الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أخطر تقرير لم يقرأه المسؤولون: لبنان سيصبح مأوى عجزة وبلا شباب!

المصدر: "النهار"
أحمد عياش
أخطر تقرير لم يقرأه المسؤولون: لبنان سيصبح مأوى عجزة وبلا شباب!
أخطر تقرير لم يقرأه المسؤولون: لبنان سيصبح مأوى عجزة وبلا شباب!
A+ A-

في انتظار معرفة نتائج الجهود التي بذلها رئيس مجلس الوزراء سعد #الحريري في واشنطن بعنوانَي "النازحين السوريين" و"العقوبات الاميركية"، يبدو ان لبنان في سباق مع الوقت بعيداً من التفتيش الجاري عن "جنس ملائكة" الحل الذي ستنتهي اليها الحرب السورية ومصير ملايين اللبنانيين والسوريين معاً. إذ كشف تقرير صدر في كتاب بعنوان "لبنان مشكلات إنمائية وإنسانية بالأرقام" أعده الدكتور رياض طبارة الخبير الدولي قبل أن يعيّن سفيراً للبنان في واشنطن بين عامَي 1994 و1997 أن سكان لبنان يتناقصون ويهرمون مشخّصاً الاسباب ومقترحاً الحلول. فما هي قصة التقرير الذي لا يبدو ان احداً من المسؤولين قد قرأه على رغم انه ظهر قبل عام تماماً؟    

بداية أهدى طبارة كتابه "الى زملائي الباحثين في القضايا الإنمائية والإنسانية في لبنان، لما يعانون في ملاحقة الرقم الصحيح، غير المسيّس"، ثم يقول: "لبنان هو البلد الوحيد في العالم الذي لم يقم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بتعداد سكانه. فمن أصل 237 دولة ومقاطعة حول العالم، ليس هناك واحدة لم تقم بتعداد لسكانها منذ استقلالها والحجة لتفردنا بهذه الميزة هي بكل بساطة أننا لا نريد ان نعرف التوزيع السكاني بحسب الطائفة والمذهب بسبب تأثير ذلك على النظام الطائفي القائم وتوزيع الحصص في داخله، علماً ان الطائف وضع الاسس للنظام الطائفي على اساس المناصفة. وكل ما نستطيع ان نجزم به هو ان سكان لبنان من اللبنانيين أصبح ثابتاً ويبلغ نحو 3,6 ملايين".

ويضيف:"نتيجة لهذه الحالة الإحصائية المزرية أصبح الرقم في لبنان وجهة نظر كما يقولون، يولد بحسب الحاجة ودون دراسة ويستعمل لخدمة توجهات السياسيين حول المواضيع المطروحة".

ويعطي مثلاً ان "آخر مسح رسمي ظهرت فيه نسبة البطالة قامت به إدارة الاحصاء المركزي عام 2009 أظهر أن الرقم إما 5,6 أو 6 في المئة أو 6,4 في المئة وكل هذه الارقام غير صحيحة. بينما تفيد تقديرات البنك الدولي لعام 2013، أي بعد دخول النازحين السوريين الى لبنان تشير الى ان نسبة البطالة هي 11 في المئة. وفيما أعلن وزير العمل عام 2015 أن مستوى البطالة وصل الى 32 في المئة، نشرت إدارة الاحصاء المركزي بعد بضعة أيام على كلام الوزير في موقعها أن مستوى البطالة هو 10 في المئة!

ماذا عن لبنان الذي يفقد شبابه ويهرم؟ يقول طبارة إن المرأة اللبنانية لا تنجب كمعدل عام طفلين للحلول مكانها ومكان رديفها، بل 1,6 طفل ما يجعل النمو الطبيعي للسكان (ولادات ناقص وفيات) في لبنان سلبياً في المستقبل المنظور؟ وأن نمو السكان الاجمالي أصبح بالفعل سلبياً بسبب كثافة الهجرة الى الخارج. وأضاف أن معدل سنّ اللبنانيين المقيمين ارتفع من 19 سنة العام 1970 الى 29 سنة العام 2010 ، ومن المنتظر أن يرتفع الى 33 سنة في نهاية العقد الحالي. وتابع أنه من المنتظر خلال المدة 2010- 2040 أن ينخفض عدد الاطفال (دون 15 سنة) الى أقل من النصف بينما يُنتظر أن يزداد عدد المسنين (65 وما فوق) 83 في المئة ليصبح عدد المسنين أكثر من عدد الاطفال في آخر هذه المدة. وقال إن تراجع عدد الاطفال المنتظر خلال المدة 2010-2040 سينعكس بانخفاض متزايد في الطلب على التعليم في المستويين الابتدائي والثانوي، بينما ما زالت المدارس تؤسس وتتوسع بناءً على الاتجاهات التوسعية الماضية. وكشف أن نسبة الإعالة – أي نسبة الذين هم خارج سن العمل (دون الـ 15 سنة و65 سنة وما فوق) الى الباقين (15-64) ستنخفض بشكل كبير حتى سنة 2040 وأنها ستتحول تدريجياً من إعالة الأولاد خصوصاً الى إعالة الآباء والاجداد. وقال إن الازدياد الكبير في أعداد كبار السن المترافق مع هجرة الشباب المكثفة يضع ضغطاً كبيراً ومتزايداً على مآوي العجزة التي أصبح بعضها لا يأخذ سوى الحالات المستعجلة ومدة الإنتظار لدخولها طويلة، ما سيتطلب توسعاً كبيراً في قوتها الإستيعابية بدءاً من اليوم. وأوضح أن عدد المسنّات في لبنان سيفوق عدد المسنين بنحو 30 في المئة في نهاية العقد الحالي وبـ 44 في المئة بحلول سنة 2040 ما يعني أن عدد النساء الأرامل سيشكل الثقل الرئيسي والمتزايد في هذه الفئة العمرية.

هذه الحقيقة الساطعة حول المصير الذي يتجه اليه لبنان مردها الى انه يفقد أكثر من 35 ألف مواطن سنوياً للهجرة، غالبيتهم من الشباب في سن العمل. كما أن الهجرة المكثفة أخلّت بالتوازن بين الجنسين في سن الزواج ما رفع بشكل ملحوظ نسبة العزوبة بين النساء وأن بعض التوازن تحقق أخيراً بسبب عدد المهاجرات اللبنانيات العازبات الى الخارج. لكن يبقى أن السبب الرئيسي لهجرة اللبنانيين هو الحصول على عمل وتعزيز مستوى المعيشة، علماً ان السبب الامني يبرز مع اهتزاز الإستقرار.

على رغم هذه الصورة القاتمة يقول التقرير إن هجرة الشباب تشكّل صمام أمان في وجه ارتفاع مستوى البطالة في لبنان الذي قد تصل الى ضعف مستواه الحالي لولا الهجرة. كما أن تحويلات اللبنانيين في الخارج الى لبنان التي بلغت أخيراً نحو 7,5 مليارات دولار سنوياً يقابلها تحويلات الأجانب العاملين في لبنان التي تصل الى نحو 4 مليارات دولار. لذا، فإن تحويلات اللبنانيين من الخارج تشكل رغم ذلك شبكة أمان للاقتصاد المالي اللبناني وشبكة أمان اجتماعية أكبر للأسر اللبنانية ذات الدخل المنخفض.

عام 2005، وفي موضوع الهجرة والمذهب، استحدث مركز الدراسات والمشاريع الإنمائية (مدما) الذي يتولى طبارة إدارته نموذجاً إحصائياً مبني بشكل أساسي على مقارنة بين نسب الاقتراع من لوائح الشطب في الانتخابات النيابية تلك السنة، ونسب الاقتراع على الاقتراع بحسب استطلاع نفذ مباشرة بعد الانتخابات وشمل 12 ألف شخص موزعين عشوائياً على كل الاراضي اللبنانية. كانت المفاجأة أن نسبة حاملي الجنسية في الخارج كانوا أكثر عند الطائفة الاسلامية منه عند المسيحيين، وأن أعداد المسلمين في الخارج من هؤلاء أكثر بكثير من المسيحيين.

التقرير وغيره من التقارير المهمة تقرع ناقوس الخطر ولكن حتى الآن السؤال: على من تقرأ مزاميرها التقارير؟

[email protected]


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم