الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لماذا "أطيب منقوشة" في سن الفيل؟

المصدر: "النهار"
نيكول طعمة
لماذا "أطيب منقوشة" في سن الفيل؟
لماذا "أطيب منقوشة" في سن الفيل؟
A+ A-

لماذا "أطيّب ترويقة" في سن الفيل؟ لأن ثمة أطفال نلتقي بهم قرب بعض الأفران وهم في طريقهم إلى المدرسة يتسولون اللقمة لسد جوعهم. هؤلاء لن يقولوا لنا بعد اليوم "دخيلك أنا ما بدي مصاري بس إذا بتريد اشتريلي منقوشة جوعان"... لا بل سيأتون بكل كرامة إلى فرن خاص يأكلون فيه من دون أي مقابل. 

يقع الفرن بين مدرستين رسميتين في ضهر الجمل في منطقة سن الفيل. يخبرنا عن هذه المبادرة الإنسانية مؤسِس جمعية "سعادة السماء" كاهن الطريق الأب مجدي علاوي، متحدّثاً إلى "النهار" عن "فرن أطيّب ترويقة" الذي انطلق الأسبوع الماضي بالتعاون مع بلدية سن الفيل بشخص رئيسها نبيل كحالة، يقول: "افتتحنا هذا الفرن من حاجة أساسية لمسناها بعدما لاحظنا أن كثيراً من الأطفال يذهبون إلى مدارسهم صباحا بلا سندويشة أو من دون أن يتناولوا وجبة الفطور، كما أن أعداداً كبيرة من العجزة والمسنين المتروكين لا يستطيعون تناول أدويتهم في الصباح لعدم توافر رغيف خبز يسدون به جوعهم". يضيف أنه بلا أكل لا يقوى التلميذ على التركيز في الصف وتحصيل العلم والنجاح.


"نبيل كحالة قدوة في العمل الإنساني والبلدي"، على ما وصفه الأب علاوي، "لأنه استجاب في أقل من عشر دقائق وبلا تردد بمساهمة البلدية في المشروع من خلال تقديم المكان والمساعدة على إنجاز الفرن نظراً إلى أهمية هذا العمل الذي يؤمن اللقمة للفقراء الجائعين". ويشير إلى أن كحالة أخذ موضوع الفرن على عاتقه، "لأنه يرى الإنسان أهم من القوانين، خصوصاً أنه أعفانا من دفع القيمة التأجيرية كون جمعيتنا لا تتوخى الربح".

يستقبل هذا الفرن أفراداً وعائلات فقيرة، لبنانية وغير لبنانية، محرومة من زيارة الأفران بسبب العوز، لأكل أطيّب منقوشة بنكهاتها المتنوعة لم يكونوا ليحصلوا عليها قبل افتتاح هذا المكان.

"يشترك في خدمة رواد هذا الفرن، بكل محبة وعطاء، شيف ومتطوعون شباب وشابات من مختلف الجامعات، إلى جانب ربات منازل وأزواجهن"، يقول الأب علاوي، مشيراً إلى أن فرن "أطيب ترويقة" مفتوح خمسة أيام في الأسبوع من الاثنين إلى الجمعة، من السابعة صباحاً حتى الحادية عشرة ظهراً أمام العجزة وتلامذة المدارس المحتاجين مع عائلاتهم من أي منطقة أو بلد أتوا من دون النظر إلى هوياتهم، جنسياتهم، أو طائفتهم. وبعد مراكز برج حمود، النبعة، سد البوشرية لـ"سعادة السماء"، اليوم الفرن الأول لهذه الجمعية الإنسانية في سن الفيل، وقد اختارت "سعادة السماء" أحياء يعيش فيها لبنانيون، لاجئون سوريون، ومن جنسيات مختلفة صغاراً وكباراً للإلتقاء يومياً حول لقمة شهيّة يتوقون إليها، في أجواء من الفرح تغمرهم وتخفف معاناتهم...


حلم الأب علاوي أن يفتتح في كل المناطق والأحياء الفقيرة مقراً للطعام المجاني، وتمكن حتى الآن من إنشاء مجموعة "سناك" لإطعام الفقراء، وسوبرماركت "سوق الأربعاء بنص الجمعة". والحلم الأكبر لديه يبقى في استحداث مستشفى مجاني ومدرسة خاصة بذوي الحاجات الخاصة وتحديداً المصابين بالتوحد، "لأنني أؤمن بأن أولاد الشوارع سيصبحون يوماً ما مهندسين، محامين، أطباء وغير ذلك...".

ولدى سؤاله عن الجهة التي تساعد الجمعية مادياً كي تستمر في تحقيق مشاريعها، يجيب دوماً: "أقولها بصدق إنها عطيات الروح القدس ومشاريعه وليست مشاريعي، لذلك يدعمنا خيرون طيّبون يؤمنون برسالتنا الإجتماعية والإنسانية".

ما يقوم به الأب علاوي تعجز الدولة اللبنانية عن توفيره... فماذا لو وُجد آخرون من أمثاله في لبنان، لربما خلت طرقنا من الجائعين والمهمّشين وأولاد الشوارع...

[email protected]

Twitter: @NicoleTohme







حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم