الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

انتفاضة شعبية فلسطينية ثالثة بعيداً من الفصائل والأحزاب

المصدر: "النهار"
علي عواضة
علي عواضة
انتفاضة شعبية فلسطينية ثالثة بعيداً من الفصائل والأحزاب
انتفاضة شعبية فلسطينية ثالثة بعيداً من الفصائل والأحزاب
A+ A-

بعيداً من النار المستعرة في المنطقة من حروبٍ طائفية وصراعات مذهبية، وانتفاضات شعبية، يبقى للقضية الفلسطينية وما تشهده من حوادث طابع خاص يسترعي اهتمام الشعوب ويثير الغضب ولا سيما مع كل انتهاك يحصل داخلها خصوصاً اذا كان الأمر يتعلق بالمسجد الأقصى. 

الانتهاكات المتتالية بحق الشعب الفلسطيني في القدس لسنوات طويلة فجرت حالة من الغضب بعد عملية المسجد الاقصى التي نفذها ثلاثة شبان من قرية ام الفحم، فقرر الاحتلال وضع بوابات الكترونية عند مداخل الاقصى ومنع المصلين من الدخول أولى القبلتين وثالث الحرمين.

"شبه انتفاضة" تشهدها القدس المحتلة، اعتقالات يومية وإقفال لأبواب المسجد الاقصى، مرابطة للمصلين وحالة من الغضب والغليان المستمرة رفضاً للابواب الالكترونية، وسط تعتيم اعلامي عما يحصل في فلسطين. فالشعوب العربية منشغلة إما بثوراتها، أو بمشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية، بينما شباب القدس يقاوم منعزلاً أعزل.


البوابات الالكترونية التي قرر الجيش الاسرائيلي إزالتها بالأمس ووضع كاميرات مراقبة مكانها، رفضها ايضاً المقدسيون مطالبين بعودة الحياة الى ما كانت عليه قبل الإجراءات الامنية، والسماح لجميع المصلين بالدخول الى الاقصى بدون تحديد العمر. كما شددت المرجعيات الدينية في القدس - مجلس الأوقاف الإسلامية، والهيئة الإسلامية العليا، ومفتي القدس والديار الفلسطينية، والقائم بأعمال قاضي القضاة - على ضرورة فتح جميع أبواب المسجد الأقصى لجميع المصلين بلا استثناء وبحرية تامة. 

الباحث في مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ميشال نوفل، اعتبر أن ما فجّر الوضع في القدس الشرقية هي السياسات الاسرائيلية القمعية التي تتعلق بالقدس، حيث لم يعد في مقدور المقدسيين تحمل المزيد من الضغوط، خصوصاً عمليات القضم المستمرة حول الاقصى والسماح للمستوطنين بالدخول الى باحات المسجد الاقصى بحرية تامة بينما يمنع الأمر على المسلمين. المجتمع الاسرائيلي يتجه نحو اليمين المتشدد، مما يسهل الأمر على المتطرفين بارتكاب المزيد من الاعمال العدوانية بحق اهل القدس.

انتفاضة ثالثة 

ولفت نوفل الى ان "ما يميز شباب الهبة الفلسطيني أنه لم يعايش مرحلة النكبة او النكسة او الهزائم العربية أمام الجيش الاسرائيلي ولا المجازر المتتالية من كفر قاسم ودير ياسين بل معظمهم لم يتجاوز العشرين من عمره، وهو نتيجة التضييق الحاصل بحقهم والاهانات من الحواجز الامنية وقضم الاراضي والتوسع الاستيطاني، مما جعل حياة الفلسطينيين شبه مستحيلة خصوصاً مع حرمانهم بأبسط حقوقهم بالتنقل بحرية". وما زاد النقمة الشعبية بحسب نوفل "التنسيق الامني بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال، لا بل وصل الأمر حد اعتقال الناشطين وتسليمهم الى الجيش الاسرائيلي مما جعل الهبة الحالية تأخذ الطابع الفردي بعيداً من القيادات والانتفاضة الاولى والثانية اللتين اخذتا الطابع المسلح، بينما انتفاضة السكاكين لا قيادة لها وهو ما يصعب الامور على الاحتلال"، مؤكداً بأن ما يحصل اليوم أعاد خلط الاوراق بعدما كانت فلسطين منسية لسنوات طويلة، والهبة أشبه بما حصل في الانتفاضة الاولى وليس بعيداً اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه أن نصل الى انتفاضة ثالثة.

بينما الباحث في الشؤون الفلسطينية محمود سويد اعتبر بأن "الانتفاضة الراهنة في القدس في الظاهر ذات طابع ديني (المسجد الاقصى)، بينما جوهرها وطني فلسطيني عربي (تهويد القدس الشرقية)، مؤكداً بأن الشعوب العربية عموماً، والفلسطينية خصوصاً، مستعدة دائماً للانتفاض والتضحية ولكن غالباً ما انتهت الانتفاضات بالنكسة كما حصل في انتفاضة 1987 التي انتهت بكارثة اتفاق اوسلو، وانتفاضة 2000، وانتهت بدون نتائج"، مؤكداً بأن الانتفاضة الحالية قد تنتهي بتسوية سحب البوابات الالكترونية وعودة التنسيق الامني بين السلطة والاحتلال، في ظل الانقسام العمودي بين حماس وفتح وتغليب المصالح الشخصية على المصالح الوطنية العليا، بينما يستمر الشباب الفلسطيني بانتفاضة السكاكين، الذي يدفع فيها فتيان دون الـ 20 من عمرهم حياتهم مقابل أثمان زهيدة لمجرد اشتباه جندي اسرائيلي فيه، ولكن رغم ذلك أكد سويد بأنه "ظهرت خلال الايام الماضية مبادرات لتركيز العمل ضد المستوطنات لقض مضاجعهم وجعل حياتهم على الارض مكلفة جداً بالنسبة إليهم، وفي حال نظمت المبادرة وأخذت الطابع الفدائي والمستمر سيشكل تحولاً مهماً في سياق النضال الفلسطيني".

واكد سويد بأن الانتفاضة الحالية هدمت كل ما تسعى اليه اسرائيل عبر تهويد القدس وجعلها عاصمة اسرائيل مؤكدةً عروبة القدس. بينما الاعتماد على التحركات خارج فلسطين لا معنى له، فكل بلد منشغل بانتفاضة ضد حكومته او متخبط بالضغوط اليومية والاقتصادية في ظل غياب أي تحرك من الحكومات".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم