الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

غنيم الزغبي النقابي الخام وبالفطرة

المصدر: "النهار"
غسان صليبي - خبير اجتماعي
غنيم الزغبي النقابي الخام وبالفطرة
غنيم الزغبي النقابي الخام وبالفطرة
A+ A-

مات غنيم الزغبي قبل يومين، هو الذي كان شغل منصب رئاسة الاتحاد العمالي العام، لمدة سنة، ولم يطق الاستمرار. 

مرّ غنيم الزغبي في رئاسة الاتحاد العمالي العام، مرور الكرام الكرام.

أمضى سنة واحدة فيها ثم استقال.

السبب المعلن، هو ايفاؤه بوعده بالاستقالة اذا لم يستطع توحيد الاتحاد المنقسم، بعد سنة من انتخابه. السبب الاهم، هو شعوره المبكر بأنه لا يستطيع التأقلم مع اتحاد عمالي أصبح مستتبعا للأحزاب المذهبية المتربعة في السلطة .

جاء غنيم الزغبي إلى رئاسة الاتحاد العام، من نقابة عمال وموظفي مصالح المياه في لبنان. وكانت تعتبر من أنشط النقابات وأكثرها فاعلية.



كان غنيم يقود نقابته بجدارة: يفاوض بشراسة، يضرب بعناد، ويحقق المطالب. ثقة الموظفين والعمال بإخلاصه كانت قوية وثابتة، حتى انهم كانوا "يعذرونه" عندما كان يعلن الاضراب بدون المرور بالاليات النظامية. فهم لم يكونوا يبالون، بل يلتزمون الاضراب التزاما كاملا، اذ انهم بقيادته، ذاهبون إلى الإنجاز لا محالة .

نعم، لم يكن غنيم هذا النقابي الذي يجيد التنظيم والتخطيط. ربما لم يكن يكترث لذلك، طالما ان "الإرادة صلبة والاعضاء ع فرد قلب ورب".

كان نقابيا بدون ايديولوجيا، لكنه كان الاقرب الى قلوب اليساريين والشيوعيين. وكان بدوره صديقا لهم. الفريق اليساري والشيوعي هو الذي اختاره في الأساس لرئاسة الاتحاد العام، قبل ان يصوت لخصمه بعد سعي وزارة العمل الى التدخل في الانتخاباب، عبر ادخال اتحادات جديدة إلى الاتحاد العام. وكان غنيم قد قرر انتخاب شيوعي أمينا عاما للاتحاد العام، وهي خطوة لم يكن ليقدم عليها أي نقابي آخر من صفوف اليمين والوسط النقابي .

مطالبه القطاعية تمحورت حول الأجور والضمان ونظام الموظفين والتشريعات. وهو لم يكن يركز كثيرا في اهتماماته على السياسات الاقتصادية الاجتماعية، وعلى الأصح، لم يكن يناقش فيها كما في القضايا الأخرى. مع ذلك كان من أبرز المتحمسين للمؤتمر النقابي الوطني العام بقيادة صديقه ورفيق دربه أنطوان بشارة، هذا المؤتمر الذي طرح العديد من البدائل للسياسات المعتمدة .

مات غنيم الزغبي منذ يومين، والتحق برفاقه، أنطوان بشارة والياس الهبر وحسيب عبد الجواد وغيرهم من الجيل النقابي المناضل .

لطالما شعرت ببعض الذنب تجاه غنيم. فأنا لم استطع ان ألبي طلبه بالعمل الى جانبه كمستشار له عندما انتخب رئيسا للاتحاد العمالي العام. فلم أكن لأتحمل التركيبة التي جاء على رأسها، ولم تكن تلك التركيبة لتتحملني. ربما كنت قد سهلتُ عليه بعض الامور، او واسيته بعض الشيء في غربته. لكنه كان بالتأكيد سيستقيل في اليوم الذي استقال فيه .

ارقد بسلام، يا أيها الرفيق الناصع البياض.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم