السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

قباني متوجها الى المسؤولين عن الطائفة: اجمعوا كلمة المسلمين ووحدوا صفهم

A+ A-

ألقى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني خطبة عيد الفطر السعيد في مسجد محمد الامين في وسط بيروت، وأم المصلين بحضور مدراء المؤسسات التابعة لدار الفتوى وأعضاء المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى وحشد من العلماء والشخصيات.
وقال مفتي الجمهورية في خطبة العيد: "الله اكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، الحمد لله الذي من علينا بهذه الصبيحة المباركة اللامعة، ووفقنا لطاعته ورضاه، وبلغنا صيام رمضان هذا العام، وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح، جعل الليل سكنا، والشمس والقمر حسبانا، ذلك تقدير العزيز العليم، وأشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، أرسله الله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين، فأدى الامانة وبلغ الرسالة، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، صلاة وسلاما دائمين، في كل لمحة ونفس بدوام ملك الله.
اما بعد عباد الله: فان عيد الفطر هو عيد الفرح بإنجازنا فريضة الصوم في شهر رمضان هذا العام فكل عام وأنتم بخير، والعيد ايضا هو في إشعارنا لابنائنا في يوم العيد بقدرتهم على تغيير الايام كما غير الصم حياتهم، لا شعورهم بان الايام بنفسها تتغير، وقد قال الله في كتابه العزيز:"ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
ولذلك فقد خرج الصائمون اليوم من صومهم بعد فطرهم والحمد لله، أصلب عزما، وأقوى قلبا، وأصدق تجربة لمشاكل الحياة، وأكثر أملا في اقتحام صعابها، لقد غالبتهم المادة في صومهم فغلبوها، وحاولت الشهوات ان نستعبدهم فاستعبدوها، فأي شيء يقف بعد اليوم أمام عزيمتهم وأي شيء يخفض بعد اليوم من عالي همتهم.
ان العدل ايها الاخوة، هو اساس نظام هذا الكون، وعليه قامت السماوات والارض، وبه صلاح البلاد والعباد، ومن اجله أرسل الله الرسل وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، والله هو الحكم العدل، لا يحكم الا بالعدل، ولا يقضي الا بالحق، وهو الذي قال في كتابه العزيز "ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا نظلم نفس شيئا فلا نظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين".
ولذلك أمر الله عباده بالعدل والاحسان، ونهاهم عن الظلم والطغيان، وحرم الظلم على نفسه وعلى عباده، فقال الله في الحديث القدسي الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى انه قال:"يا عبادي، اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظلموا"، وقال سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم (اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة).
لقد جعل الله العدل والميزان ايها الاخوة، أساس الملك والحكم والتعامل بين الناس، فقال الله في القرآن الكريم: "والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان"، وأرشدنا الله الى ذلك فقال في القرآن الكريم:" ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل". وقد جعل الله الصدق ايضا اساسا وجوهرا في حياة الانسان فقال:" يا ايها الذين اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"، وحذر من الكذب في التعامل بين الناس فقال في كتابه العزيز:" ان الله لا يهدي من هو مسرف كذاب".
ألا فارفعوا رؤوسكم ايها المسلمون، وكونوا مع الصادقين، فان الامم لم تعرف في غابر الايام وحاضرها كأمتكم، حكمت بالعدل والصدق بين الناس، ونشرت الخير بينهم، وأظهرت الحق وأهله، وقمعت الباطل وزبانيته.
ايها اللبنانيون، انه لا أعظم من العدل اذا جاء ممن هو قادر على الظلم فلم يظلم، ولا أكمل من عدل الحاكم والمسؤول، الذي ينزل الله بسبب عدله من خير وبركة في البلاد، وما يجعله على يديه من أمن وأمان وطمأنينة في قلوب العباد ان هو عدل بينهم وصدق معهم، وقد عد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الحاكم العادل من بين سبعة سماهم فقال:" سبعة يظللهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله: وعد منهم "إمام عادل" اي حاكم عادل.
فسبحان من أحيا القلوب بالحق، وأنار الصدور بالعدل، وسبحان من ضيق بالظلم صدور الظالمين وبشر بالفرج قلوب المظلومين، ولقد بين الله لكم نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم أمركم فقال لكم:" خيار أئمتكم، تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم".
ايها المسلمون، ما أجمل ان نتذكر اليوم مع فرحتنا بالعيد، فرحتنا بعز هذا الدين، الذي دلنا فيه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على أفضل الجهاد فقال:" أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"، وما يحصل اليوم للمسلمين السنة في وطنهم وفي طائفتهم إنما هو ابتلاء لهم من الله وتمحيص ليميز الله الخبيث من الطيب، كما قال في القرآن الكريم:"وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور، وبهذا التمحيص يميز الله الخبيث من الطيب، فيجعل الخبيث مكشوفا، مهتوك الستر، مفضوح الجانب، لا يواريه شيء ويبقى الطيب منصورا بالله، لا يضره شيء، فهو اذا كان مع الله فمن يضره، واذا كان مع غير الله فمن ينفعه، انها سنة الله التي لا تتخلف ولا تتبدل، فما التقى الحق والباطل يوما في ساحة الا ونصر الله فيها الحق وأزهق الباطل، ان الباطل كان زهوقا".
الا فاستمسكوا ايها المسلمون بدينكم، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وإياكم والخوض في الفتنة بينكم ومع ابناء وطنكم مسلمين كانوا او مسيحيين، لا يقتل بعضكم بعضا، ولا يسفك بعضكم دماء بعض، احذروا الفتنة الكبرى التي يدبرها ويعدها لكم عدوكم للايقاع بينكم، وإحراق بعضكم دماء بعض، احذروا الفتنة الكبرى التي يدبرها ويعدها لكم عدوكم للايقاع بينكم، وإحراق وتدمير وطنكم لبنان، حققوا وحدة صفكم واجتماع كلمتكم، وسدوا الخرق بينكم، فانما يأكل الذئب من الغنم المتباعدة.
وكلمتنا الاخيرة في يوم العيد، نتوجه بها الى المسؤولين عن هذه الطائفة، ونقول لهم: سوسوا ابناءكم بما يرضي الله ورسوله، أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه، اجمعوا كلمة المسلمين، وحدوا صفهم، ابعدوهم عن استنزال طائفتهم وإدخالها في شقاق ونزاع مع بعضهم ومع الغير، لا تغرنكم السلطة والجاه، فانكم اليوم في الدنيا، وغدا عند الله موقوفون، وتنادون كما قال الله في كتابه العزيز:" وقفوهم انهم مسؤولون"، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم على الله خافية، فاعدوا منذ الآن لكل مسألة جوابها، والله يحكم بينكم بالحق، لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم