الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ما أبعاد الضربة التي استهدفت إيران... وما طبيعة الردّ؟

المصدر: "النهار"
ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
ما أبعاد الضربة التي استهدفت إيران... وما طبيعة الردّ؟
ما أبعاد الضربة التي استهدفت إيران... وما طبيعة الردّ؟
A+ A-

لم يعد بمقدور ايران بعد اليوم ان"تفاخر" كما دأبت بأنها البلد الوحيد في المنطقة الذي عجزت يد الارهاب الفالت من عقاله والضارب في اربع رياح الارض عن التسلل اليه وانتقاء اهداف موجعة فيه ومن ثم ضربها. فهذه اليد ضربت ضربتها في عمق طهران وهزت استقرارها ووضعت هذا اللاعب الاقليمي الطامع وصاحب الاحلام الامبراطورية امام تحديات اكبر، وفرضت عليه مقاربة جديدة للتطورات وقراءة مختلفة لما بعد.


كيف ستردّ ايران وأين، خصوصا بعدما سارعت الى توجيه اصابع الاتهام محددة المسؤول عن هذا الخرق، وبادر الذراع الاقوى والاشرس للنظام الايراني الى التعهد بالرد وانه لن يظل صامتا ومكتوفا؟

في بيروت ثمة اكثر من صوت يرى ان طهران ستفرض امرا واقعا جديدا في الاقليم سيخلط الاوراق ويسقط معادلات، وانها سترفع وتيرة الصراع بما يفضي الى تغيير قواعد اللعبة. في المقابل ثمة اصوات اخرى تميل الى الاستنتاج بان طهران الغارقة في عمق الصراعات الاقليمية كانت تتوقع مثل هذه الضربة وهي لن تجعلها تجزع او تتراخى، وتعرف كيف تمتص الضربات وتنتقي لحظة الرد المناسب. الضربة في طهران "جرس انذار" يصدح برسالة اكيدة فحواها ان الاطراف الشركاء في الصراع الضاري منذ اعوام ليسوا في وارد التراجع او التهدئة والبحث عن تسويات، وان ثمة انماطا اخرى من الصراع ستظهر لاحقا. لكن الامر الذي يوشك ان يكون يقينيا في العاصمة اللبنانية هو ان الاستقرار في لبنان حاجة للجميع في الداخل وعلى مستوى الرعاة الاقليميين، لذا فان مسار الوضع السياسي في بيروت بعد الضربة في طهران سيكون كما قبلها لان احدا لا يملك "ترف" التفكير بتغيير القواعد او الخروج عن التسوية التي بدأت مع انتخاب رئيس للجمهورية.


يقر الباحث في القضايا الايرانية الدكتور طلال عتريسي في اتصال مع "النهار" بان ما حدث اخيرا في طهران هو "خرق امني، وهو خرق معنوي اكثر مما هو استراتيجي لاعتبارات عدة، منها ان ايران كانت لا تخفي انها نجحت خلال الاعوام الماضية في الحفاظ على استقرارها، وانها نجحت أيضاً في إبعاد سيف الارهاب المتوحش عن رأسها فيما المنطقة كلها تتعرض يوميا لضرباته. فضلاً عن ذلك، فقد سبق لايران ان تلقت تهديدات صريحة بان كرة اللهب ستنتقل اليها قريبا. ومع ذلك اشدد على انه خرق معنوي لان الارهاب استهدف اماكن مفتوحة امام كل الناس، سواء في مقام الامام الخميني ام في مبنى الادارة في مجلس الشورى".

ويضيف: "هذا الخرق سيرفع وتيرة التوتر السائد ويجعلنا نتوقع موجات اعلى من العنف لان رعاة الارهاب ومشغليه مصممون على المضي قدما في نهجهم التدميري التخريبي بعدما اوصدوا ابوابهم تماما امام فرص الحوار والتسويات ووضع حد للعنف. وزاد في الامر ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب يأتي الى البيت الابيض بعقلية الرأسمالي الجشع ويقارب الامور بعقلية المتهور البلا ضوابط، فضلا عن انه يمارس سياسة الهروب الى الامام من ازماته في الداخل الاميركي" .


وبالاجمال، يقول عتريسي "ان الخرق في ايران خلط الاوراق وربما يؤدي الى تغيير قواعد اللعبة، خصوصا بعد التطورات التي سبقته مباشرة بدءا من قمة الرياض مرورا بمحاولات "خنق" قطر والقرار التركي الاخير بتشريع الوجود العسكري في قطر".

وعن كيفية الرد الايراني، يعتقد ان طهران "ستغير ولا ريب من قواعد التعاطي السابقة مع التطورات، ولكن لا يمكننا ان نخمّن ونستشرف طبيعة الرد الايراني، وكل ما نعرفه هو ان ايران قادرة على ضبط اعصابها وعدم الانجرار الى مربع الانفعال، اي المربع الذي يريده خصومها واعداؤها، فهي اعتادت امتصاص الضربات والرد الهادىء. والذي نعرفه ايضا ان طهران لن ترد على غرار نوعية الضربة التي تلقتها، فهي من مدرسة تفكير اخرى ولا تملك الادوات الارهابية نفسها. ليس هو التحدي الاول الذي يواجه ايران في مرحلة ما بعد الثورة الاسلامية، ولكن الاكيد انه تحد ينطوي على رسائل من الخصوم وساحات الرد متوافرة بكثرة امام طهران".

وعن تأثير ما حصل في طهران على مسار الوضع في لبنان، بدا عتريسي مطمئنا الى ان من مصلحة الجميع في لبنان الحفاظ على الاستقرار والانجازات التي تحققت اخيرا.


من جهته، يذهب استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية النائب فريد الياس الخازن في حديث الى "النهار" الى اتجاه مغاير عندما يرى ان الضربة في طهران "كانت متوقعة والارهاب اقدم عليها لحظة رأى الفرصة الخرق مناسبة عسكريا، او انه وجد اللحظة السياسية مؤاتية. واذا كان الارهاب قد ضرب في دول كانت تعد صديقة ولم يترك بلدا بعيدا او قريبا من شره، فمن باب اولى انه لن يترك دولة يصنّفها عدوا مباشرا له يتواجه معه منذ اعوام بشراسة وبلا هوادة في ساحات وميادين عدة هي ايران، فضلا عن ان الارهاب، ولاسيما تنظيم "داعش"، يرى انه صار في وضع صعب ومرحلة مصيرية".

لذا يضيف الخازن "ان ما حدث في العاصمة الايرانية اخيرا ليس بالضرورة مرتبطا بحدث او تطور سياسي معين طرأ اخيرا وفق ما يقال".


وعن الرد الايراني المحتمل مكانا وزمانا يقول: "الايرانيون جزء من لعبة الصراع الضاري والحروب المفتوحة على مصاريعها في المنطقة، والاكيد ان طهران سترفع وتيرة مواجهتها لهذا الارهاب بعد الحدث الاخير وبعدما اتخذت الحرب على "داعش" صورة التوافق الدولي عليها".


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم