه الأحمر والأبيض الذي اشتهر به، إضافة إلى مقاله الأخير الذي كتبه على مرمى 4 أيام من استشهاده. ويكتشف الزائر عبر الصور من كان رفاق تويني، كالرئيس الشهيد بشير الجميل والشهيد داني شمعون وغيرهما. ولا تغيب فيروز عن المعرض عبر صور الفنانين الذين تأثر بهم تويني، إضافة إلى فرقتي "البيتلز" و"الأبا" وفرانك سيناترا. ومن الموسيقى إلى جون كنيدي وتشي غيفارا...
ولأن تويني و"النهار" متلازمان، يطرق المعرض أيضاً أبواب "النهار"، عبر متابعة تطور تويني فيها ووصوله إلى رئاسة مجلس إدارتها، إلى نقله مبناها إلى ساحة الشهداء.
أما بعد المرور في أرجاء المعرض الذي يضم أيضاً رسوماً كاريكاتورية وغرافيتي، فثمة غرفة سوداء في انتظار الزائرين كي يدونوا انطباعاتهم في كتاب ذهبي، ويصدح صوت غسان تويني داعياً إلى دفن الأحقاد إلى الأبد. وقبل الوصول إلى هذه الغرفة يمكن متابعة فيلم عن أهم مفاصل حياة تويني، خصوصاً تلك الصاخبة سياسياً حين كانت التظاهرات رائجة والمطالبة بالحرية شعار الشباب آنذاك. والموسيقى رفيقة الزائرين في المعرض، وهي الأغاني التي كان يحبها جبران وكانت الأقرب إلى أذنيه.
غير أن المعرض لا ينتهي داخل الفندق، بل هو خارجه أيضاً، في حديقة جبران تويني حيث عبارات مختارة لتويني على أرض الحديقة. ويمكن الزائر أن يلتقط صورة تذكارية مع عبارة شهيرة لجبران.
وفي النشرة التي وزعت في المعرض أمس تقول رئيسة مؤسسة جبران تويني ميشيل تويني: "كنت كلما زرت معرضاً خارج لبنان عن حياة صحافي أو كاتب أو سياسي أو فنان، أشعر بحسرة وأتساءل: لماذا لا نكرم في لبنان رجال الفكر الذين أثروا التاريخ والثقافة والفن؟ وكنت أحلم دوماً بأن ننظم معرضاً لجبران كما يستحق، لأنه كان دوماً خلاقاً وسباقاً، فلم لا نكون نحن سباقين بمعرض عن حياته؟ بدأنا بالحلم وها هو يتحقق: حياة جبران بمراحلها المتعددة، نابضة في وسط بيروت قرب حديقته، قرب بناية "النهار" وساحة الشهداء. في هذا المعرض تكتشفون جبران وفكره بطريقة فنية وجديدة: الموسيقى التي أحبها، أغراضه، صوره، مقالاته، طفولته، وأصدقاء الدرب والعائلة، بمن تأثر وفي من أثر.
اختصاراً، نعيش في المعرض نهاراً مع جبران، كي نتذكر مجدداً ودوماً لبنانه وأحلامه والأفكار التي تسمح لنا بالاستمرار والتطور والبقاء. هذا هو لبناننا. هذا هو حلمنا، جبراننا".


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم