الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

بعدما تقرّر حسم الخلاف في مجلس الوزراء هل يتوافر الثلثان للموافقة على قانون للانتخاب؟

اميل خوري
A+ A-

بعدما قرّر الرئيس ميشال عون حسم الخلاف حول قوانين الانتخاب في جلسة لمجلس الوزراء تعقد الاثنين المقبل، فإن الأسئلة التي تطرح نفسها هي: هل يتوصل مجلس الوزراء الى اتفاق على قانون للانتخاب إما بالتوافق وإما بالتصويت، وهل تتوافر في مجلس الوزراء أكثرية الثلثين للموافقة عليه كما نص الدستور، وهل موافقة مجلس الوزراء تعني حتماً موافقة مجلس النواب أيضاً، وما العمل إذا تعذّر التوافق في مجلس الوزراء ولم يتأمن تصويت أكثرية الثلثين؟ هل يوضع لبنان مرة أخرى بين خيارين: إما التمديد لمجلس النواب الى أن يفرجها الله، وهذا خيار سيئ، أم يكون الفراغ وهو الخيار الأسوأ؟


إن عدم توصّل مجلس الوزراء الى توافق على قانون للانتخاب ولا تأمين أكثرية الثلثين، لا يحمّل الحكومة وحدها المسؤولية، إنما يحمّل الأحزاب الممثلة في الحكومة أيضاً، ويكون مجلس النواب مثل مجلس الوزراء مسؤولَين عن استمرار الخلاف على القانون.
لقد تجنّب الرئيس نبيه بري طرح قوانين الانتخاب المحالة على المجلس وحسم الخلاف عليها بالتصويت لأن الدستور لا ينص على أن تتم الموافقة عليها بالثلثين كما في مجلس الوزراء بل بالأكثرية. وهذه الأكثرية، إذا توافرت، فإنها لا تجعل القانون الذي يحظى بموافقتها ميثاقياً، ولا يكون كذلك إلا بموافقة الثلثين التي لم ينص عليها الدستور عند التصويت عليها في مجلس النواب، وقد تصبح متوافرة عندما تتم الموافقة عليها في مجلس الوزراء. إذ ليس معقولاً أن توافق أكثرية الثلثين على قانون للانتخاب وهي تمثل القوى السياسية في الحكومة ولا يوافق عليها النواب ممثلو هذه القوى.
لذلك، ارتأى الرئيس بري طرح مشاريع قوانين الانتخاب على التصويت في مجلس النواب شرط الموافقة عليها بالثلثين وإن لم يكن الدستور ينص على ذلك، وإلا فليصوّت عليها مجلس الوزراء حيث الدستور يلزم الموافقة عليها بأكثرية الثلثين لتكون تلك الموافقة ميثاقية، ولا ينبري أي حزب فاعل ممثل في الحكومة أو غير ممثل الى اعلان مقاطعة الانتخابات إذا كانت الموافقة غير ميثاقية. إلا أن ثمة من يرى أن تأجيل الانتخابات النيابية بات أمراً لا بد منه، ليس لدرس مشروع قانون الانتخاب فحسب، ولا للتدرّب على تطبيقه اذا كان في حاجة الى ذلك، إنما لأن التطورات التي تبدو متسارعة في سوريا قد تفرض أيضاً هذا التأجيل، سواء لأسباب سياسية أو أمنية إذا تأثرت مناطق الحدود بما يجري في سوريا. لذلك فإن مجلس الوزراء إذا نجح في الموافقة على مشروع من المشاريع التي تُطرح على التصويت بأكثرية الثلثين، وأحيل على مجلس النواب، فإن إحالته قد تعطي سبباً للموافقة على تأجيل الانتخابات بضعة أشهر بحجة أن مناقشة المشروع تحتاج الى أكثر من جلسة، عدا الوقت الذي يتطلّبه التدريب على تطبيقه، خصوصاً ان عطل الأعياد المقبلة باتت قريبة.
المهم أن موافقة مجلس الوزراء على أي مشروع قانون للانتخاب تفتح الباب للتمديد الحتمي من أجل مناقشته ومن ثم تدريب الموظفين والناخبين على تطبيقه. وخلال فترة التمديد لمجلس النواب تكون صورة الوضع في سوريا قد تبلورت، وصار في امكان مجلس النواب أن يقرر في ضوء هذه التطورات أياً من مشاريع قوانين الانتخاب هي الأصلح والأنسب للبنان المستقبل بحيث يصير في الإمكان الجواب عن سؤال: أي لبنان نريد؟ وقد يأتي الجواب من سوريا عندما يُعرف أي سوريا ستكون، الواحدة الموحدة بحدودها المعترف بها دولياً، أم سوريا المجزأة، إن لم يكن في إطار التقسيم ففي اطار "فيديرالية" تبقي على وحدة الأرض وإن لم تبقها على وحدة الشعب لأسباب سياسية ومذهبية. فهل بات ما يصيب سوريا قد ينعكس في رأي أوساط سياسية مراقبة على لبنان ويعود مصيره مرتبطاً بها؟ فاللجوء الفلسطيني الى لبنان ربط مصير السلام مع إسرائيل بحل قضيتهم فتحوَّل اللجوء الى شبه توطين وإن غير معلن، ولجوء السوريين الى لبنان قد يربط أيضاً مصير الوضع في سوريا بمصير هؤلاء. فإذا كان لبنان استطاع تحمّل عبء لجوء الفلسطينيين بمساهمة "وكالة الغوث"، فإنه لا يستطيع تحمّل عبء اللجوء السوري الكثيف بمساهمة غير مضمونة من الدول المانحة. وإذا كانت عودة اللاجئين الفلسطينيين الى أراضيهم متعذرة حتى الآن كونها محتلة، فليس متعذراً على اللاجئين السوريين في لبنان إن يعودوا الى أرضهم كونها غير محتلة إنما أن تكون آمنة، ولا بد من أن تصبح كذلك في وقت قريب إما من خلال حل شامل، وإما من خلال حل موقت يقضي بايجاد مناطق آمنة كتلك التي يلجأ إليها السوريون في الداخل هرباً من مناطق غير آمنة ويتوزعون عليها بحسب انتماءاتهم السياسية وحتى الدينية. فهل يمكن القول إن صورة لبنان المستقبل ترسمها التطورات في سوريا فلا يظل يواجه مرارة الاختيار بين السيئ والأسوأ؟!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم