السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

مع الحديث عن الحسم العسكري... ماذا عن قدرات مسلحي الجرود وهل انتفت فرص التفاوض؟

المصدر: "النهار"
ابرهيم بيرم
مع الحديث عن الحسم العسكري... ماذا عن قدرات مسلحي الجرود وهل انتفت فرص التفاوض؟
مع الحديث عن الحسم العسكري... ماذا عن قدرات مسلحي الجرود وهل انتفت فرص التفاوض؟
A+ A-

يفضل عضو كتلة "الوفاء للمقاومة "النائب عن منطقة بعلبك – الهرمل العميد الوليد سكرية عدم الدخول في تحديد موعد زمني لبدء الهجوم المحتمل على المجموعات السورية المسلحة التي ما زالت تتمركز وتنتشر في جرود عرسال، لكنه يرى في حديث لـ "النهار" ان كفتي احتمال حصول الهجوم الذي كثر الحديث عنه في الآونة الاخيرة بغية طيّ صفحة الارهاب الذي استشرى خطره من اعوام وفعل فعله السلبي في الداخل اللبناني، او استكمال عملية التفاوض البعيدة من الاضواء والتي بدأت قبيل اشهر ستستكمل بغية دفعهم الى الانسحاب الى الداخل السوري، هما متعادلتان تماماً وفرصتهما واردتان بالمستوى نفسه حتى الآن. 

ويقول سكرية ان امر تحديد موعد حصول الهجوم المحتمل هو في يد القيادة الميدانية، لكن ثمة مؤشرين جليين يرجحان كفة هذا الاحتمال، الاول: ما ورد في الخطاب الاخير للأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، والذي اكد فيه بوضوح ان المسلحين في الجرود باتوا امام الفرصة الاخيرة التي تنتهي بعدها فترة السماح وفترة الكلام ويبدأ وقت الفعل، لأنه لا يمكن بعد اليوم التغاضي عن بقاء شرّ الارهاب المستطير كامناً بأي شكل.

الثاني ان الغارات السورية المكثفة والمتواصلة منذ اكثر من اسبوع على مواقع الارهابيين ومخازنهم في الجرود تدل بالعلم العسكري على أمرين: اما التمهيد للهجوم العسكري على الارض، او رفع مستوى الضغط على المسلحين بغية دفعهم الى اعادة النظر بخياراتهم.

وفي اعتقاد سكرية ان كلام نصرالله والغارات السورية يصبان في الهدفين معاً، اي رفع وتيرة الضغط لكي ينسحبوا او افهامهم بأن الفرصة لديهم قد ضاقت الى ابعد الحدود، وان الهجوم على مواقعهم لشطبهم من المعادلة نهائياً قد بات احتمالاً اكثر من جدي.

ورداً على سؤال، يشير العميد سكرية الى ان ليس هناك من تقدير ثابت ونهائي لأعداد هؤلاء الارهابيين، ولكنها تتراوح بين 800 الى 1300 عنصر يتوزعون بشكل اساسي على جبهة "النصرة" التي لها حصة الأسد وعلى تنظيم "داعش" وسرايا "اهل الشام" المحسوب على الجيش السوري الحر الى مجموعات اخرى.

ويعزو الضبابية التي تكتنف تقديرات اعداد الارهابيين الى جملة معطيات ابرزها:

- ان الاوضاع الصعبة التي يمر بها هؤلاء في الآونة الاخيرة ولا سيما بعد الحصار الخانق الذي احكم حلقاته حولهم اثر انقطاع سبل تواصلهم مع عمقهم الداعم في سوريا وحتى في لبنان، افضى الى القاء عشرات منهم السلاح والارتحال الى مناطق مختلفة، او الانسحاب تسللاً الى مناطق ما زالت تحت سيطرة المسلحين في الداخل السوري.

- ان جولات المواجهة المتتالية التي دارت بين تنظيمي "داعش" و"النصرة " من جهة وعمليات القصف والاغارة المتكررة للجيشين اللبناني والسوري والمقاومة على مواقع هؤلاء والمستمرة منذ اشهر عدة، ادت الى خسارتهم لعشرات العناصر، فضلاً عن نشر جو من الاحباط لديهم. وفي معلومات موثوقة، ان 92 عنصراً من المسلحين سقطوا في آخر جولات المواجهة، منهم 80 ينتمون الى "داعش" و12 الى "النصرة".

وبالاجمال، يؤكد سكرية ان هؤلاء المسلحين يعيشون الآن اسوأ اوضاعهم ومعنوياتهم في حال مريعة من الانهيار وهم يدركون انهم باتوا امام احتمالين لا ثالث لهما، إما مواجهة الهجوم الحتمي الذي سيشّن عليهم وخسارتهم كل شيء، او الدخول في مفاوضات جدية مع الدولة ومع المقاومة ومع السلطات السورية المعنية لتأمين استسلامهم وانسحابهم وابعاد خطرهم نهائياً. ويلفت الى ان عملية اعادة النازحين من جرود عرسال التي انجزت على مرحلتين زادت بلا شك من صعوبة وضعهم.

ويشير الى ان المفاوضات التي فتحت ابوابها اخيراً بين المقاومة من جهة وجهات من المسلحين (ينتمون الى سرايا اهل الشام) احرزت تقدماً، لكن الذي عرقل مسارها هو القائد الميداني للنصرة المعروف بـ"أبو مالك التلي" الذي يدافع عن مملكته الحالية. فهو يدرك تماماً انه لو انتقل الى ادلب كما عرض عليه، سيخسر كل مكاسبه وامتيازاته. ونذكر في هذا الاطار انه ربح من عملية اطلاق راهبات معلولا 16 مليون دولار توزعت عبره على جهات في سوريا ولبنان وهو بالطبع لن يجد كل ذلك لو رحل الى ادلب. لذا، فهو ما زال يكابر ويعاند، ولكن لن يطول الوقت الذي سيجد نفسه فيه إما قتيلاً او اسيراً او رافعاً راية الاستسلام.

وفي موازاة الصورة الميدانية التي يرسم العميد سكرية خطوطها العريضة، فان تقديرات المكلفين متابعة مسار الوضع العسكري في جرود السلسلة الشرقية بشقيه اللبناني، اي جرود عرسال او السوري اي القلمون الغربي، تنبىء بأن العملية العسكرية الموعودة لانهاء ظاهرة مسلحي الجرود، لن تكون بدايتها في الموعد المرتقب بل ستكون هي نقطة النهاية لمسار تصاعدي بدأ عملياً منذ نحو عشرة اشهر وضع خلالها المسلحون تحت وطاة ضغط ثلاثي الجهات:

1- ضغط لبناني عسكري تجلى في انجازات ميدانية مشهودة، منها مثلاً تصفية عشرات الرموز الارهابية المحترفة والملطخة أيديها بأعمال ارهابية اما قتلاً او اعتقالاً، وأفضت ايضاً الى تفكيك عشرات الخلايا والشبكات العنقودية، وقد نجح الجيش اللبناني في ان يكتنز قاعدة بيانات معلوماتية واستخبارية كبيرة حول هؤلاء، وهي عينها القاعدة التي مكّنت الجيش الذي باغته الارهاب وسجل عليه خسارة مدوية في آب 2014، من ان ينفذ عمليتيه الناجحتين الأخيرتين، اي عملية دهم مخيمي النور والقارية والهجوم على احد المواقع السرية للارهاب في جرود عرسال.

2- غارات الطيران السوري وعمليات القصف والاستهداف البري التي نفذها هذا الجيش والتي تلت عملية احكام الحصار حول مواقع ما تبقى من الارهابيين وقطع طرق الامداد عنهم.

3- العمليات التي نفذتها وحدات المقاومة والتي ادت الى تضييق مساحة انتشارهم وقطع خطوط الامداد عنهم من جهتي سوريا ولبنان.

وبناء عليه، يبدو جلياً ان الهجوم على المسلحين تمّ بالتقسيط وعلى مراحل، وبالتالي سيضع الهجوم المحتمل في ما لو نفذ، نقطة النهاية لخطر الارهاب على الحدود الشرقية اللبنانية.


الى ذلك، فان هذه الجهات تشير الى ان المناخ الحالي عموماً هو مناخ التخلص من الارهاب المسلح نهائياً، من العراق الى سوريا، وبالتالي فان التقديرات الحالية تؤكد ان هذا الارهاب لن يجد من يؤمّن له الحماية او يدافع عنه إذ بدأ الهجوم على جرود عرسال، ولذلك شواهد لم يمر عليها الزمن.

ولا يخفي هؤلاء ان مخابرات الجيش وجهاز امن المقاومة يملكان ملفات تفصيلية دقيقة عن الغالبية الساحقة لقيادات المسلحين وكوادرهم وعناصرهم، خصوصاً ان ثمة قسماً منهم لا يزال في الميدان منذ خمسة اعوام، فهو قاتل في القصير ثم في مواجهات القلمون ( يبرود وقارة ..) ثم في معارك ريف حمص واشتباكات عرسال والجرود، وبحسب التقديرات عينها يبلغ عددهم ما بين 60 الى 80 لبنانياً من بلدات شتى.

باختصار، يمكن الاستنتاج بأن المعركة مع الارهابيين وقرار انهاء وضعهم اتخذ منذ فترة، وكان عبارة عن مراحل تراوحت بين ضغوط سياسية وحرب وحملات معنوية ونفسية عليهم من جهة وضغوط ميدانية متدحرجة من جهة اخرى، علماً ان الهدف المنشود في خاتمة المطاف واحد. وفي ذلك عامل ايجابي يضعه المعنيون في حساباتهم، وهو ان البيئات الحاضنة لهؤلاء في داخل عرسال قد توارت وتلاشت تدريجاً وغاب رموزها الذين اخذوا مجدهم في السابق وتحوّلوا الى نجوم في الاعلام، عن الواجهة تماماً.




[email protected]














الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم