السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

كانّ 70- "وندرستراك" لتود هاينز: تمرين أسلوبي يطمح ولا يصل

المصدر: "النهار"
كانّ 70- "وندرستراك" لتود هاينز: تمرين أسلوبي يطمح ولا يصل
كانّ 70- "وندرستراك" لتود هاينز: تمرين أسلوبي يطمح ولا يصل
A+ A-

"وندرستراك"، للأميركي تود هاينز المعروض في المسابقة الرسمية، وصل الى كانّ (١٧-٢٨ الجاري) محملاً بتوقعات كبيرة، وذلك أكثر من أي عمل سابق لهذا المخرج. ففيلمه الأخير، "كارول"، كان أحد نجوم دورة العام ٢٠١٥، يروي الانجذاب "الممنوع" بين امرأتين في أميركا الخمسينات. هذا فضلاً عن أنّ هاينز نفسه، المثلي عاشق دوغلاس سرك، يزداد أهمية ليس فقط في دائرة السينيفيليين المغلقة، إنما على امتداد الكوكب السينمائي. لكنّ القول إنّ مشاهدة "حدوتته" الجديدة هي متعة، فهذا ينطوي على الكثير من المبالغة. "وندرستراك"، عمل ذهني لا يبلغ القلب، ربما لفرط الـ"سنتيمانتالية" التي فيه. إنه من هذه الأفلام التي تتطلب جهداً كبيراً لئلا يضيع ما يعوق فهم المشاهد له. الإيقاع متهافت والمَشاهد مقطّعة والخطاب معلّق. يتعامل هاينز مع السيناريست براين سلزنيك الذي يقتبس هنا رواية أطفال كتبها (كما فعل سابقاً مع "هوغو" لسكورسيزي)، والنتيجة إشكالية على غير صعيد، بصري وكتابي ومونتاجي، لتطال هذه الإشكالية الفيلم برمّته، لا بل كلّ ما يبرر وجوده. يرتكز هاينز هنا على تمرين أسلوبي ووجودي، ففي جزء كبير من الفيلم ينصاع إلى تقنية المونتاج الموازي، قافزاً من حقبة إلى أخرى بتحكّم شديد. حقبة العشرينات التي تتجسّد بطبيعة الحال بالأسود والأبيض وحقبة السبعينات. ولكلّ حقبة صبيُّها، فنحن إزاء صبيّان يتشاركان "عيباً" واحداً: الصم. بالتأكيد هذا كله سرعان ما يقع في الإبهار والإبهار والمزيد من الإبهار، فيما ينتظر أحدنا لحظة الذروة التي لن تأتي إلا متأخرة جداً. في #السينما، كما في الفنون جميعها، ثمة فارق شاسع بين الطموح والنتيجة. والنتيجة التي يخلص إليها هاينز هي سلسلة من المتتاليات البصرية التي لا تحمل أيّ روح. قد يكون الحديث عن روح في إطار مقاربة نقدية نوعاً من كليشيه، إلا أنّه يصعب صرف النظر عن هذا العيب، خصوصاً أنّ اللقاء بين هاينز وسلزنيك لا يولد أيّ شرارة، فيمضي الفيلم نحو تأمل باهت حول ظروف بعض الأطفال، ولكن بلا أرضية صلبة. ولكن، مهلاً، ليس "وندرستراك" بالفيلم السيئ أو الناقص، بل على عكس ذلك. إنّه فيلم محمّل بالكثير من التيمات، من البحث عن الهوية إلى التواصل بين البشر فالحداد والبراءة، هذا كله لا يتأخر عنده الفيلم إنّما يمرّ عليه مروراً. تبقى إطلالة جوليان مور (ممثلة هاينز الوفية) التي، وإن غير قادرة على إنقاذ الفيلم كلياً، فهي تمدّه بطاقة عجيبة وتسدّ فراغات كثيرة وتجيب على تساؤلات الصبي بن الباحث عن ذاته وسط خراب الوجود. في الختام، هذا فيلم لا تنقصه الغرابة، لغته السينمائية تعتمد على البصريات والإشارات وأنماط السرد الطموحة. ندرك موهبة هاينز في إشاعة مناخات جميلة، ولكن نشعر أيضاً أنّ الميلودراما هذه ليست امتداداً منطقياً لأعماله، إذ أنّه لا يرتقي بموضوعه كما سبق أن ارتقى بكل ما لمسه، وتالياً كان من الممكن لأي حرفي آخر إتمام ما أتممه. 

تود هاينز في "النهار"

"لستُ مستقلاً فقط لأنني امتنعتُ عن العمل مع الاستوديوات الكبيرة. الاستقلالية حساسية فنية أكثر منها انتماء. عليَّ القبول بفكرة أنّ أفلامي مختلفة في الشكل، وتكاد تلامس التجريب. أدين بهذا الاختلاف لعنصرين: الممثلون الذين يأتون اليّ بشرعية اكتسبوها في شبّاك التذاكر، والمنتجة التي رافقتني طوال هذه السنوات، وهي دائماً حاربت من أجلي". (روما - تشرين الأول ٢٠١٥).

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم