الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"جمعة دموية" أخرى في البيت الأبيض تطيح برأس المستشار ستيفن بانون

هشام ملحم
هشام ملحم
"جمعة دموية" أخرى في البيت الأبيض تطيح برأس المستشار ستيفن بانون
"جمعة دموية" أخرى في البيت الأبيض تطيح برأس المستشار ستيفن بانون
A+ A-

في خطوة متوقعة ستكون لها مضاعفات سياسية وإيديولوجية على سياسات الرئيس ترامب وقاعدته الحزبية المتقلصة، أقال مديرالبيت الابيض جون كيلي، كبير المستشارين الاستراتيجيين ستيفن بانون والذي كان من اكثر مساعدي الرئيس ترامب نفوذاً داخل البيت الابيض وفي اوساط قاعدته اليمينية المتشددة. ومنذ تعيين كيلي في منصبه قبل ثلاثة اسابيع سرت الشائعات المدعومة بتسريبات من مسؤولين في البيت الابيض بأن بقاء بانون في منصبه هو مسألة وقت فقط. وقبل ايام من رحيله شنّ بانون هجوماً على خصومه السياسيين والإيديولوجيين داخل الادارة سمى بعضهم بالاسم في احدى المقابلات قائلاً انهم "يبولون في ثيابهم" خوفاً منه. كما سخر بانون ضمنا من موقف الرئيس ترامب حول وجود خيار عسكري ضد كوريا الشمالية، ويعتقد ان هذه المواقف النابية والمتعجرفة سارعت في الاعلان عن اقالته المتوقعة. وتأتي اقالة بانون، بعد سلسلة من الاقالات طالت عدداً من كبار مساعدي ترامب، بدأت بإقالة مستشار الامن القومي مايكل فلين في شباط الماضي، وتسارعت وتيرتها في الاسابيع الماضية وكان يعلن عنها يوم الجمعة، الامر الذي يبرر عبارة "الجمعة الدموية" التي شهدنا فيها اقالة مدير البيت الابيض راينس بريبوس، والناطق باسم البيت الابيض شون سبايسر، ومدير الاصالات أنطوني سكاراموتشي، وبانون في الجمعة الدموية الاخيرة. 

وظهرامس قالت الناطقة باسم البيت الابيض سارة ساندرز إن كيلي وبانون توصلا الى تفاهم مشترك، بان هذا اليوم هو آخر يوم لستيف في البيت الابيض. وقبلها بساعات قال ترامب لبعض كبار مساعديه إنه قرر التخلص من بانون. الاعلان عن رحيل بانون تزامن مع وجود الرئيس ترامب في منتجع كامب دايفيد لاجتماعات مع مساعديه للشؤون الامنية والعسكرية لبحث مستقبل الوجود الاميركي العسكري في افغانستان. وكان بانون قد دخل في صراعات مع كبار الموظفين والمستشارين في البيت الابيض لاسباب ايديولوجية وسياسية، وكان آخرها مع مستشار الامن القومي أيتش آر ماكماستر الذي منع بانون من المشاركة في اجتماعات مجلس الامن القومي، ولاسباب اخرى مثل الموقف من حلف الناتو الذي يشكك بانون بجدواه. كما دخل بانون في معارك مع جاريد كوشنر صهر الرئيس واحد كبار مستشاريه، ومع غاري كوهين مدير المجلس الاقتصادي الوطني، بسبب معارضة بانون لاتفاقات التجارة الحرة، وتشجيعه لترامب على الدخول في "حرب اقتصادية" ضد الصين، ولان بانون ينظر الى هؤلاء الخصوم بازدراء ويصفهم " بالعولميين Globalists ".

وحول توقيت إقالة بانون وأسبابها، قال الكاتب والمحلل دافيد روثكوبف لـ "النهار" انه "في بداية ولاية ترامب كان الاعتقاد السائد ان بانون هو العقل المدبر لترامب، وهو الذي يهمس بأذنه لاتخاذ المواقف اليمينية المتشددة. ولكن مع نمو احباط ترامب من بانون، اولا، لانه كان يدعي انه وراء انتصار ترامب، وثانيا لانه اصبح من الصعب السيطرة عليه، وثالثا بسبب نزاعاته التي عمقت الخلافات بين المسؤولين في البيت الابيض/ حدث شيء غريب". ويضيف روثكوبف، الذي الف كتابين عن الامن القومي، وكان رئيساً لتحرير مجلة وموقع "فورين بوليسي" ان "ترامب ادرك انه ليس بحاجة لشخصية مثل بانون لتكون صلة الوصل بينه وبين اليمين المتطرف في قاعدته، لانه كان عضوياً واحداً منهم، وهكذا تقلصت أهمية بانون بالنسبة له ". ويتابع روثكوبف، الذي نشر قبل يومين مقالاً في صحيفة "الواشنطن بوست" دعا فيه ترامب الى الاستقالة، بعد مواقفه المتصلبة في اعقاب العنف في مدينة تشارلوتسفيل "ترامب قادر بمفرده ان يؤجج مشاعر انصاره من المعادين للاسلام ومن العنصريين، دون ان يكون بحاجة الى شخص وسيط مثل بانون".

وكانت مصادر في البيت الابيض قد قالت في السابق ان ترامب كان مستاء من نجومية بانون، وبخاصة بعد ان نشرت مجلة"التايم" عدداً خاصاً حول بانون، ووضعته على غلافها بعنوان "الرئيس بانون". يوم الثلثاء الماضي دافع ترامب ولكن بفتور واضح عن بانون حين سؤاله عن مستقبله، واضاف في إشارة ضمنية الى ان ايام بانون اصبحت معدودة "وسوف نرى ما سيحدث".


"بانون البربري"

المقربون من بانون، الذي كان قبل التحاقه بحملة ترامب مديراً لموقع "بريتبارت" الاعلامي الذي يمثل اليمين القومي المتشدد، قالوا انه قدم استقالته لترامب في السابع من الشهر الجاري. وكانت مصادر في البيت الابيض قد المحت الى ان تردد ترامب في اقالة بانون يعود لقلقه من احتمال قيام بانون باستخدام نفوذه الاعلامي والسياسي لمهاجمة الرئيس. رد الفعل الاولي السلبي لموقع "بريتبارت" بعد اقالة بانون أكد هذه المخاوف. وفور الاعلان عن الاقالة غرّد رئيس تحرير الموقع جويل بولاك كلمة واحدة هي: #حرب، وهي اشارة الى المهمة الرئيسية والقديمة للموقع بشن الحرب ضد الحزب الديموقراطي، والاعلام التقليدي والتيارات المعتدلة (غير القومية وغير المتشددة) في الحزب الجمهوري. ولاحقاً قال بولاك في مقابلة تلفزيونية انه اذا بقي ترامب امينا للاهداف التي خاص على أساسها المعركة الانتخابية (رفض اتفاقات التجارة الحرة، بناء الجدار على الحدود مع المكسيك، والمواقف المتشددة من المهاجرين ورعايا بعض الدول ذات الاكثرية المسلمة) فإن موقع "بيرتبارت" سيغطيه ايجاباً، ولكن اذا تراجع ترامب عن هذه المواقف، "عندها ستقع الحرب".وذكرت تقارير صحافية أن مصدراً تحدث مؤخرا مع بانون قال انه لا يعتزم البقاء على الهامش او الابتعاد بهدوء عن الاضواء، مضيفاً "سوف نرى بانون البربري".

وسربت مصادر على اتصال مع موقع "بريتبارت" لوسائل الاعلام ان الموقع لن يبدأ مباشرة بمهاجمة الرئيس ترامب، ولكنه سيحضر مقالات نقدية ضد كبار مساعديه من "العولميين"، وان بانون سوف يواصل الدفاع عن مواقفه "القومية" المتشددة كما تنعكس على السياسات الاقتصادية. وجاء في عنوان لتحليل في "بريتبارت" يوحي بطبيعة الصراع المقبل مع ترامب "مع رحيل بريتبارت يجازف ترامب بالتحول الى شوارزنيغر آخر" وذلك في اشارة الى حاكم ولاية كاليفورنيا الاسبق الجمهوري آرنولد شوارزنيغر، الذي اعتمد سياسات معتدلة ومد يده للديموقراطيين خلال حاكميته لكاليفورنيا. وكان ترامب يشاطر مواقف بانون المناوئة للمسلمين (بانون كان وراء قرار حظر سفر الرعايا المسلمين) والمهاجرين وشكوكه بحلف الناتو والتجارة الحرة، ومواقفه الودية تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وجاءت اقالة بانون في نهاية ما يمكن اعتباره أسوأ اسبوع للرئيس ترامب منذ وصوله الى البيت الابيض. وفي الايام الماضية تعرض ترامب لانتقادات قاسية وشاملة من اقطاب الحزبين الجمهوري والديموقراطي في الكونغرس، ومن رجال الاعمال الذين عبروا عن سخطهم منه بالاستقالة من المجالس الاقتصادية التي نظمها ترامب، ومن الاعلاميين ومن الرأي العام، بسبب دفاعه عن التظاهرات التي جرت في مدينة تشارلوتسفيل في نهاية الاسبوع الماضي والتي نظمها النازيون الجدد، ودعاة القومية البيضاء وتنظيمات عنصرية معادية للسود واليهود والمسلمين والمهاجرين، والتي واجهتها تظاهرات مضادة. ومع ان احد المتظاهرين العنصريين دهس متظاهرين سلميين وقتل إمرأة وجرح آخرين، الا ان ترامب ساوى اخلاقيا بين الطرفين، كما ساوى بين بعض مؤسسي الجمهورية الاميركية مثل الرئيس الاول جورج واشنطن الذي قاد حرب الاستقلال ضد الاحتلال البريطاني، والرئيس الثالث توماس جيفرسون الذي وضع المسودة الاولى لاعلان الاستقلال، وبين القادة العسكريين لانفصال الكونفدرالية الجنوبية وبخاصة الجنرال روبرت أي لي قائد القوات الجنوبية، وزميله الجنرال توماس (ستون وال) جاكسون، وهو الحدث الذي ادى الى الحرب الاهلية بين عامي 1861 و1865.



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم