الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مرآة الشياطين!

محمد النخال
مرآة الشياطين!
مرآة الشياطين!
A+ A-

لحسن الحظّ لم أكن يوماً ممن يهوون التلفاز ولا ممن يتسمرون امام شاشته الملوّنة لمشاهدة فيلمٍ أو مسلسلٍ أو ما شابه من البرامج. وعدد البرامج التي استهوتني طيلة حياتي، قليلةٌ نسبياً حتى انها كانت بمعظمها علمية أو دينية أو سيرة ذاتية لاحدى الشخصيات التي شغلت مناصباً في احد المجالات. إلا أن لرمضان هذا العام حكاية مع التلفاز، وبخاصةً مع المسلسلات التي أتوق غيظاً لمعرفة ما علاقة هذا الشهر الفضيل بها!  

قبل الإفطار لا شيء يُذكر من المسلسلات أو البرامج بالطبع، فهو وقتٌ ميّت، الكلُّ مُنهمكٌ في التحضير لمائدة الإفطار أو لا يزال بالعمل، الا أن الشعب العربي إفتقد هذه السنة لبعض البرامج الهادفة مثل برامج أحمد الشقيري الذي سعى جاهداً لنقل التطور والإحترام وأجمل ما يكون من النظام والإنتظام في الغرب لعالمنا العربي، وكان برنامجه من البرامج الهادفة التي تُجلس الصائم فعلاً أمام الشاشة لأربعين دقيقة كحدٍّ أقصى، وفي كلِّ دقيقةٍ رسالةٌ وفائدةٌ وفي كثيرٍ من الأحيان حكمة!

وما إن يُرفع الأذان حتى تقع الفاجعة! صريخٌ وعويل يرافق قرقعة المعالق والسكاكين على المائدة! التفت ظنّاً أنه تقريرٌ إخباريّ عن تفجيرٍ لداعش ربما أو غارةٌ عدوانيةٌ على الأبرياء لأفاجأ بأن ممثلاً مصرياً يعتبر نفسه خفيف الظلّ استطاع أن يجلب إنتاجاً ضخماً لبرنامجٍ فاشلٍ، بهدف ارهاب الضيوف ومن ثمَّ التوسل اليهم ليصفحوا عنه ولتعرض الحلقات التافهة لإضحاك الصائمين بعدما يتقاضى الضيف مئات الاف الدولارات في بلادٍ ملؤها الجوع والفقر.

وفي حلقةٍ أولى لدراما لبنانية وفي أول ايام الشهر الفضيل إغتصابٌ لفتاةٍ وأمٍّ تعشقُ بعد زوجها، وأختُ الضحيّةِ تخونُ حبيبها مع خليل أمِّ المغتصب وكذا من الحبكة المتفلسفة المتخبطة التي لا تُمثل الا الدراما اللبنانية "التعبانة" إذا صحّ التعبير. كلمات عن الاغتصاب والجنس، مخدرات، كحول لا تعرف كيف تفسرها لأولادٍ ما زالت تلهو فرِحَةً بعد الإفطار أمام هذه العلبة السوداء.

يتبع الإغتصاب رصاص، سلاح، مخدرات، قتل وتهديد في مسلسلٍ استطاع أن يقوم بما لم تستطع جهود دولية القيام به. فقد وحّد الأمة العربية، ولمَّ شمل العائلات، لمجرد احتوائه على ممثلٍ يراه البعض جذاباً! لا عجب بذلك فلقد أمست التفاهة من شيّم شعوبنا ويا للأسف!

أما باب الحارة، فلا تعليق صراحةً، سذاجة وتفاهة بمخرجٍ أظنه قد أقسم على أن لا يختتم هذا المسلسل حتى انقلاب حزب البعث على الحكم ربما!

هيفاء تترك الخلاعة لترتدي الجلباب والحجاب، نجوم في عالم الفنّ يتسابقون لأداء شارات المسلسلات والكثير من العجب العُجاب تلك السنة! وكما لا يغيب ذكرهم عن الأخبار!، أبى تنظيم داعش الا أن يكون له مسلسلاً في هذا الشهر الفضيل. مسلسلٌ فيه الكثير من الدم والتفجير والحقد والشذوذ عن الإسلام وكل ما له من صفات هذا التنظيم فعلياً يعرض بعد منتصف الليل، عند السحور بمعنى آخر، ظناً بأن الأولاد والمراهقين قد خلدوا للنوم في شهرٍ ليله كنهاره لا يعرف المرء فيه نوماً وبخاصةً الشباب، يدخلنا الى عمق التنظيم ليُعْلِمَنَا بوحشيته الأشهر من أن تعرف مع القليل من البهارات والمبالغات. البعض رآها تشهيراً بطائفةٍ دون أخرى، جهاد نكاح، إغتصاب أطفال، ذبح، حرق وأشلاء في أضخم عمل إنتاجي لا تستطيع إخفائه عن الطفل والمشاهد فجميع القنوات تعرضه تقريباً.

خلاصة، ما أريد أن أصل اليه، أن رمضان شهرٌ للعبادات والتقرب من الله عزّ وجلّ، شهرٌ للإتعاظ والخير والعطاء. مفردات غابت عن جميع برامج الشهر الفضيل ليحل محلها كلّ منكرٍ حرمه الله وكل خلاعةٍ وفجور يجب على الانسان الطبيعي عدا عن المؤمن الابتعاد عنها لنَصِلَ في نهايةِ المطاف، بإن كانت مرَدَةُ الجنِّ تُصفد في هذا الشهر الكريم فربما صغار العفاريت والشياطين وجدت شاشةً ملوّنةَ تؤذينا منها!

جامعة بيروت العربية 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم