الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

عن شائعات تنهش يومياتنا وأعصابنا\r\n

المصدر: "النهار"
علي منتش
A+ A-

تفجيران في طرابلس. وقبلهما، تفجير في الرويس. لم يعد الأمر مجرد شائعة. الشائعة أصبحت حقيقة. وهذه الحقيقة غذت ظاهرة الشائعات المتنقلة التي باتت تنهش يوميات اللبنانيين وأعصابهم. ظاهرة تستفيد من سرعة تداول الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع الاخبارية وخدمات الاخبار العاجلة عبر الهواتف النقالة.


وبالتأكيد، ليست الشائعة وليدة صدفة، بل هي تتغذى من الواقع، من الاحداث، من تصريحات المسؤولين، من خيال تحكمه الهواجس، ومن عقول امنية مخططة ايضا.


ولو احصينا اخبار الاشتباه بسيارات مفخخة في الاسبوع الماضي، لتبيّنا ان ما تداوله الناس من اخبار او شائعات متصلة، فاق الاخبار الصحيحة عن سيارات اشتبه فيها فعلاً وظهر انها لم تكن مفخخة بعد كشف الامنيين عليها. وفي السياق، كان للاخبار الغير صحيحة المتداولة اثر مباشر على الحياة اليومية للناس الذين قنن كثيرون منهم تحركاتهم وآثروا التزام المنازل.


الاشرفية


اغتيال اللواء وسام الحسن تم في الاشرفية. لم تنس المنطقة جرحها بعد، لتنتقل اليها هواجس التفجير مرة اخرى. ومن قال ان هناك منطقة آمنة بعد في بلد ثمة من قرر نقل الفتن اليه؟. سؤال مبني على تحليل سياسي معطوف على تصريح لسياسي من الاشرفية عن احتمال استهدافها، لا بد انهما يمثلان بيئة خصبة للشائعة التي تنمي الخوف. هكذا امكن في الاسبوع الماضي رصد تراجع وتيرة الحركة في الشارع والمجمعات التجارية في هذه المنطقة.


الضاحية


بين خبر يشير الى اكتشاف عناصر أمن "حزب الله" سيارة مفخخة قرب مطعم في حارة حريك، وآخر يفيد بتطويق الجيش شارع في الشياح بعد الاشتباه بسيارة، اختار
كثيرون ملازمة المنازل. فلا شيء يؤكد كذب الاخبار المتداولة من صحتها، لا شيء يؤكد ان ما يتناقله الناس شائعة وليس حقيقة، لذا وجب الحذر واصبح الخوف دليل يقظة وليس من الجبن في شيء، فكثيرون ممن يخرجون الى الشارع في الضاحية باتوا يتعاطون معه كورقة يانصيب.


عرسال


ومن قال ان الشائعة الامنية مقتصرة على طرابلس والضاحية ومرتبطة حصراً بتفجير سيارات مفخخة؟ في عرسال، وبعيداً عما يحدث من عمليات خطف مستمرة، تعصف بالبلدة شائعات لا تهدأ. البعض يتحدث عن معلومات تشير الى استعداد الجيش السوري لمعركة في الجرود المتاخمة، وآخرون يتحدثون عن نية "حزب الله" في الهجوم على البلدة بعد انفجار الضاحية واتهام مواطنين من عرسال بالتورط اعمال امنية ضد الحزب.


صيدا


في صيدا، لا يستطيع أهالي حيّ التعمير اخلاء منازلهم، رغم رغبة بعضهم بالأمر، ممن يشعرون بالقلق الدائم حيال ما يخفيه المستقبل. وهم يتناقلون اخبارا عن معركة قادمة في التعمير، وان المسألة مرتبطة بالتوقيت ليس اكثر. هم قلقون، يخافون على اولادهم، على ارواحهم، وعلى منازلهم لكن ليس باليد حيلة. هل خوفهم مبرر؟ الاكيد انه يصعب التصدي للشائعات.


وسط بيروت؟


الخوف اصبح متنقلاً على جناحي حقيقة وشائعة. يقفز من حيّ الى آخر، ومن منطقة الى اخرى، الى حيث يريد مطلق الشائعة، فلنجرّب الامر: "الاشتباه بسيارة مفخخة وسط بيروت"، اليس كافيا ان نضع هذا الخبر على احدى صفحات التواصل الاجتماعي، حتى يفرغ وسط بيروت بعد دقائق من المارة والسيارات؟ ما يصعب الامر ان حداً فاصلاً غامضاً بات يفصل بين الشائعة والحقيقة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم