الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

عشاق يتحايلون على "داعش" في الرقة ليلتقوا... وطلاب يتعلمون سرا في البيت

المصدر: أ ف ب
عشاق يتحايلون على "داعش" في الرقة ليلتقوا... وطلاب يتعلمون سرا في البيت
عشاق يتحايلون على "داعش" في الرقة ليلتقوا... وطلاب يتعلمون سرا في البيت
A+ A-

خلال نحو 3 سنوات من حكم تنظيم "الدولة_الاسلامية"، عانى سكان مدينة #الرقة قواعد صارمة واعتداءات وحشية منعتهم من ممارسة حياتهم الطبيعية. فبات التعليم خلف الابواب الموصدة وعلاقات الحب سرية وبعيدة عن أعين الجهاديين.


وقع سامي (24 عاما) وريما (22 عاما) ضحية الاحكام المتشددة للتنظيم، وبات عليهما الاكتفاء بالرسائل المكتوبة او تبادل النظرات سريعاً من بعيد. منذ سيطرة التنظيم على الرقة العام 2014، بات التواصل مع السكان مهمة صعبة في منطقة محظورة على الصحافيين. وتمكنت وكالة "فرانس برس" من التواصل مع مواطنين فضلوا استخدام أسماء مستعارة، عبر حملة "الرقة تذبح بصمت" التي تنشط سرا في المدينة منذ نيسان 2014، وتوثق انتهاكات وممارسات التنظيم.  


يتذكر سامي كيف بدأت معاناته مع ريما التي تعرف اليها، وأحبّها العام 2011. يقول: "كنا نلتقي ونتحدث في الشارع ونجلس معا" في مكان عام. لكن كل شيء تغير، "وبتنا نخاف من دوريات الدولة (الاسلامية)، وقبلها جبهة النصرة".   


كانت "جبهة النصرة" سيطرت على المدينة مع فصائل معارضة العام 2013، قبل ان تنتقل السيطرة الى تنظيم "الدولة الاسلامية" إثر معارك عنيفة. ويضيف سامي: "لم يبق شيء لم نقم به. كنا نكتب رسائل ونرسلها عن طريق الفتيان الصغار".   


ثم وجد سامي وريما خطة أخرى ايضا، فكان ينزل قبلها، على سبيل المثال، الى مقهى إنترنت، ويبعث لها رسائل الكترونية. وبعد يومين تزور هي أيضا أحد مقاهي الانترنت لتتمكن من فتح بريدها الالكتروني، وتلقي الرسائل على هاتفها.  


يقتصر وجود الانترنت في الرقة على مقاه معدودة، بعدما قطع تنظيم "الدولة الاسلامية" خدمة الانترنت عن المنازل والمحال منذ فترة طويلة. ويروي سامي خططا أخرى لجأ اليها وحبيبته. "تخبرني مثلا انها ستخرج من المنزل في وقت محدد. فنتفق على ان نلتقي في أحد المتاجر. تدخل هي لشراء بعض الاغراض، من دون ان ترفع حتى الغطاء عن وجهها، وآتي انا ونتكلم قليلا، قبل ان يدخل علينا "داعشي" يخرب كل شيء".  


إحدى المرات، كان حظهما سيئاً جدا. خرجت ميرا من منزلها، وأتى سامي بدوره ليراها من بعيد. لكن عناصر التنظيم أوقفوا ريما بحجة "ان لباسها غير نظامي"، ولم يكن باستطاعة سامي حتى الدفاع عن حبيبته.  


يقول: "غضبت، ولم أتجرأ على الكلام. أردت ان تنشق الارض وتبتلعني... نزلت دموعي، وكانت تؤشر لي ميرا بيديها ألا اقترب منهم. تمنيت الموت وقتها".  


أراد سامي الذي يعمل حاليا في احد محال البقالة، بعدما كان طالباً جامعياً، ان يتزوج ريما ويتخلص من هذا العذاب. لكن شرط عائلتها كان مغادرة الرقة، وهو ما لم يتمكن بعد من القيام به.  

دروس سرية في البيت


منذ بدء سيطرة تنظيم "الدولة الاسلامية" على الرقة، يعيش سكانها في خوف دائم من الاحكام المتشددة للجهاديين. ويغذي هؤلاء الشعور بالرعب في مناطق سيطرتهمن من خلال اعدامات وحشية وعقوبات من قطع الاطراف والجلد وغيرها، والتي يطبقونها على كل من يخالف احكامهم او يعارضها.  

 وفرض التنظيم قواعد صارمة، اذ يمنع الرجال من ارتداء سراويل قصيرة، ويفرض على النساء تغطية وجوههنّ بالبراقع. كذلك، ألغى الجهاديون الدراسة بالمنهج الحكومي، فمنع تعليم مواد الفيزياء والكيمياء، واقتصرت مدارسه على تدريس الشريعة. وتركز حصص الحساب على الرصاص والقنابل والسلاح.  


ويوضح احد الاساتذة السابقين في الرقة، رافضا الكشف عن اسمه: "بات درس الرياضيات عبارة عن عمليات حسابية لتعداد البنادق والمسدسات والقنابل والسيارات المفخخة". ويروي: "هناك مادة يطلق عليها العقيدة تشرح العمليات الانتحارية وطرقها ونتائجها من رضا الله والحوريات في الجنة".  


يرفض كثيرون من اهالي الرقة ارسال ابنائهم الى مدارس تنظيم "الدولة الاسلامية"، لحمايتهم من الافكار المتطرفة والوعود بالجهاد. من هنا بدأ "التعليم بالسر" في المنازل وخلف الابواب المغلقة. 

ويقول الاستاذ ان التنظيم استبدل المدارس بأخرى "يتم فيها تدريس مناهج تحول الطفل متطرفا، وتعزز التكفير والقتال والسلاح في ذهنه، وتجعل منه قنبلة موقوتة". ويضيف: "من هنا بدأت فكرة الدروس الخصوصية في المنازل في شكل سري"، مشيرا الى ان التنظيم الجهادي فرض على الاساتذة تلقي دورة شرعية.


في الدروس السرية، تتواصل كل عائلة مع معلمين تثق بهم، من أقارب او اصدقاء، لتجنب الشبهات. يزور الاستاذ التلميذ في منزله ليدرسه الرياضيات والعلوم الطبيعية والعربية والانكليزية ومواد المنهج السوري الاساسي.  


ويوضح الاستاذ: "نحاول تجنب تدريس اكثر من طالب في الوقت نفسه. فمن الصعب جمع عدد من الطلاب في مكان واحد، خشية ان يصل الخبر الى داعش". ويتابع: "المدرسون الذين يقومون بهذا العمل يعيشون في حالة خوف. لكن عليهم واجب تجاه المجتمع، وحق الاطفال في ان يتلقوا تعليما خاليا من العنف".  


واتفق حليم مع احد أقاربه على تدريس طفليه البالغين 7 و9 اعوام. ويقول: "من المرعب بالنسبة الينا ان يصبح اطفالنا دواعش بالفكر، ويتحدثون بالتكفير والسبايا والحوريات"، معتبرا ان "هذا امر يدمر جيلا باكمله".  


وتخوض قوات سوريا الديموقراطية (تحالف فصائل عربية وكردية) منذ نحو 7 اشهر حملة عسكرية واسعة لطرد تنظيم "الدولة الاسلامية" من الرقة. ويقول حليم: "لا نعلم من سيسيطر على مدينتنا. لكن خلاصنا من "داعش" هو اول اهتماماتنا".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم