الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أمين الباشا مكرَّماً بمعرض تاريخي في "سرسق": سرُّهُ في ذاكرة يديه

فيصل سلطان
Bookmark
أمين الباشا مكرَّماً بمعرض تاريخي في "سرسق": سرُّهُ في ذاكرة يديه
أمين الباشا مكرَّماً بمعرض تاريخي في "سرسق": سرُّهُ في ذاكرة يديه
A+ A-
ينظم متحف سرسق معرضاً تكريمياً للفنان أمين الباشا ابتداء من 14 أيلول الجاري، يستمر إلى 12 آذار 2018، ويتضمن مختارات من تجاربه خلال أكثر من خمسين عاما، لوحات بين زيتيات ومائيات وأحبار صينية ورسوم بارافانية وسجادية وتكاوين لمجسمات خشبية، هي خلاصة اختبارات فنية عميقة لها علاقة وثيقة بأسفاره وتجواله في المدن والأمكنة وجلسات المقاهي، تكشف عن اشياء مدهشة في تناولِها المألوف الذي جسّده في أبهى أشكاله ومناخاته الشرقية، محولاً مساحات التشكيل الى فضاء مسرحي، واقعي وخرافي احيانا، يروي حكايات شرقية لا ضفاف لها، الا في ارتدادات الخيال المفتوح على ذاكرة الطفولة وعلى الحس الشعري الغامض الذي يتجلى في مقطوعات البنية الموسيقية للشكل واللون.  ينتخب هذا المعرض باقة من تجاربه التي تمحورت حول أربع تيمات رئيسية: اللوحات التجريدية والفانتاستيك والعشاء الأخير والموسيقى. ترصد هذه التيمات تحولات مساره الفني التصاعدي من مناخات التجريد وعتبات التعبير المتحررة إلى جمالية أسلبة الألحان اللونية المرتجلة التي تؤسس لعالم جديد من التناغم في صياغة الاشكال. لا يرسم الباشا ما تراه العين، قدر ما يرسم ما تكتشفه رغباته في وثباتها الحرة نحو فضاءات بساتين الشعر، حين يلتقي برحابة عواطفه اللونية من دون قيد. تتجسد الأشياء كوجه آخر لفضاء الداخل، وهي مرصودة لمملكة الفرح ولفانتازيا السعادة. الصورة تتراكم فوق الصورة والشعور فوق الشعور. هناك نزوع دائم لتعديل مواضع الأشياء وترتيبها، لا كما هي عليه في الواقع، وإنما كما هي في حلم اليقظة حيث "مجرى الشعور" بحسب فرويد، وارتداد المواد الخام في ذاكرة الطفولة المبكرة.هو من مواليد رأس النبع في بيروت العام 1932. من عائلة عشقت الرسم والموسيقى. بدأت الذاكرة اللونية الأولى تطل في رسومه خلال تردده على محترف الرسام المجري ستيفان لوكس، ومشاوير الرسم في الهواء الطلق لمناظر مأخوذة من سطوح المنازل البيروتية وحدائقها ومقاهيها البحرية، وذلك قبل سنوات من مرحلة الدراسة في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (1954-1957) في محترف قيصر الجميل وجان بول خوري والايطالي فرناندو مانيتي. حاز في العام 1959 منحة من السفارة الفرنسية لمتابعة الدراسة في المدرسة الوطنية العليا للفنون في باريس في محترف بريانشون وفي أكاديمية "لاغراند شوميير" في محترف هنري غويتز. خلال اقامته في باريس (1960 - 1968) تبلورت تجاربه التجريدية المنبثقة من إمكان إعادة تشييد الطبيعة بالإشارات اللونية، على اعتبار أن اللون ينمو مع الرؤية والاحساس الموسيقي بتأثيرات النور والحرارة والمناخ. اكتشف أن الحداثة هي عودة الى أبجدية الطفولة والى عفوية البداهة السحرية الطالعة من البدائية الأولى، وأن الفن التجريدي الذي تكرّسه محترفات الدراسة الاكاديمية خرج من العصر التكعيبي ومن خصائص الفنون الشرقية التي اعتمدت التبسيط والتسطيح في ايجادها خلاصة الاشياء.المرحلة التجريديةلم يشأ الباشا التخلص من السحر الذي أغدقته باريس عليه، فكان يمضي معظم أوقاته في زيارة المعارض والمتاحف، وفي رسم هذه المدينة ليلاً ونهاراً، راصداً الناس في المقاهي وفي الشوارع والمسارح والساحات العامة، على وجه الخصوص ساحة الفنانين في مونبارناس. في تلك المرحلة تأثر برسوم بول كلي وكتاباته، وبتجارب بابلو بيكاسو وبالفنون الشرقية التي تلغي الفواصل ما بين التصويري والتجريدي، في محاولة لإعطاء الأهمية المطلقة للحركة التلوينية كبقع ومسطحات لونية وإيقاعات دينامية موسيقية. فاللون المحلي بقي يطل بقوة في لوحات المرحلة الباريسية، حتى أن معظم أصدقائه ومن بينهم فريد عوّاد كانوا يشاهدون في ألوانه مناخ بيروت. وهذا يعني أن ذاكرة الباشا اللونية في مرحلته التجريدية، التي استمرت حوالى عقد من الزمن، لم تكن سهلة الاستسلام لمؤثرات العيش في الوسط اللوني الباريسي. عكس المنظر التجريدي الذي كان يرسمه الباشا وقتئذٍ، قدراته على صوغ جمالية المنظر الذي...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم