الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

بدء ورشة أمركة "قناة الحرة" مئة في المئة... هل تنجح؟

المصدر: "النهار"
فرج عبجي
فرج عبجي
بدء ورشة أمركة "قناة الحرة" مئة في المئة... هل تنجح؟
بدء ورشة أمركة "قناة الحرة" مئة في المئة... هل تنجح؟
A+ A-

عندما نسأل اشخاصاً عملوا في شبكة قنوات تلفزيون الحرة و راديو سوا فأننا دائما ما نحصل على اجابات متشابهة، يتعلق اغلبها بأسلوب الادارة الرديء في التعامل مع الموظفين او غياب المهنية والاحتراف عن اروقة الشبكة الاميركية الناطقة باللغة والعربية والتي تأسست في العام ٢٠٠٤ بتمويل سنوي يبلغ نحو ١١٠ ملايين دولار. 

‎كواليس ما يحدث داخل الشبكة تؤكد ان المحطة تدار مثل دولة من دول العالم الثالث، فالقيم الاميركية مغيبة كليا عن بيئة العمل، حيث الغموض وغياب الشفافية وانعدام الثقة بين الموظفين وسيطرة بعض الاجنحة التي يغلب عليها توجه طائفي وثقافي معين، ناهيك عن المحسوبيات والمحاباة المستندة الى علاقات شخصية ومصالح متبادلة. 

‎المحطة التي تراجع حضورها سريعا بعد انطلاقتها مباشرة لم يعد لها وجود على خدمة (الكيبل) في بلدان عربية يفترض ان القناة موجودة فيها ولها مكاتب ومراسلون وعاملون على اراضيها. فمن يتابع قناة الحرة؟

‎في مقابلة تلفزيونية، عمرها اربعة اعوام مع براين كونيف المدير المعزول حديثا عن شبكة الشرق الاوسط التي تدير قنوات الحرة وراديو سوا، يدّعي كونيف ان الشبكة تستقطب نحو ٣٥ مليون متابع اسبوعيا من اصل ٣٠٠ مليون عربي يفترض ان الشبكة توجه اليهم خطابها الاعلامي، لكن الارقام والاحصاءات التي حصلنا عليها من شركة ايبسوس تشير الى ان النسبة لا تتعدى الـ 0.1 ولا تعكس هذه النتيجة الهزيلة سوى الهدر الكبير الذي رافق مسيرة المحطة منذ ولادتها. 



‎قد يكون من المنطقي ان تطلق واشنطن في العام ٢٠٠٤ قناة تلفزيونية ناطقة باللغة العربية وموجهة للجمهور العراقي، حيث كان يتواجد في العراق حينها اكثر من ١٥٠ الف عسكري اميركي .

  لم يكن يومها في العراق مؤسسات وطنية او اعلامية محترفة، فكان وجود قناة الحرة - عراق ضروريا لترويج الخطاب السياسي والاعلامي المعتدل، ومواكبة مراحل تأسيس الدولة الجديدة بكل تحدياتها، وساهمت الحرة وقتها في بث الثقافة الديموقراطية ومفاهيم التداول السلمي وحق الانتخاب واهميته الوطنية في صناعة المستقبل، وكان كل ذلك منطقيا ومفهموما يومها.

ولكن بعد اكثر من ١٣ عاماً على الانطلاق و نحو ٦ اعوام على انسحاب الجيش الاميركي من العراق وفي ظل وجود دولة عراقية ومؤسسات اعلامية عراقية، لماذا الحرة- عراق مازالت موجودة؟ وما الهدف من وجودها اذا كانت لا تستطيع اساسا ان تعمل او تنقل خبرا بالحد الادنى من الحرية الاعلامية وفي ظل حالة التسيّب وغياب سلطة القانون وسيطرة الميليشيات المسلحة على كافة مناحي الحياة في العراق. اين ادارة شبكة الشرق الاوسط وادارة قنوات الحرة من هذا الهدر الموصوف في الامكانيات المادية والبشرية الهائلة دون طائل او نتيجة؟

الحرة اميركية مجددا

‎اليوم وبعد وصول الرئيس ترامب الى سدة الرئاسة الاميركية، انطلقت ورشة اعادة "الحرة" الى الحاضنة الاميركية لتصبح "اميركية مئة في المئة". واختارت الادارة الاميركية السفير السابق البرتو فيرناندز لهذه المهمة الصعبة والانقاذية بسبب الاهمال الذي كان سائدا. ولم يكن هذا الخيار انتقاميا او عبثيا انما استند الى حقائق تساعد الادارة في العودة الى عقل متابعيها في الشرق الاوسط لتنشر قيمها الاميركية. وقال المدير الجديد فيرناندز في احدى مقالاته التي نشرها مؤخرا ان "الاعلام سلاح مهم وله تأثير كبير، لكن للاسف لم تستخدم قناة الحرة كوسيلة تواصل مناسبة وكانت مشكلة الحرة انها لا تشبه اميركا بما فيه الكفاية و كانت تحلق خارج السرب الاميركي، اليوم ستعود اميركية مئة في المئة لتنقل الرؤية والنظرة الاميركية الحقيقة الى العالم وتحديدا الى الشرق الاوسط ". 

‎مهمة اساسية

‎وعلى عاتق فرناندز الذي يتقن العربية ويعلم جيدا الواقع العربي وهو خبير محنك بقضايا الشرق الاوسط، مهمة اساسية اضافة الى الاهداف السياسية، وهي اعادة ثقة المشاهدين بالقناة واعادة بناء بيئة عمل صحية داخل المحطة وذلك لأن معظم الموظفين في مكاتب تلفزيون الحرة وراديو سوا الرئيسية في فيرجينا طالما يشتكون من انهم يعيشون في بيئة عمل غير صديقة تنتشر فيها الشللية وتتوزع الولاءات الحزبية والطائفية على نحو يفقدهم روحية الفريق الواحد ويؤثر على عطائهم وتفاعلهم في العمل. وينقسم الموظفون بين مجموعات مختلفة، لبنانية وعراقية وسورية، وبين المقربين للادارة ورؤساء الاقسام، وفريق اخر يفضل البقاء في الظل بعيدا عن المشاكل. معظم الموظفين جرى استقدامهم بعقود من خارج الولايات المتحدة وهم ينتظرون الحصول على الاقامة الدائمة (الغرين كارد) او الجنسية الاميركية.


‎رهان كبير أطلقته الادارة الاميركية الجديدة ممثلة بالسفير فرناندز، فهل ينجح في امركة "قناة الحرة" مئة في المئة؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم