الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

المواجهات في عين الحلوة : الحسم صعب والاستنزاف الطويل احتمال قائم

ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
المواجهات في عين الحلوة : الحسم صعب والاستنزاف الطويل احتمال قائم
المواجهات في عين الحلوة : الحسم صعب والاستنزاف الطويل احتمال قائم
A+ A-

هذه المرة أقدمت حركة "فتح". اطلقت قفاز التحدي في وجه المجموعات المتشددة في مخيم عين الحلوة ونجحت في تبديد رهانات استمرت سنوات، فحواها انها لن تتجرأ على اتخاذ القرار الصعب ولن تجرؤ لاعتبارات عدة على ركوب المركب الخشن، لكنها كسرت المحرمات وبدأت قبل اكثر من 48 ساعة مواجهة اعطتها طابع الحسم بغية تحقيق حزمة اهداف دفعة واحدة:


- الاثبات عمليا انها (اي "فتح") ما برحت الرقم الصعب في المعادلة الفلسطينية داخلياً وفي الشتات، وانها ما زالت بما تمثل من شرعية نضالية وسياسية هي مرجعية القرار في اكبر تجمّع بشري فلسطيني في لبنان (نحو مئة الف لاجىء) يتمتع الى حد كبير بنوع من الحكم الذاتي كون السلطة اللبنانية بكل اجهزتها تقف عند مداخله وعند حدوده ولا قرار لديها بالدخول اليه وجعله تحت سيطرتها وسطوتها.
- تبديد اعتقاد سرى أعواماً جوهره ان نفوذ أكبر الفصائل وأعرقها هو الى ضمور وتقلّص في المخيم الفلسطيني الاكبر في مقابل تقدم نفوذ المجموعات المتشددة على انواعها وامساكها المطّرد بمفاصل القرار في المخيم، خصوصاً ان بعضها، ولا سيما مجموعة بلال بدر، قد جاهر بمبايعته لتنظيم "داعش" ويسعى أن يكون ذراعها الضاربة في لبنان، فيما لا يخفي البعض الآخر ارتباطاته بالمجموعات المتشددة في الساحتين السورية والعراقية، وانه يشكل لها رديفاً خلفياً واحتياطاً غب الطلب.
وعليه، كلما ارتفع الحديث في الاوساط السياسية في بيروت عن خطر كامن يتمثل في امكان ان تقدم المجموعات المتشددة ذات يوم على إقامة رؤوس جسور لها في الداخل اللبناني، توجهت الانظار تلقائيا نحو عين الحلوة متخوفة من تكون المجموعات المتشددة المنتشرة هناك احتياط الفتنة الجاهز لدور ما، او الخلايا النائمة المنتظرة أمر عمليات للتحرك والفعل.
ومما زاد في هذا الاعتقاد ان المجموعات المتشددة في المخيم حصّنت مدى الاعوام الـ 10 المنصرمة نفسها داخل احياء ومناطق محددة، اي انها تعدّ نفسها للمواجهة ولمثل هذه المرحلة منذ زمن، وقد حالت دون انتشار القوة الامنية التي كانت الفصائل تتفق على تشكيلها بدعم من السلطة اللبنانية بهدف تولي الامساك بزمام الامن في المخيم وانهاء كل مظاهر التمرد والفوضى والفلتان.
فضلاً عن ذلك، جعلت هذه المجموعات من هذه الاحياء والمناطق المقفلة ملاذاً آمناً لكل المطلوبين من الدولة بتهمة او بأخرى، مثل شادي المولوي والفنان "التائب" فضل شاكر وسواهم العشرات من لبنانيين وغير لبنانيين.
ومعلوم ان الدولة، ولاسيما الاجهزة الامنية المعنية، كانت دوما تنسق مع حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير طالبة منها:
- بذل كل ما في وسعها للحيلولة دون فقدان الإمرة ودور المرجعية في المخيم وتقديمه لقمة سائغة للمتشددين لان ذلك من شأنه ان يسفر عن مخاطر كبرى وتداعيات سلبية.
- العمل على تسليم كل المطلوبين للدولة، او على الاقل منع تحويل المخيم بؤرة خارجة على النطام العام وملجأ لكل الفارين من وجه العدالة.
- ضبط الاوضاع الامنية في المخيم والحيلولة دون تحوله بؤرة فلتان عبر انهاء عمليات الاغتيال والقتل والتفجير وفتح ابواب المواجهات المسلحة.
ومعلوم ايضا ان "فتح" والفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير وفصائل اخرى كانت تحاول دوما تنفيذ ما يطلب منها او ما تتعهده، لكنها كانت تحذر من المضي قدماً في المواجهات حتى النهايات الحاسمة لاجتثاث مظاهر الفوضى والفلتان تحت شعار: الحرص على الحيلولة دون إغراق المخيم المكتظ في دوامة عنف جارفة وعاصفة فوضى قد لا تنتهي.
اما وقد بلغت الامور في الساعات القليلة الماضية المحظور وما كان يخشاه الجميع، فالواضح ان القرار الصعب والحاسم قد اتخذه جميع المعنيين، خصوصاً ان المعلومات الواردة لـ "النهار" تؤكد دخول مستجدات نوعية على الموقف، ابرزها:
- حشد "فتح" لمزيد من مقاتليها في الميدان بعدما استقدمت ما لا يقل عن 250 عنصراً من مخيمات الرشيدية والبرج الشمالي والبص ومخيمات اخرى.
- توافر غطاء "اسلامي" لقرار "فتح" هو الاول من نوعه ويتمثل بدعم واضح وحاسم من "عصبة الانصار" وحركة "الجهاد الاسلامي" في موازاة عدم تماسك المجموعات المتشددة حول قرار واحد واستعداد بعضها لاداء دور الوسيط والمفاوض.
- دعم مطلق من الدولة ومن احزاب لبنانية تحت شعار انه آن اوان الحسم النهائي بغية تكريس وضع مستقر داخل المخيم لا يكون مصدر قلق للدولة والمحيط.
وعليه، فان السؤال المطروح هو: متى ساعة الحسم، واستطراداً متى تنتهي معاناة المخيم وسكانه؟
المعطيات الاولية المتوافرة من اكثر من جهة لا تؤشر الى ان المهمة سهلة امام حركة "فتح"، فاندفاعتها ومَن معها نحو حي الطيري داخل المخيم للسيطرة عليه وتحريره تواجَه بمقاومة شرسة من المتحصنين فيه (مجموعة بلال بدر ومن معها)، والذين يقدّر عديدهم ما بين 80 و120عنصراً، فضلا عن ان هؤلاء يقاتلون بروحية إما الاستمرار في الصمود والثبات في المواجهة لاطول وقت ممكن، واما ان عليهم ان يلاقوا مصيرا صعبا جدا قد يكون الانهاء والاجتثاث على غرار ما حصل لجماعة احمد الاسير.
وفي كل الحالات، فان الوضع في المخيم بات امام احتمال من ثلاثة:
- إما ان ينجح حشد "فتح" في المضي في ما بدأه، وبالتالي توجيه ضربة قاصمة لمجموعة بدر من شأنها فرض أمر واقع جديد على كل المجموعات المتشددة، بما معناه الانكفاء والتسليم، وإما الدخول في مرحلة استنزاف طويلة لا يمكن التكهن سلفا بخواتيمها.
- إما ان يقبل بلال بدر والقوى الواقفة في خندقه التسليم ولكن وفق شروط معينة يطلبها هو تجعله يحتفظ بدور ما ولو في شكل محدود.
- إما ان تكتفي "فتح" بالانجاز في الميدان، وبالتالي تعود الامور الى مربعها الاول في انتظار جولة عنف جديدة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم