السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

حالات انتحار في الشوف تثير القلق... أي دوافع؟

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
حالات انتحار في الشوف تثير القلق... أي دوافع؟
حالات انتحار في الشوف تثير القلق... أي دوافع؟
A+ A-

لا يكاد يمر أسبوع من دون أن يشهد لبنان جريمة قتل مروعة. 36 جريمة انتحار هزَّته منذ بداية كانون الثاني الماضي حتى آذار. وتشير الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى وفاة شخص كل 40 ثانية انتحاراً. 6 حالات انتحار شهدها قضاء الشوف وحده منذ مطلع العام، وقد خضَّته جرأة شبان في مقتبل العمر على الانتحار، لينضم الى قافلة الأقضية اللبنانية التي لفحتها هذه الظاهرة أخيراً في البترون وبعبدا وصيدا والنبطية والعاصمة بيروت. ظاهرة تكاد تكون غريبة عن الشوف، مما جعلنا نبحث في الأسباب الكامنة وراءها. 

غياب الدولة والانحدار الاجتماعي

"غياب الدولة والوضع الاجتماعي المؤثر والعنف المتفشي في مجتمعنا ومن حولنا"، من الأسباب المؤدية إلى الانتحار بحسب أستاذة قسم علم النفس في الجامعة اللبنانية الدكتورة منى فياض في حديث الى "النهار". وتوضح أنَّ الانتحار "عمل ينتج من الحروب والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية كالبطالة والإدمان، إضافة إلى معاناة هؤلاء الشباب هشاشة في حياتهم الشخصية، ليأتي مؤثر خارجي يدفعهم إلى الانتحار. أما ربط البعض بين الدين والانتحار فمرفوض، لأنَّ رجل الدين ليس مخولاً إيجاد حلول لمشاكل شبان أي طائفة أو منطقة. بتنا نخضع للرأي العام وللسلطة السياسية التي تقسمنا كأبناء طوائف لا أبناء دولة، ونعيش انحداراً على كل الصعد، في غياب مؤسسات الدولة ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والمدارس، وفي غياب تطبيق القانون الذي يجب أن يحمي من يلتجئ إليه".

الوسطية نموذجاً

يتحدث البعض عن انخفاض نسب الوعي الاجتماعي والانغلاق في ظل الغياب الواضح لفاعلية الأهل في التربية وتحصين أولادهم. حالات انتحار طالت منطقة محددة، عزاها البعض إلى غياب اطلاع الشبان على الركائز والتعاليم الدينية، للحد من هذه المحنة التي تجتاح مجتمعنا وشبابنا. وفي هذا الإطار، استغرب مستشار شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ غسان الحلبي في حديثٍ الى "النهار" ربط الانتحار بعامل الدين، بل ردَّه إلى "عوامل مرتبطة بإدمان المخدرات، والبطالة، والوضع الاقتصادي السيئ، واليأس من الحياة الاجتماعية. وأوضح أنَّ "الدين أبوابه مفتوحة وحلقات المُذاكرة متاحة في كل قرية. كما أنَّ سماحة شيخ العقل يستكمل نهج شيخ العقل السابق محمد أبو شقرا في ما يسمى "الوسط"، أي فتح الباب للناس من دون شروط الالتزام الديني الدقيق، ويمكن أي شاب أو فتاة التردد إلى هذه الأماكن التي تقدم فيها محاضرات دينية أسبوعية، والمثال المحتذى حالياً هو "صف عبيه" الذي أنشىء منذ 6 سنوات، وفي مناطق أخرى منها راشيا والشوف، ومتوافرة في لقاء الجمعة في دار الطائفة الدرزية في بيروت. كما أنَّ التقليد لدى المشايخ الكبار هو الأبواب المفتوحة لاستقبال كل الباحثين عن الراحة النفسية والمشورة وطلب الدعاء".

الصحة النفسية والجسدية

نسأل الدكتور في علم الدماغ السلوكي أنطوان سعد عن الدوافع النفسية والاجتماعية لظاهرة الانتحار، فيشرح أنَّ "اتخاذ قرار الانتحار ليس مرتبطاً بالظروف الاجتماعية-الاقتصادية أو العائلية، فهذه عوامل ثانوية تؤثر فيه ولا تسببه. أما السبب الأساسي فيكمن في مجموعة من العناصر المرتبطة بالصحة النفسية والجسدية. والمشاعر هي صلة الوصل بين الفكر والجسم، وهذه المشاعر هي الطريق الأساسي الذي يدفع الإنسان إلى الإقدام على هذا الفعل. إذ إنَّ المشاعر السلبية الممزوجة بالعذاب، أو اليأس، والخوف، والغضب، والحزن الشديد، تصبح ثقيلة ولا يستطيع أي كان تحمُّلها.

وهناك أسباب أخرى منها:

- العزلة الاجتماعية والوحدة القاتلة: يحسُّ الشخص أنَّ ما من أحدٍ يفهمه ولو كان محاطاً جسدياً بعائلة كبيرة، إلاَّ أنه يفتقد معنوياً الدعم الاجتماعي فيشعر بوحدة قاتلة تدفعه الى الانتحار.

- الوضع النفسي غير المستقر: ينجم هذا الوضع عن حالة مرضية كالاكتئاب والقلق وإدمان الكحول والمخدرات، مما يجعله أكثر عُرضة للانتحار، وشبان هذه الأيام مدمنون الدخان والنرجيلة وغير ذلك من الممنوعات.

- الأذى أو الانتحار السابق: من أقدم على محاولة الانتحار سابقاً يكون عرضة لإعادة هذه التجربة، وإذا كان أحد أفراد أسرته أو ضمن محيطه قد انتحر فيصبح الخطر لديه أعلى.

في الخلاصة، الحافز للانتحار مردُّه الى عجز الإنسان عن التعامل مع مشاعره. لذلك، أعملُ على كُتيِّب تحت عنوان "التربية العاطفية"، هدفه محو الأمية العاطفية. وهذا البرنامج كفيل بتوعية الأفراد على إدارة مشاعرهم وأحاسيسهم السلبية من دون الاتكال على مشورة الأهل أو استشارة الطبيب النفسي، فيتعلم الشخص الذي يعاني يأسا أو حزنا أو اكتئابا واستسلاما، تطوير وعيه العاطفي ليمتلك تالياً حماية ذاتية تتيح له التوصل إلى حل لأي مشكلة".

36 حالة منذ بداية 2017

إلى ذلك، تبيّن الأرقام الصادرة عن "الدولية للمعلومات" ارتفاع نسبة الانتحار بين اللبنانيين بشكل مطّرد. وتشير الأرقام التي حصلت عليها "النهار" إلى تخطي الحالات الـ 100 في سنة واحدة، وهو رقم يجب عدم إغفاله.

السنوات وعدد الحالات:

في العام 2014: 144 حالة

في العام 2015: 138 حالة

في العام 2016: 128 حالة 

في العام 2017: - 17 حالة في شهر كانون الثاني 

                     -  8 حالات في شهر شباط 

                    - 11 حالة في شهر آذار

يحتلُّ الانتحار المرتبة الثانية لأهم أسباب الوفاة بين الشباب في الفئة العمرية بين 15 و29 عاماً، وهذه الأرقام المرتفعة يجب أن تدقَّ ناقوسَ الخطر في دولة تهجِّر شبابها لأسباب اقتصادية، وهي اليوم تقف متفرجةً عليهم وهم يختارون الموت لا الحياة سبيلاً للخلاص.

 [email protected]

Twitter: @Salwabouchacra





حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم