الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ماكرون وبريجيت كسرا التقليد، لمَ يتزوج الرجل امرأة أكبر منه سناً؟

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
ماكرون وبريجيت كسرا التقليد، لمَ يتزوج الرجل امرأة أكبر منه سناً؟
ماكرون وبريجيت كسرا التقليد، لمَ يتزوج الرجل امرأة أكبر منه سناً؟
A+ A-

قصة الزواج غير التقليدية التي تجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته السيدة الأولى بريجيت لا تزال موضع انتقادات وافتراضات وشائعات. ماكرون الذي صرَّح في حديث لصحيفة "لو باريسيان" أنني "لو كنتُ أكبرُ زوجتي بـ 20 عاماً لما فكَّر أحدٌ لثانية واحدة في كيفية حصول ذلك". في المقابل، يصوِّب الرأي العام الفرنسي والعالمي على هذا الزواج، ويضعه المنتقدون في خانة "الانتقام الاجتماعي" الذي أرساه ماكرون وفق قولهم، سعياً منه "للانتقام من الرجال الأقوياء الذين يسعون إلى زوجات أصغر سناً". ما يثير تساؤلات عن مدى غرابة هذه العلاقة؟

الفجوات العمرية بين الرؤساء الفرنسيين وزوجاتهن 

الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون هو أصغر رئيس يحكم الجمهورية الخامسة، وليست هذه ميزته الوحيدة مقارنةً بأسلافه، بل إنَّ الفجوة العمرية بينه وبين زوجته هي الأكبر مقارنة برؤساء #فرنسا السابقين. فقد كان كل من شارل ديغول وفرنسوا هولاند على حد سواء أكبر بما يقرب من العشر سنوات من شريكاتهم عندما تولوا الرئاسة. وثمة عامل آخر طغى على الحياة الشخصية لرؤساء فرنسا وهو العلاقات العاطفية خارج نطاق الزواج والمعروفة جيداً، وقد يكون أبرزها علاقة فرنسوا ميتران الطويلة والمتوترة مع مؤرخة الفن آن بينغو التي كانت تصغره بـ 27 عاماً.

الفارق بين إيمانويل وبريجيت هو 24 عاماً، فيما تكبر سيغولين رويال، الوالدة لأربعة أبناء، فرنسوا هولاند بـ9 سنوات. أما هولاند فيكبرُ كلاً من فاليري تريرويلر وجولي غاييت التي ارتبط معهما في مراحل متتالية بعلاقة عاطفية. أما الفوارق العمرية بين الرئيس جاك شيراك وزوجته فـ 6 أشهر، وفرنسوا ميتران وزوجته 8 سنوات، فاليري جيسكار ديستان وزوجته 7 سنوات، وسنة واحدة بين جورج بامبيدو وزوجته، و10 سنوات بين الرئيس شارل ديغول وزوجته.

وفي جميع أنحاء العالم تزداد الصورة تعقيداً، فقادة أكبر 20 اقتصاداً في العالم، ثلاثة منهم على الأقل لديهم فجوات كبيرة في السن مع شريكاتهم، حيث يكبر الرجال زوجاتهم بسنوات شاسعة، من بينهم رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما الذي يكبر زوجته بـ 38 عاماً، وميشيل تامر رئيس البرازيل الذي يكبر زوجته بـ 33 عاماً، والرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يكبر زوجته بـ 24 عاماً. وذلك يشير إلى أنَّ قادة أكبر الاقتصادات في العالم يميلون إلى تفضيل الشركاء الأصغر سناً. وحدها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تختلف عن الرؤساء ولكنَّ حياتها لا تتناقض مع القاعدة العامة فزوجها يكبرها بخمس سنوات. 

نعيش في مجتمع عنصري  

ماكرون وفي حديث له مع صحيفة "لو باريسيان" اعتبر أن "الكراهية والمثلية كانتا المسؤولتين عن الافتراضات بأنه من غير الممكن أن يحب ويتزوج بامرأة تكبره بـ 24 عاماً، موجهين إليه اتهامات بأنه "يعيش حياة موازية". ماكرون أكد على أهمية عدم تشكيك أحد في صحة علاقته ببريجيت، وأرجع هذه الانتقادات إلى الأشخاص الذين ينتمون إلى آراء "تقليدية ومتجانسة" بشأن المجتمع. فيما اعتبر الناس أنَّه "من غير الممكن الدفاع عن هذه العلاقة، إذ إنها غير ممكنة". في هذا الإطار، سألت "النهار" الاختصاصي في العلاج النفسي العائلي والزوجي روني أبو ضاهر، فشرح أنَّ "العادة في مجتمعاتنا ومعظم مجتمعات العالم هي أن يكون الرجل أكبر من زوجته، وكل ما هو خارج عن العادة لا نفكر فيه بطريقة منطقية، فيكون الانتقاد هو رد الفعل الأول لنا. فيما المجتمع ليس باحثاً أو فاحصاً في الأسباب الموجبة لأن يكون الزوج أكبر من زوجته، مما يجعل الانتقاد غير مبني على معرفة. وهذا ما يؤشر إلى أننا نعيش ضمن مجتمع عنصري يرفض الآخر المُختلف عنه من دون أي تبرير منطقي".

ولكن ما الدوافع التي تحثُّ الرجل لاختيار شريكة أكبر منه في السن؟ يجيب: "الرجل أو المرأة عندما يختاران شريكهما هدفهما إشباع الحاجات الأقوى لديهما، فنحن نملك مجموعة من الحاجات منها نفسية – اجتماعية، نفسية – عاطفية، نفسية – فكرية، إضافةً إلى اعتبارات اقتصادية أو اكتساب سلطة، وأخرى جنسية. وفي ما يتعلق بحياة الرئيس الفرنسي لا بدَّ من أنَّه يملك حاجات تمكنت زوجته من إشباعها، وحده الكفيل بالإجابة عن ماهيتها".

صورة غير صحية 

بريجيت ماكرون ليست الزوجة فقط بل المعلمة أيضاً، فهل للمسألة علاقة بحب التلميذ لمعلمته كما هو شائع لدى الأطفال الصغار الذين غالباً ما يفصحُون عن رغبتهم في الزواج من معلماتهم؟ فيلفت إلى أنَّ "الطفل بين الـ 3 و6 سنوات يشعر بمشاعر حب لا محبة تجاه والدته، وفي سن السادسة أي بعد دخوله إلى المدرسة يحول حبه من أمه إلى معلمته في إطار ما يسمى بـ "النقلة". أما في سن الـ 15 تصبح المسألة مختلفة لأنَّ مشاعر الحب تنضج أكثر من تلك الطفولية لتأخذَ أبعاداً جنسية فتطبع الخبرة الجنسية الأولى في هذا العمر حاجات المراهق الشاب. ومن هنا، قد تكون العلاقة التي جمعت ماكرون ببريجيت أسست ركائزها هذه العلاقة. قد تتغير حاجات ماكرون التي كانت في سن الـ 15 وحالياً في الـ 39 عن تلك التي ستنضجُ مع تقدمه في السن وحدها الأيام ستشكف متانة علاقتهما".

ولكنْ ألا تؤثر هذه العلاقة غير التقليدية على صورة العائلة في أذهان الأجيال المقبلة؟ فيؤكد أنَّ "هذه الصورة تُعتبر غير صحية إذ توحي للمجتمع بأنَّ العلاقة بين الأم وابنها أو العكس طبيعية، وهو بالأمر الخطأ الذي يوضع في خانة "الانحراف الجنسي". كما أنَّ زواج رجل بامرأة تصغره بعشرات السنوات يدخلُ أيضاً في المجال النفسي ضمن خانة الانحراف على الرغم من الاعتراضات الأقل التي تواجه زواجاً مماثلاً في مجتمعاتنا".


زواج إيمانويل ماكرون من بريجيت ترونيو نموذج نادر بين العائلات الفرنسية. ففي عام 2012 أظهرت الإحصاءات أنَّ في 56% من الزيجات كان الرجال أكبر سناً من زوجاتهم، وهو بالرقم غير المستغرب في ظل الهيمنة الذكورية في كل المجتمعات. ليشكل زواج الرجل من امرأة تكبره سناً وفق بعض المحللين بداية اختراقٍ للسائد عبر المساواة بين الجنسين.  

[email protected]

Twitter: @Salwabouchacra


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم