السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

ترامب "يتعلّم الدرس القاسي" في أفغانستان.. واشنطن "مستمرّة بالحفر"

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
ترامب "يتعلّم الدرس القاسي" في أفغانستان.. واشنطن "مستمرّة بالحفر"
ترامب "يتعلّم الدرس القاسي" في أفغانستان.. واشنطن "مستمرّة بالحفر"
A+ A-



وأعلن الرئيس الأميركي في خطاب متلفز يوم أمس أنّ جيشه "يستحق خطّة للنصر" في #أفغانستان، مقدّماً توجّه بلاده العسكريّ الجديد تجاه الحرب الدائرة هناك ومتراجعاً عن تصريحاته السابقة بسحب القوّات الأميركيّة. ورأى ترامب أنّ انسحاب الجيش من أفغانستان سيترك فراغاً كبيراً يستغلّه الإرهابيّون، لذلك قرّر إبقاء قوّاته هناك و"القتال من أجل النصر". وفي مقارنة سريعة، انتقد الأخطاء السابقة التي دفعت سلفه إلى سحب قوّاته من #العراق قبل تأمين الاستقرار السياسيّ والأمني. كما طرح مقاربة جديدة تعتمد على التعاطي مع الظروف المستجدّة على الأرض لتحديد ضرورة بقاء القوّات الأميركيّة من عدمها بدلاً من تحديد وقت مسبق للوجود العسكريّ.  


"ليس شيكاً على بياض"

وامتنع ترامب عن تقديم مواعيد لسحب جنوده من أفغانستان، غير أنّه شدّد من جهة أخرى على وجود حدود لبقاء الجيش الأميركيّ فيها، مؤكّداً أنّ المسألة "ليست شيكاً على بياض". وامتنع الرئيس الأميركيّ أيضاً عن الإشارة إلى عدد القوّات والخطط العسكريّة المستقبليّة لكنّه لفت النظر إلى أنّ بلاده ستصعّد حربها ضدّ المجموعات الإرهابيّة مثل القاعدة وداعش وطالبان وغيرها. وقد ردّت الأخيرة على تصريحات ترامب متوعّدة بتحويل البلاد إلى "مقبرة أخرى لهذه القوّة العظمى في القرن الحادي والعشرين".


ترحيب

لم ينسَ ترامب أن يطالب الحلفاء بدعم سياسته الجديدة عبر رفع مساهماتهم العسكريّة "كي تتماشى مع ما نساهم به". وقال وزير الدفاع البريطانيّ سير مايكل فالون إنّ التزام الولايات المتّحدة في أفغانستان "مرحّب به" مشيراً إلى ضرورة بقاء قوّات التحالف في تلك البلاد "للفترة المحدّدة من أجل المساعدة في بناء ديموقراطيّتها الهشّة وللحدّ من تهديد الإرهاب للغرب". من جهتها، رحّبت #كابول بكلام ترامب على لسان الرئيس الأفغاني أشرف غني والسفير الأفغاني في واشنطن حمد الله مهيب.

يخدم في أفغانستان حوالي 8400 جنديّ أميركيّ إضافة إلى 4000 جنديّ من قوّات التحالف. وكان مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركيّة تحدّثوا سابقاً عن خطّة محضّرة وموافق عليها من الرئيس الأميركي لإرسال حوالي 3900 جنديّ إضافي إلى البلاد. وقال قائد القيادة الأميركيّة المركزيّة الجنرال جوزف فوتل أمام الصحافيّين إنّ التعزيزات العسكريّة ستصل "سريعاً جدّاً" مرجّحاً أن تتراوح المدّة الزمنيّة لتحقيق ذلك بين بضعة أيّام وبضعة أسابيع كحدّ أقصى. وتتراوح المهام القتاليّة لهؤلاء الجنود بين التدريب وتقديم المشورة وقيادة العمليّات المشتركة مع القوّات الأفغانيّة لمكافحة الإرهاب.


سياسة البيت الأبيض لم تعد حدساً

حاول ترامب في خطابه الأخير أن يوازن قدر الإمكان بين ثلاثة عناصر أساسيّة: وعوده الانتخابيّة، المستجدّات الميدانيّة على أرض المعركة وميله للاستماع إلى مستشاريه السياسيّين والعسكريّين في البيت الأبيض. "لقد كان حدسي الأساسيّ أن ننسحب. وتاريخيّاً أحبّ ان أتبع حدسي، لكن طوال حياتي سمعت أنّ القرارات مختلفة جدّاً حين تجلس خلف المكتب في البيت الأبيض". خلال الحملة الانتخابيّة، تحدّث المرشّح الجمهوريّ آنذاك عن الكلفة الكبيرة التي تتكبّدها الولايات المتّحدة في الحرب الأفغانيّة. لكنّ خطط جنرالاته وتدهور الأوضاع الأمنيّة بشكل دراميّ في كابول جعلاه يعدّل خياراته لكن بطريقة فيها "حفظ ماء الوجه". فقد شدّد ترامب على "أنّنا لم نعد نبني دولاً مجدّداً. نحن نقتل الإرهابيّين". غير أنّ إصرار ترامب على تحاشي الفراغ الذي يمكن أن يملأه الإرهابيّون يصعب أن يتحقّق من دون "بناء الدولة" الذي هو الضامن الأساسيّ لمنع تشكّل الفراغ القاتل.

لذلك، أتى ربّما لفت ترامب النظر إلى عدم الانخراط في بناء الدول كي لا تكون انعطافته السياسيّة والخطابية قاسية أمام مؤيّديه. لكنّ قساوة المعارك الدائرة في أفغانستان لا تحتمل تلكّؤاً أميركيّاً يمكن أن يؤدّي إلى سقوط #كابول بيد طالبان بعد كلّ ما قدّمه التحالف هناك على مدى أكثر من 15 سنة. وبعدما كان يُفترض بواشنطن أن تنسحب سنة 2014، ما زالت قوّاتها تشنّ العمليّات العسكريّة في أجواء سلبيّة.


نصف أفغانستان فقط تحت الشرعيّة

تصاعدت التفجيرات الانتحاريّة خلال الأشهر السابقة إضافة إلى استهداف أهمّ المستشفيات العسكريّة في العاصمة واحتلال طالبان بعض المقاطعات خصوصاً في شمال وغرب البلاد. وفي الثاني من الشهر الحاليّ استهدف انتحاريّ طالبانيّ قافلة عسكريّة أميركيّة حاصداً حياة جنديّين كما جرح أربعة آخرين. وحتى شباط الماضي كانت القوّات الأفغانيّة تسيطر على حوالي 50% من البلاد فقط. أمّا خلال النصف الأوّل من هذه السنة، فقد شنّ الطيران الأميركيّ أكثر من 1600 غارة على مواقع طالبانيّة بزيادة 20% عن الغارات التي شُنّت سنة 2016 بكاملها.


العنف مستمرّ

اليوم صباحاً، قُتل سبعة أشخاص من بينهم أربعة جنود أفغان في تفجير انتحاريّ استهدف قافلة عسكريّة في إقليم هلمند جنوب البلاد. وشهد ذلك الإقليم أعنف المعارك بين طالبان وقوّات التحالف على امتداد السنوات الخمس عشرة الماضي، إذ خسر الأميركيّون حوالي 350 جنديّاً فيما سقط للبريطانيّون حوالي 450 من جنودهم هناك. وفي أواخر أيّار الماضي، استهدف تفجير انتحاريّ بواسطة شاحنة مفخّخة العاصمة الأفغانيّة بالقرب من السفارة الألمانيّة الأمر الذي أدّى إلى سقوط أكثر من 90 قتيلاً وحوالي 500 جريح. ووصفت الأمم المتّحدة ذلك بأنّه "أعنف واقعة مسجّلة" منذ التدخّل الدوليّ في البلاد سنة 2001.


انعطافة واقعيّة لكن ناقصة

أمام كلّ هذه التطوّرات، هل كان مطلوباً من الرئيس الأميركيّ أن يبقي على مواقفه السابقة تجاه أفغانستان؟ الكاتب مات كونغ في موقع "سي بي سي نيوز" الكندي وصف استراتيجيّة ترامب الأفغانيّة الجديدة بأنّها كناية عن "رفض انسحاب و (استمرار) في الحفر". وقال أنطوني كوردسمان، محلّل أمني ل "مركز الدراسات الاستراتيجيّة والدوليّة"، للموقع نفسه إنّ ما فعله ترامب هو انعطافة سياسيّة "واقعيّة لكن غير محدّدة". ويوافقه في ذلك سكوت ووردن مدير مشاريع أفغانستان وآسيا الوسطى في "مركز السلام الأميركي" والسفير الأميركي الأسبق إلى كابول رون نيومن. ويضيف الأخير أنّ سياسة ترامب "خطوة في الاتجاه الصحيح. لكنّ السؤال الأكبر هو ماذا يعني ذلك؟" وشرح سؤاله خاتماً: "أن تقول إنّك ذاهب إلى هزيمة الإرهاب أمر جيّد، لكن حين لا تقول كيف، فهذا ليس مساعداً بشكل لافت".



















الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم