الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الأسلحة الكيميائية ومحظورات أخرى

علي بردى
الأسلحة الكيميائية ومحظورات أخرى
الأسلحة الكيميائية ومحظورات أخرى
A+ A-

كتبت الضربة الأميركية المحدودة للقاعدة العسكرية السورية في حمص عمراً جديداً لمعارضي الرئيس بشار الأسد. أعادت بعض التوازن الذي اختل بوضوح لمصلحة الجيش النظامي بفضل تدخل الوحدات الجويّة الروسية والفرق الإيرانية وسواها من الميليشيات الشيعية المتعددة الجنسية. وضعت قواعد اشتباك جديدة للحرب في سوريا.
يتساءل كثيرون كيف يمكن إدارة الرئيس دونالد ترامب أن تحوّل مواقفها السورية ٣٦٠ درجة عملياً بين ليلة وضحاها. قادت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي مطلع نيسان سلسلة مواقف لا شك في أنها بعثت مزيداً من الارتياح في قلب الأسد ومريديه. أعلنت هايلي أن "أولويتنا لم تعد الجلوس والتركيز على تنحية الأسد (...) بالطريقة التي فعلتها الإدارة السابقة" للرئيس باراك أوباما. بدا كلام الناطق باسم البيت الأبيض شون سبايسر متسقاً إذ قال إنه "في ما يتعلق بالأسد، هناك واقع علينا أن نتقبله (...) ينبغي أن نركز الآن على هزيمة الدولة الإسلامية، داعش". صرح وزير الخارجية ريكس تيلرسون بأن "مصير الأسد يقرره الشعب السوري".
لم يخف الأسد وغيره من المسؤولين السوريين استعدادهم للتعاون مع الإدارة الأميركية الجديدة في خططها لمكافحة الإرهاب والإرهابيين. غير أن الأسد أساء - مثله مرات عدة سابقة - التقدير والحساب. حاول أن يضم ترامب الى "استثماره" المجزي حقاً في طموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأحكام الولي الفقيه مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. اعتبر أن الوقت حان للإجهاز بـ"كل الوسائل المتاحة" على ما تبقى من معارضة باعتبار المنتمين اليها ارهابيين، في "داعش" و"جبهة فتح الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً). لم يأت من فراغ منطق "المحبكجية" في شأن "استئصال سرطان الإرهاب حتى بالعلاج الكيميائي".
ارتكب الأسد على ما يبدو خطأ فادحاً آخر. رأى - ويا للمفارقة - أن ترامب غارق في الوحل الداخلي الأميركي. قبل أن ينهي أيامه المئة الأولى في البيت الأبيض، أحبط النظام القضائي قرارين تنفيذيين كان ينوي من خلالهما حظر دخول رعايا دول ذات غالبية مسلمة الى الولايات المتحدة. أخفق مشروعه في الكونغرس لاستبدال قانون الرعاية الصحية "أوباماكير". واجه ولا يزال يواجه متاعب بسبب ما يشاع عن علاقات بين مسؤولين في إدارته مع موسكو.
بعض هذه الاعتبارات ربما كان صحيحاً. غير أن "القيم الأميركية" التي لطالما استهتر بها الأسد وغيره - وعلى رغم "نومها العميق" أحياناً - لم تحتمل صور الأطفال يموتون اختناقاً بالغازات السامة في خان شيخون. استخدام الأسلحة الكيميائية وغيرها من المحظورات في قوانين الحرب، جعلت الأميركيين يتحدثون عن "حتمية" رحيل الأسد.
صدقوا أو لا تصدقوا!

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم