الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

جاد، تانيا، وجورج.... التعليم وسيلة للتعايش "علمن مستقبلنا"

المصدر: النهار
علي عواضة
علي عواضة
جاد، تانيا، وجورج.... التعليم وسيلة للتعايش "علمن مستقبلنا"
جاد، تانيا، وجورج.... التعليم وسيلة للتعايش "علمن مستقبلنا"
A+ A-

جاد، تانيا، وجورج، يجتمعون يومياً في المكان نفسه، وعلى الطاولة نفسها يتناولون بعض الوجبات الخفيفة، يمرحون ويلهون معاً... صداقة متينة نمت بين الثلاثي في أحد مراكز جمعية "إنقاذ الطفل". جورج ولد وتربّى في لبنان، جاد ينحدر من أصول فلسطينية وتانيا هربت من الحرب في بلدها سوريا مع عائلتها، لكنّ أياً من ذلك لا يهمّ داخل الصفّ. 

في بلد يعاني الإحباط والكثير من الصراعات والفقر، يعدّ التعليم وسيلة أساسية للتعايش بين جميع أطياف المجتمع؛ المجتمعات المضيفة ومجتمعات اللاجئين. 3 أطفال من 3 بلدان مجاورة جمعتهم الظروف المختلفة، إلّا أنهم يدركون جيداً أنّ صداقتهم بعيدة كلّ البعد من أيّ اختلاف جنسيّ (نسبة للجنسيّة) أو مذهبيّ، فالمهمّ عندهم هو الاستمرار في التعليم والوصول إلى ما يطمحون إليه.

قصّة الأصدقاء الثلاثة مشابهة لعشرات الآلاف من الأصدقاء المختلفين، ففي مركز الشيّاح يجتمع عشرات الطلاب من جنسيات مختلفة تتراوح أعمارهم ما بين 3 و6 سنوات. أطفال بعضهم هُجّر من بلاده جرّاء الأزمة السورية كالطفل محمد الهارب مع أهله من محافظة درعا الذي لم يدرك أهله يومها أنّ الحرب ستطول لسنوات. وبحسب والدته، كان محمد البالغ من العمر 5 سنوات يحبّ الرسم كثيراً والغناء، ولكن نتيجة الصدمة وأصوات القصف والرصاص تغيرت حياته رغم أنه لم يشاهد أيّ عملية قتل أو آثار دماء أمامه، لكن الصدمة كانت قويّة عليه وأبعدته من هواياته، وبدأت تتغير حياته رغم صغر سنّه وكذلك معاناته مع الحرب السورية. وبحسب والدته، فإنّ إدخاله إلى مركز إنقاذ الطفل أعاد بعض البهجة إليه وبدأ يعبّر مع أساتذته عن مخاوفه والأصوات التي كان يسمعها.

قصة محمد لا تختلف كثيراً عن قصة عبد الروائي الصغير، فمنذ دخولنا للصف يظهر الطفل الصغير حسن الضيافة، فيفضّل الجلوس وسط الصفّ وإخبار أساتذته عن قصته مع الأسد وكيف أنّ سيارة أنقذت ملك الغابة، ومن قصّة إلى أخرى يستحوذ عبد على أجواء الصف، دون ملل فهدفه الوحيد هو إخبار الجميع عن قصصه المثيرة.

ومن طفل إلى آخر يحاول الجميع التأقلم مع الأجواء الجديدة فرحين بتعلّمهم لغات جديدة، ففاطمة تنتظر لحظة خروجها من المركز كي تخبر أمّها التي تنتظرها في الخارج عن تعلّمها العدّ من 1 إلى 5 باللغة الإنكليزية، أما والدتها فتتحدث بكل فرح عن حياة ابنتها المختلفة وعن طموحها اللامحدود بأن تصبح طبيبة وتداوي عائلتها ومن حولها بدون أيّ مقابل مادّي.

[[embed source=annahar id=2326]]

التعليم في أرقام:

بحسب جمعية "إنقاذ الطفل" فإنّ أكثر من 2.16 مليون طفل يعيشون في لبنان، نصف مليون منهم تقريباً خارج المدرسة، ففي لبنان هناك 488.832 طفلاً غير لبناني، بعمر الدخول إلى المدرسة (3-18 سنة) موزعين على:

129.697 في سنّ الحضانة (3 إلى 5 سنوات).

301.466 في سنّ التعليم الابتدائي – المتوسط (6 إلى 15 سنة).

57.669 في سنّ التعليم الثانوي (16-18 سنة).

59% هي نسبة الأطفال السوريين اللاجئين خارج المدرسة، و 202.259 طفلاً مسجّلون في المدارس الرسمية.

وبسبب زيادة أعداد الأطفال اللاجئين ضاعفت وزارة التربية والتعليم العالي عدد المدارس التي تقدم نظام الدوامين 4 مرّات، فارتفع عدد المدارس التي تتبع نظام الدوامين (ما قبل وما بعد الظهر) من 88 مدرسة في عام 2013-2014 إلى 313 مدرسة في السنة الدراسية 2016 -2017.

ولأنّ التعليم حقّ أساسيّ من حقوق الإنسان، وهو الحل الوحيد لتجنيب أجيال من الضياع، يرى مسؤول برامج التربية في جمعية (إنقاذ الطفل – لبنان) ميلاد أبو جوده أنه يجب أن تتاح لجميع الأطفال في لبنان مَن تتراوح أعمارهم بين 3 و 18 سنة، فرص متساوية للحصول على تعليم مجّاني وجيّد، "يجب أن لا يتم حرمان أيّ طفل من التعليم بسبب هويته أو مكان ولادته أو أين يعيش، فالهدف هو تعليم الأطفال بعيداً من أي حسابات أخرى لبناء جيل متعلم مثقف بعيداً من أيّ أعمال عنف".


عوامل ترك المدرسة

أبو جوده، أكّد أهمية تعليم الأطفل في مرحلة الحضانة، خصوصاً اللاجئين منهم، فهناك صعوبة لعدد كبير منهم بالاندماج مع محيطهم "الغريب"، وبحسب وزارة التربية هناك أكثر من 280 ألف طالب سيدخلون المدرسة هذا العام بينما هناك 500 ألف خارجها، والرقم يمكن أن يكون أكبر خصوصاً أنّ هناك صعوبات في البرنامج المدرسي أو الجوّ العام في المدرسة والعنف بين الأطفال أنفسهم، وبعض الأساتذة غير مهيّئين للتعامل مع أطفال خارجين من حرب مدمّرة، بينما الصعوبة الكبرى هي التعلّم في دوام ما بعد الظهر وهو من الأمور الصعبة على طفل، فيلجأ الأهل إلى الضغط على طفلهم للعمل صباحاً، ومن الطبيعي فإنّ طفلاً بهذا العمر لن يستطيع الموازنة بين العمل والمدرسة فيترك المدرسة نظراً للعوامل العديدة السابقة، مطالباً بجهود أكبر ودراسات أخرى لتعليم الأطفال في الصباح. أما الأهمّ في الوقت الحالي فالضغط والتوعية لدخول الخمسمئة ألف طفل إلى المدرسة بأسرع وقت ممكن، أو أقلّه برامج محو أمية بانتظار عودتهم إلى المدرسة.

ولأنّ "علمن مستقبلنا" يحاول الأهل بالشراكة مع الجمعية ووزارة التربية الحدّ قدر الإمكان من إبعاد الأطفال، من كافّة الجنسيات، عن أيّ أعمال عنف وإخراجهم من الصراعات المذهبية والطبقية الحاصلة في بلادهم، محاولين في الوقت نفسه إشراك أساتذة من الجنسية السورية وضمن المناهج اللبنانية في محاولة لدمجهم في المدارس اللبنانية لاحقاً قبل عودتهم إلى بلدهم الأم.

 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم