السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

الصفقة السورية تعيد رسم خريطة المصالح العالمية\r\n

المصدر: (رون بن يشاي، "يديعوت أحرونوت"، 10/9/2013)
A+ A-

استفاق العالم امس على فجر يوم جديد ابتعد فيه شبح الحرب عن سوريا. وقبل ان يتضح ما اذا كانت المبادرة الروسية لتجريد سوريا من السلاح الكيميائي جدية فعلاً ام مجرد مناورة لكسب الوقت ومن اجل تاجيل الهجوم الأميركي، فاننا نستطيع منذ الان توقع انعكاسات هذه المبادرة على كل طرف من الاطراف.


فبالنسبة للولايات المتحدة تعتبر المبادرة الروسية انجازاَ لسياسة باراك أوباما. فمن الواضح جداً ان سعي أوباما للحصول على الشرعية لشن هجومه العقابي على سوريا هو الذي دفع الروس الى اقناع حليفهم السوري بالبحث عن حل ديبلوماسي يرضي الأميركيين. اذا نفذت المبادرة فهي ستمنع الأسد عن استخدام السلاح الكيميائي في المستقبل. ثمة انجاز آخر هو الرسالة لإيران بان أوباما مستعد للذهاب حتى النهاية، مما دفع بوتين الى التراجع، وقد رأت دول الشرق الأوسط بان التهديد ينفع. هذا الى جانب تنفيذ المبادرة سيمنع سقوط اسلحة الدمار الشامل في ايدي المجموعات الجهادية المتطرفة.
بالنسبة لروسيا فقد استطاع بوتين ان يحقق ربحاً كبيراً واعاد روسيا الى مكانتها السابقة كدولة عظمى. كما استطاع ان يكسب تقدير واحترام المجتمع الدولي بوصفه زعيماً مسؤولاً وصاحب افكار مبتكرة. وقد اصطاد ثلاثة عصافير بحجر واحد: منع الأسد من استخدام السلاح الكيميائي مستقبلاً، وضع نفسه وسط الدول المتحضرة التي تعارض استخدام اسلحة الدمار الشامل، وحال دون وقوع هجوم أميركي على سوريا على الاقل حتى الآن مع بقائه وفياً لحليفة الأسد الامر الذي جعله يسجل نقاط كثيرة لصالحه في الشرق الأوسط.


فيما يتعلق بسوريا اذا نجحت المبادرة الروسية يكون الأسد قد وفر على نفسه الكثير من المتاعب. فالهجوم الأميركي كان سيضعف جيشه وسيؤثر على قدراته ، كما قد يرجح الكفة الى جهة الثوار. وفي الواقع فالتنازل الذي سيقدمه لن يكون كبيراً في حال اضطر الى التخلي عن سلاحه الكيميائي. إذ سيظل محتفظاً بقدراته الأخرى، ولديه الشرعية لمواصلة قتاله ضد الثوار بمساعدة روسيا وإيران وحزب الله.


اما بالنسبة للثوار فهم لم يحصلوا على الهجوم الذي كان سيضعف الأسد، لكنهم ارتاحوا من تهديد السلاح الكيميائي.


بالنسبة لإسرائيل، يجب عليها ان تكون راضية فقد ثبت ان التهديد باستخدام الخيار العسكري ينجح في الردع. وعلاقة هذا الامر بإيران واضحة مثل الشمس، وهو يحدد الاتجاه المستقبلي للخطوات الاستراتيجية الأميركية والإسرائيلية حيال طهران. ثمة خطر يهم إسرائيل بصورة خاصة هو انه في حال استمرت المفاوضات لتجريد سوريا من السلاح الكيميائي لفترة طويلة فقد تعمد سوريا الى نقل هذا السلاح الى حزب الله في لبنان. ويعتبر هذا الامر هو السيناريو الاسوأ بالنسبة لإسرائيل. تماماً مثل وقوع كميات من هذا السلاح في ايدي التنظيمات الجهادية. وتنفيذ المبادرة سيحول دون هذا الخطر.
فيما يتعلق بإيران، فهي تعلمت ان الأميركيين يمكن ان يتشبثوا برأيهم ومن الافضل الاصغاء الى النصائح الروسية. والمعروف ان موسكو تعارض بشدة حصول إيران على السلاح النووي. ومن المحتمل ان تحظى مبادرة روسية – أميركية مستقبلية بآذان صاغية في طهران.


ان استعراض القوى العسكرية الأميركي في البحر المتوسط والخليج قدم نموذجاً ملموساَ للإيرانيين بشان ما قد يحدث لهم اذا تحدوا الولايات المتحدة.
بالنسبة للدول الأوروبية فهي لم تكن ترغب في الحرب لأسباب كثيرة منها الازمة الاقتصادية التي تعصف بها ،وعدم حدوث هجوم أميركي على سوريا معناه عدم ارتفاع اسعار النفط.


اما فيما يتعلق بالأردن وتركيا ودول الخليج فانها جميعاً مستفيدة لان المبادرة ستمنع وقوع السلاح الكيميائي في ايدي الجماعات الجهادية المتطرفة. كما ثبت لهذه الدول فاعلية الردع الأميركي. لكن هذا كله مشروط بتطبيق المبادرة الروسية والا تبقى حبراً على ورق.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم