السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

قال لعروسه"لبست الدرع وطالع"... ايلي فريجة زُفّ عريسا الى الشهادة

المصدر: "النهار"
زحلة – دانييل خياط
قال لعروسه"لبست الدرع وطالع"... ايلي فريجة زُفّ عريسا الى الشهادة
قال لعروسه"لبست الدرع وطالع"... ايلي فريجة زُفّ عريسا الى الشهادة
A+ A-

تجلس كاتيا متقوقعة على الكنبة، تحتضن على صدرها ثياب ايلي، وتقلب على هاتفها الخليوي، صعودا ونزولا، محادثاتها مع من كانت ستزف اليه عروسا، فزف اليوم شهيدا للوطن. الجندي ايلي ابرهيم فريجي، ابن بلدة رعيت، شرق قضاء زحلة، استشهد مع اثنين من رفاقه العسكريين في اللواء السادس في معركة "فجر الجرود" بطلا من ابطال الجيش، "ممن يحاربون في جرود عرسال، في الوديان والوعر يقاتلون هؤلاء المخربين المجرمين"، يقول والده ابرهيم.



قال ايلي لعروسه اليوم صباحا في آخر حديث بينهما: "لبست الدرع وطالع"، وكان والداه اتصلا به اليوم فأنبئا بانه خرج منذ الحادية عشرة قبل الظهر. الى الجرود كان قد توجه ايلي، الذي يخدم في المشغل، مع 3 من رفاقه العسكريين، لسحب آلية عسكرية، فانفجر لغم بآليتهم، استشهد ثلاثة منهم وجرح الرابع. غافلا عن مصابه، خرج والده ابرهيم اليوم الى شرفة منزله، فوجد الضيعة مجتمعة تنظر في اتجاه منزله "ومدري كيف نزلت هالدمعة". ابرهيم فوت فرصة لقاء ايلي، الذي بات له 10 ايام محجوزا. ففي اليوم السابق لاستشهاده كانت والدته وشقيقه طوني، العسكري ايضا، توجها الى عرسال، وحملا له معهما الطعام. لكن الوالد ابرهيم تأخر في عمله، فلم يتسن له مرافقتهما. ايلي الذي اعتاد ان يتصل يوميا ما بين الثامنة والنصف والتاسعة ليلا، كان قد طلب من عائلته زيارتهم، وقال: "تعالوا عند العاشرة، لا تعرفون الى اين ساذهب، قد لا تجدونني"، على ما يخبر الوالد. راح ايلي قبل ان يبلغ ال 24 من العمر الشهر المقبل، "استشهد ابني" هاتان الكلمتان كل ما تمكنت والدته ان تنطقه، تبكيه بصمت، وتهز برأسها كأنها تبعد الفكرة من فكرها، وتعجز عن منع يدها الممسكة بالسيجارة عن الارتجاف رغم كونها تحت تأثير الدواء المهدىء.

"حنون"، تلك اكثر صفة ترددت عن ايلي "حنون على عائلته وضيعته ووطنه، لم يكن يؤذي احدا، كل الناس يحبونه، وليس له مبغض، لا يصدق متى يلتحق بخدمته، يخطط لزواجه من حبيبته.




ينتمي ايلي الى تلك العائلات التي تسكن اطراف الوطن، العائلات المكافحة، المستورة، التي تجد نفسها فجأة في عين الوطن، يحتفي به شهيدا وبطلا، وتبكيه شهيدا وبطلا، وجرحا لن يلتئم.

في كل حال لن يبتعد ايلي كثيرا عن عائلته، سيرقد بجوارها، ذلك ان منزل العائلة يلاصق المدافن التي حفر فوق مدخلها "المسيح قام حقا قام"، فمتى قيامة الوطن من حروب ومعارك يستجر اليها؟



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم