السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

المملكة تقطف ثمار رؤية الامير محمد بن سلمان

المصدر: "النهار"
موريس متى
المملكة تقطف ثمار رؤية الامير محمد بن سلمان
المملكة تقطف ثمار رؤية الامير محمد بن سلمان
A+ A-

بدأت المملكة العربية السعودية تقطف ثمار خطاطتها المالية والاقتصادية التي وضعتها في الاشهر الماضية لناحية كبح العجز في الموازنة ووضع حد لتنامي الدين العام، بعد أن دفعت المملكة في السنوات الاخيرة ثمن تراجع اسعار النفط عالميا. فالاثار الإيجابية لخطة الإصلاح الاقتصادي "رؤية 2030" التي أشرف على وضعها ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان بدأت تؤتي ثمارها وتنعكس إيجايبا على الاقتصاد الذي تسعى المملكة الى تنويع إيراداته بعيدا عن النفط. فهذا الاقتصاد شهد في العام 2016 أحد أصعب الفترات منذ عقود مع تباطؤ النمو ومحاولة الحكومة خفض العجز الذي بلغ مستوى قياسيا قارب 98 مليار دولار نهاية العام 2015. 

ولمواجهة هذه الازمة، إتخذت السعودية سلسلة إجراءات إصلاحية هيكلية وتقشفية إعتبرت قاسية الى حد ما لوضع حد للتدهور المالي، ما سمح لها بتحقيق تقدم أفضل من المتوقع في ضبط المالية العامة ليصل عجز الموازنة في الربع الأول من العام الجاري إلى ما يقارب 6.9 مليارات دولار بالمقارنة مع توقعات سابقة كانت تشير الى عجز قد يقارب 15 مليارات دولار، دون اللجوء الى احتياطيات المملكة لتمويل هذا العجز، في الوقت الذي وعد فيه ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان أن لا يتعدى الدين العام للمملكة 30% من الناتج المحلي خلال 2017 و2018.

خرج وزير المال السعودي محمد الجدعان ليؤكد ان العجز المالي تراجع 71% في الربع الأول من السنة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الفائت ووصل الى ما يقارب 6.93 مليار دولار كما زادت الايرادات 72% على أساس سنوي إلى ما يقارب 38.4 مليار دولار. والملفت ان الإيرادات غير النفطية للربع الأول قد إرتفعت بنسبة 1% بالمقارنة مع الربع الاول من العام الفائت لتصل الى نحو 9.33 مليارات دولار، أما الايرادات النفطية فقد إرتفعت أيضا خلال هذه الفترة من السنة المالية بنسبة 115% بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2016 ووصلت الى نحو 45.4 مليارات دولار بدعم اساسي من تحسن أسعار النفط عالمي بعد إلتزام الدول المنتجة بإتفاق فيينا لخفض الانتاج العالمي من النفط وغيرها من الاسباب التي دعمت الاسعار.

أما الانفاق العام فقد سجل نحو 45.3 مليارات دولار في الربع الاول من السنة المالية السعودية أي بتراجع نسبته 3% عن حجم الانفاق في الفترة ذاتها من العام الفائت وايضا يمثل هذا الانفاق 19% من إجمالي الانفاق العام المحدد ضمن موازنة العام 2017 بكامله، وهو مستوى جيد، ويؤكد على نجاح الخطة التي وضعهتها الحكومة لضبط الانفاق وترشيده لعدم تخطى الحجم الكلي المحدد مسبقا. وفي تفاصيل توزيع الانفاق العام خلال الربع الاول من هذا العام، تشير ارقام وزارة المال السعودية الى ان تخصيص ما يقارب 46% من هذه الاموال للقطاعات الاساسية في البلاد وعلى رأسها قطاعات التعليم (23% من الانفاق) والصحة والتنمية الاجتماعية والخدمات وغيرها. وتؤكد هذه الارقام التحسن المستمر في كفاءة الإنفاق، في الوقت الذي يشدد فيه الحكومة على أهمية إصدار هذه التقارير الدورية التزاتم منها بالشفافية والإفصاح المالي، في وقت تواصل فيه العمل على تطبيق مبادرات برنامج التحوّل الوطني ضمن رؤية المملكة 2030 الهاجفة الى تنويع موارد الاقتصاد والاعتماد بشكل أكبر على تشجيع الاستثمارات الأجنبية. وقد نجحت المملكة في تحقيق هذه التحسن الكبير على الصعيد المالية نتيجة التزامها حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومة في برنامج التوازن المالي والتي ساعدت في تأيمن المزيد من الايرادات مع تنويع مصادر الدخل بالاضافة الى ضبط الانفاق وصولا الى تخفيض النفقات غير المجدية بعد ترتيب الاولويات وتأمين إحتيادات المواطنين.

"رؤية السعودية 2030"

كل تركيز المملكة حكومة ومسؤوليين سيتركز في الفترة المقبلة على تحقيق رؤية السعودية 2030 في الوقت الذي تسعى فيه البلاد للوصول إلى ميزانية متوازنة بحلول العام 2020. ولتحقيق هذا الامر إتخذت المملكة إجراءات كبيرة، الغت العديد من المخصصات، وأقرت خصصة المشاريع لإشراك القطاع الخاص، ووضع خطط لتنويع مصادر الدخل وتعزيز كل القطاعات الاقتصادية والانتاجية في البلاد، وصولا الى طرح جزء من اسهم شركة النفط العملاقة ارامكو في البورصة. أما فيما يتعلق بخطط التقشف، فالامير محمد بن سلمان لم يستبعد في مقابلته الاخيرة إمكانية العودة إلى هذه الإجراءات والتي شملت تقليص الإنفاق وخفض المشروعات وإلغاء مؤقت لبدلات العاملين بالدولة، وهذا الامر قد يطبق مجددا في حال مرت المملكة بمرحلة حرجة مرة أخرى. وفي نيسان الفائت أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مرسوما ملكيا يعيد جميع البدلات المالية إلى موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين بعد استقطاعها في إطار إجراءات تقشفية في المملكة. وكانت السعودية خفضت في أيلول 2016 مرتبات الوزراء بنسبة وصلت حتى 20% وقلصت البدلات المالية لموظفي القطاع العام، وقد أعادت كل هذه البدلات بعد تحسن الإيرادات النفطية وغير النفطية، والارقام الصادرة عن وزارة المال تؤكد هذا الامر. وأيضا من الاجراءات التي شرّعت بها المملكة إنشاء صندوق للاستثمارات العامة والذي ساهم في إدخال عشرات المليارات من الدولارات لخزينة الدولة للمرة الاولى في عامي 2015 و2016 مع توقيعات ولي العهد في إرتفاع هذه المبالغ في العام 2017 والأعوام المقبلل، على ان تخصص 50% من استثمارات الصندوق في الاقتصاد السعودي المحلي.

ما هي أبرز نقاط هذه الرؤية؟

- أضخم صندوق استثمارات بالعالم

كشفت الرياض عن خطة لإنشاء صندوق الثروة السيادية، سيستثمر في الدخل السعودي وفي الخارج لتنويع مجالات الاقتصاد وخلق مصادر دخل جديدة للحكومة. وتتوقع الحكومة ان يصل حجم الصندوق الى 2.5 تريليون دولار في حلول العام 2030 اي أكثر من ضعف حجم صندوق الثروة السيادية النرويجي الاكبر في العالم. وكان أشار الأمير محمد بن سلمان أن الصندوق سيسيطر على أكثر من 10% من القدرة الاستثمارية في الكرة الأرضية، ويقدر حجم ممتلكاته بأكثر من 3%" من الأصول العالمية.

- خطط الخصخصة

أعلنت المملكة نيتها طرح 5% من عملاق النفط أرامكو للإكتتاب العالم في البورصة على ان تخصص العائدات لتمويل الصندوق السيادي السعودي، في قدرت المملكة أرامكو بأكثر من تريليوني دولار. وبالاضافة الى ارامكو، وضعت المملكة عدد من الشركات الحكومية الاخرى أيضا ضمن خطط الخصصة والطرح في البورصة لتعزيز إيراداتها.

- دعم الصناعات المختلفة

تسعى الحكومة السعودية الى تدعيم وتطوير الصناعات والتكنولوجيا والسياحة والتعدين المحلي مما قد يساهم في رفع إيرادات هذه القطاعات غير النفطية الى ما يقارب 266 مليار دولار بحلول العام 2030 بالمقارنة مع نحو 43 مليارا نهاية العام 2016. وإستنادا الى هذه الخطة، تهدف المملكة الى خفض معدلات البطالة الى 7% من 11.6% نهاية العام 2016 مع إضافة مليون فرص عمل جديدة في قطاع التجزئة خلال السنوات الاربع المقبلة، بالاضافة الى زيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22% الى 30%. وأيضا تسعى المملكة لإنشاء مجمعا ضخما للطاقة الشمسية شمال البلاد بالاضافة الى انها ستركز في الفترة المقبلة على تحسين صناعاتها العسكرية بعد إنشاء شركة قابضة للصناعات العسكرية مملوكة 100% للحكومة تطرح لاحقا في السوق السعودي.

- السياحة الدينية

من ابرز نقطاع رؤية السعوجية 2030، دعم وتطوير السياحة الدينية في المملكة ما قد يرفع عدد الحجاج الى 30 مليون سنويا بحلول العام 2030 بالمقارنة مع نحو 8 ملايين في الوقت الحالي. كما تهدف المملكة لإنشاء أكبر متحف إسلامي في العالم وتحديدا في العاصمة الرياض.

- اقوى إقتصادات العالم

وضعت المملكة هدفا اساسيا يجب تحقيقه في السنوات القليلة المقبلة الا وهو جعل المملكة العربية السعودية ضمن قائمة افضل وأكبر 15 إقتصاداً في العالم بالمقارنة مع المركز 20 الذي تحنله حاليا، معالتركيز على تطبيق نظام البطاقة الخضراء خلال السنوات الخمس المقبلة بهدف تحسين المناخ الاستثماري. والبطاقة الخضراء تسمح بالإقامة الدائمة في المملكة وهو شبيه بنظان "الغرين كارت" الاميركي.


[email protected]

Twitter: @mauricematta


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم