الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ما الرسائل المبطّنة التي شاء نصرالله إرسالها في إطلالته الأخيرة؟

المصدر: "النهار"
إبراهيم بيرم
ما الرسائل المبطّنة التي شاء نصرالله إرسالها في إطلالته الأخيرة؟
ما الرسائل المبطّنة التي شاء نصرالله إرسالها في إطلالته الأخيرة؟
A+ A-

في اطلالته الإعلامية الاخيرة اول من امس تجنّب الامين العام لـ #حزب_الله السيد حسن #نصرالله عامِداً متعمداً الدخول في اي سجال اعلامي او سياسي مع اي جهة من خصومه الداخليين، وتحاشى الرد على اي حملة تناولت الحزب ومواقفه، لكنه في الوقت عينه تعمّد تكراراً التمني على من يعنيهم الامر عدم الانزلاق الى ما سمّاه "المشاركة في عملية الضغط والتهويل" التي تمارسها واشنطن على الحزب. 

 هذا الامر لم ينطلق من فراغ، فتمنّي السيد نصرالله انطوى بالنسبة الى المراقبين على تحذير مبطّن من ألا يبادر اي فريق لبناني الى التطوع لاداء دور الشريك الداخلي في حملة الضغط الاميركية التي تجددت وتصاعدت مع انطلاق عهد الرئيس دونالد ترامب واتخذت اشكالا وصيغا متعددة.

 ولهذا التحذير الملطّف قراءته الممنهجة لدى دوائر القرار في الحزب. فالسيد نصرالله استهل كلامه بوضع الضغوط الاميركية في مرتبة حملة التهويل والتخويف التي لا جدوى منها ولا ثمار مرجوة لها. وهذا وفق معلومات ليس من باب القاء الكلام على عواهنه، بل هو عبارة عن استنتاج لدراسة معمقة وضعتها على طاولة سيد الحزب مجموعة خبراء واختصاصيين كلفتهم قيادة الحزب "تقليب" امر العقوبات المفترضة التي تلوّح بها واشنطن منذ اشهر عدة على وجوهها كافة، واستشراف آثارها المحتملة ونتائجها المنتظرة وفق اسس علمية. وقداستغرقت عملية الدرس اسابيع عدة وكانت الحصيلة ان هذه العقوبات ستبقى عديمة النفع والفائدة ما لم تتطوع جهات داخلية لتضخيمها والابتزاز بها وفرضها "بعبعاً" للتخويف وفرض امر واقع.

 وبناء عليه، اطلق السيد نصرالله ذلك التمني. وبطبيعة الحال، فان في طيات الكلام اياه تذكيراً ولو من بعيد بمرحلة العقوبات الاميركية ابان عهد الرئيس السابق باراك اوباما والتي نجحت الجهود المضادة للحزب في حينه في امتصاص تداعياتها، وخصوصا المالية منها، وتحويلها حبراً على ورق لاسيما بعدما تراجعت حماسة بعض المتحمسين لتطبيقها باكثر مما هو منصوص عليها.

في أي حال، لم يعد خافيا ان الحزب عموما يتعمد منذ فترة عدم اقحام نفسه طرفا رئيسيا في تجاذبات المشهد الداخلي وتخفيف حضوره في الملفات الخلافية والعزوف عن الرد على الحملات التي تستهدفه والتي يلاحظ تجددها وتصعيدها بأشكال مختلفة في اعقاب عملية تحرير جرود عرسال التي تنكّبها منفردا. وهو ينطلق في ذلك من فلسفة عميقة لدى دوائر القرار فيه عناوينها العريضة:

- عدم تكرار التجارب الماضية التي كان فيها الخصوم يستدرجونه الى الصراعات الداخلية فيؤثّرون على مهمته الاستراتيجية وادواره الكبرى.

- يعي الحزب ضمناً ان هؤلاء الخصوم مضطرون في هذه المرحلة الى سلوك طريق العودة الى زمن التساجل والصراعات الاعلامية والسياسية لكي يؤكدوا انهم ما زالوا في قلب المعادلة ولم يغيّبهم احد.

- ان الحزب لا تغيب عنه ان ثمة عملية تقاسم ادوار متقنة يمارسها المصرّون على مناصبته العداء والمقتصرون على "تيار المستقبل" وحزب "القوات اللبنانية". وعماد نهج التقاسم هذا يتلخص في اعطاء الاذن لرئيس حزب "القوات" سمير #جعجع بالرد استهلالا على مواقف الحزب في عملية عود على بدء، ثم يعطى الامر لـ "احتياطي التصعيد" المنتظر في "بيت الوسط" لكي يظهر ويستكمل التصعيد، تماما كما حصل من خلال المؤتمر الصحافي الاخير لعضو كتلة "المستقبل" النيابية #عقاب_صقر، وهو المؤتمر الذي سبق زيارة الرئيس سعد الحريري الاخيرة للكويت. وفي الوقت عينه يحافظ الحريري على دور المنضبط تحت سقف التفاهم السياسي العريض الذي سمح له بالعودة الى رئاسة الحكومة والملتزم مندرجاته العميقة.

 ولكن وفق معلومات فان الحزب ابلغ من يعنيهم الامر في الايام القليلة الماضية رسالة شفهية فحواها: ان "للصبر حدوداً" و"للعبة قواعدها"، فهو يقبل بان يكون للشركاء في التفاهم رأيهم، ولكن ثمة حسابات اخرى عندما يقرر هؤلاء العودة الى اداء ادوار المرحلة السابقة، اي ادوار الشريك التنفيذي للمشروع المضاد، وهو ما قرأه البعض في ثنايا كلام السيد نصرالله.

وعليه فان الحزب يرصد بدقة طبيعة سلوك الشركاء ليبني على الشيء مقتضاه، وهو يجد نفسه في وضع المضطر الى تذكيرهم بقواعد اللعبة واسس الشركة السياسية التي تكرست في التفاهم الاخير، وهو على الدوام في وضع المطمئن الى ان الاخرين ليسوا كما حصل في عام 2006 في وضع يسمح لهم بالتفلت من موجبات التفاهم او حتى التفكير بتغيير قواعد اللعبة المألوفة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم