الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

عقوبة الإعدام ومدى ردعها للجرائم

منير مزهر
عقوبة الإعدام ومدى ردعها للجرائم
عقوبة الإعدام ومدى ردعها للجرائم
A+ A-

في ظل التفلّت الأمنيّ وانتشار السلاح غير المنظم بين عدد كبير من المواطنين، نشهد ارتفاعاً في معدّل جرائم القتل اليوميّ بشتى الطرق والأساليب ولأسباب مختلفة... في المقابل يتّجه الرأي العام للمطالبة بتفعيل قانون الإعدام المنصوص عليه في قانون العقوبات اللبناني في المادّة ٥٤٩ منه فيما يخصّ القتل قصداً... 

لنبحث في الأمر بعقلانية:

السبب الأساسي وراء زيادة جرائم القتل هو التفلّت الأمني والتبعية السياسية التي توفّر الأمن والأمان لمرتكبي الجرائم.

وكما هو الحال في وطننا العزيز، في ما يخصّ جميع الأمور المتعلقة بالدولة، هناك ما يسمى "الواسطة"، فإذا فُعّل قانون الإعدام فسيصبح قانوناً تمييزياً يطال الفئات الأكثر فقراً وتهميشاً وضعفاً. وفي المقابل، سيكون تنفيذه على الأرجح بحسب الأعراف الطائفية أي "٦ ب ٦ مكرر" على جميع الطوائف، فهل هذا منطقي أو قانوني؟

غير أنّ عقوبة الإعدام ليست بعقوبة رادعة بل هي مجرّد إجراء انتقامي كالثأر، فلم يثبت وجود أيّ علاقة بين عقوبة الإعدام وتراجع مستويات الجرائم، أي إنّ الإعدام لا يحقق العدالة لأهل الضحايا بل الانتقام، إذاً تكون الدولة قد أقدمت على الفعل ذاته الذي جرّمته!

والخطأ لا يصحّح بخطأ...

وإذا صدر مرسوم بالإعدام ونفّذ الحكم وظهرت براءة المحكوم لاحقاً فمن يستطيع إعادة براءة المحكوم...؟

كما أن الإعدام وتنفيذه يصدران باسم الشعب اللبناني ما يجعل الشعب مسؤولاً عن قتل الأشخاص.

إضافة إلى ما سبق، فإن الدراسات المحلّية والدولية تناقض الحديث عن حاجات المجتمعات إلى عقوبة الإعدام بهدف وقف الأعمال الإرهابية ومستويات العنف أو على الأقلّ خفضها، وفي هذا السياق تشير هذه الدراسات إلى أنّ الإعدام لم يردع...

وإنّ المضيّ في عقوبة الإعدام يعطي الحكومات وسيلة فعّالة لكتم أصوات المعارضين السياسيين، فعندما تتذرع الحكومات بفكرة القصاص لتبرير الإعدام يصبح النظام القضائي أداة للانتقام...

وإذ يشير بعضهم إلى أنّ تعليق عقوبة الإعدام يتعارض والديانات الكبرى في العالم، فإن الآيات والأحاديث المنقولة عن الأنبياء والرسل تؤكد عكس ذلك، خصوصاً أن جميع الديانات السماوية تدعو إلى الرحمة والمغفرة كما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى "فإن تعفوا وتصفحوا فهو أقرب للتقوى".

ونقل إنجيل لوقا عن السيد المسيح: "لا تقاوموا الشرير. من لطمك على خدك الأيمن، فاعرض له الآخر."

وبالتالي إن الإجراءات الرادعة لارتكاب جرائم القتل تتمثل:

أولاً، بالإصلاح السياسي والأمني اللذين يشكلان السبب الأساسي لتسهيل ارتكاب جريمة القتل.

ثانياً، السجن الطويل مرفقاً بإصلاحات نفسية وثقافية لمرتكبي الجرائم.

ثالثاً، تحسين المستوى المعيشي والاجتماعي للأفراد، ما يسهّل حياتهم ويخفف من الآثار المسببة لارتكاب الجرائم.

وما دامت العقوبة إجراءً رادعاً لتكرار الجريمة، فإن حجز الحرية لوقت طويل من شأنه الوصول بهذه العقوبة إلى غايتها المنشودة دون عنف أو موت.

آملين بإشراقة غد جديد تتجه فيه التشريعات الدولية إلى تحقيق إجراءات أكثر عدالة وأكثر احتراماً لحقوق الإنسان.



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم